مصر.. التي لن يفجرها الإخوان

محمد الحربي

بعد سقوط حكم الإخوان المسلمون في مصر، وعزل الشعب للرئيس السابق محمد مرسي في 3/7 الماضي، لم يكن أحد من العارفين بالشأن السياسي أو ممن يقرأون التاريخ جيدا، يتوقع أن يمر الأمر بسلام كامل، أو أن يكون الإخوان وأنصارهم وديعين ومسالمين يقابلون الجميع بابتساماتهم البريئة ونظراتهم الملائكية ويوزعون الزهور على المصريين في الشوارع شكرا لهم على أنهم أسقطوهم!!
من الطبيعي أن يسعى الإخوان المسلمون وما تبقى من كوادرهم وأتباعهم لزعزعة الأمن في مصر، ولترويع الآمنين، ولتشكيك الناس في قدرة الدولة على حمايتهم والمضي بمصر نحو مستقبل آمن ومطمئن، وقد كتبت وقتها هنا في هذه الزاوية، أن الإخوان المسلمون سيستمرون لفترة من الزمن يحاولون إثارة الفوضى وإضعاف هيبة الدولة بعد إزاحتهم عن عرش مصر، من خلال عمليات القتل والتفجير وإحراق المحال والأماكن العامة، وهذا متوقع بالتأكيد، وليس بالمستغرب عليهم، فهذا ديدن كل أو معظم تيارات الإسلام السياسي عندما تخسر معركة أو حتى جولة في معركة، تتحول القيم والمثل التي كانوا يدعونها إلى رصاصات وأحزمة ناسفة تحصد الخير والشر، وتقتل المتهم والبريء، ولا تفرق بين أتباع الأديان، ولا يهمها من يموت، طفلا كان أو امرأة أو شيخا طاعنا في السن؛ لأنها عمياء لا ترى ودربت جيدا على أن لا ترى.
ولذلك انطلق مسلسل التفجيرات في مصر، بدأ بمحاولة اغتيال وزير الداخلية، مرورا بتفجير مديرية أمن الدقهلية، وتفجير المسجد في شبرا، والعودة مجددا لتفجير مديرية أمن الدقهلية، والحوادث المتفرقة التي لا بد منها مع كل تحرك لبقايا الإخوان في شوارع مصر، كذبح سائق هنا أو قتل مواطن هناك، وهذا كله إضافة إلى ما يحدث في سيناء بالطبع.
وما يحدث في سيناء معروف وواضح من يقف وراءه، هناك جماعات معروفة وتمارس أنشطتها الإرهابية بوضوح وتستهدف أجهزة الأمن والجيش وتسمي نفسها، ولا ننسى أن من سمح لها بالتواجد على التراب المصري هم الإخوان المسلمون في الأساس خلال حكم محمد مرسي، ويتعامل الجيش المصري الباسل معهم بوضوح وشدة وحزم.
أما من يعملون هذه الأعمال داخل المدن المصرية، فلا حاجة للتنبؤ أو للحيرة للتعرف على الأيدي القذرة التي تقف وراءها أو تنفذها، ولا حاجة لانتظار بيانات جهة إرهابية تعلن مسؤوليتها عن الحادث؛ لأن الإخوان المسلمون هم من يقفون وراء هذه الأعمال ولا شك في هذا حتى وإن أعلنت جهة إرهابية أخرى مسؤوليتها عنها، فلولا سماح الإخوان لهم بالتواجد في الساحة المصرية لما تمكنوا من تنفيذ أجنداتهم الآن؛ لأن كل الطيف المصري يتكاتف الآن ويعلن دعمه لمصر مستقرة وآمنة عدا الإخوان وأنصارهم، ويهرعون من كل الأطياف لنجدة المصابين والجرحى في تفجيرات المنصورة.
يحدثني بعض الإخوة والأخوات المصريين من أصدقائي على صفحتي في الفيس بوك عن غضبهم واستغرابهم من بعض ممارسات رجال الأمن وشدتهم واعتقال بعض الأبرياء المشتبه بهم في المظاهرات وخلافه، وأن نظام الديكتاتور قد عاد وأن البطش والقمع يعود، وأنه يساورهم كثير من القلق حول مستقبل مصر، وأقول لهم لولا هذه الإجراءات الشديدة لضبط الوضع في مصر لحدث في كل مدنها ما يحدث في مديرية أمن الدقهلية، ولتحولت القاهرة إلى بغداد جديدة.
وأقول لهم أيضا، مصر أكبر من كل هذا، وأوعى من أن تذهب ضحية أي مؤامرة مهما كانت قوة المتآمرين حولها أو عددهم.
هذه مصر، بلد كبير وقوي، وبمجرد الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، سينتهي كل هذا، وستعود الأمور إلى نصابها الصحيح بعد بعض من الوقت الذي سيبقى فيه أنصار جماعة الإخوان المسلمون ينازعون في الرمق الأخير قبل نهايتهم بالكامل، وتحولهم إلى مجرد جزء معتم في سجلات التاريخ لن يقرأه أحد.