جمعية الرأي وسؤال الحرية

شتيوي الغيثي

خطوة وجود جمعية تجمع شتات كتاب الرأي السعوديين بحد ذاتها تعتبر قفزة نوعية إذا ما قورنت مع سنوات ضياع الجهود في تشكيل رأي عام سعودي لم يجتمع تحت إطار واحد، ولذلك فهذه الخطوة ابتداء تأخذ قيمتها من كونها هدفا نبيلا يسعى إلى تحقيقه القائمون عليها -كما نتصورهم-.
هذه المقدمة الصغيرة تتبعها (لكن)، وما بعد لكن هو ما يمكن التركيز فيه أكثر من المقدمات، أقول: على الرغم من جودة الخطوة إلا أن الأمر في مسألة صناعة جمعية لكتاب الرأي يحتاج إلى أمور قد لا تتوافر كثيرا في الصحافة السعودية لعل مسألة حرية التعبير أولها، فمهما قلنا عن ربيع الصحافة السعودي إلا أنه ربيع في مناطق دون أخرى، وليس شاملا لكل المجالات بحيث يمكن القول إن هناك حرية تعبيرية لا بأس بها فضلا عن التراجع في هذه الحرية عن سنوات مضت لأسباب عديدة ليس هنا مكان الحديث عنها. فالحرية التعبيرية أس عملية كتابة الرأي في كل صحف العالم ومع غياب هذه الحرية فمن الصعب الحديث عن تشكل رأي عام «حقيقي» يمكن الاتكاء عليه في بناء جمعية تدافع عن حقوق الكتاب أو تدافع عن حرية الرأي.
هذه أولى النقاط التي يجب البحث فيها بحثا معمقا فهل حصل ذلك أثناء العزم على إيجاد هذه الجمعية؟ تخبرنا شروط العضوية عن ضبابية مفهوم حرية التعبير رغم أنها الهدف الأكبر من وجود جمعية لكتاب الرأي فأحد الشروط يتحدث عن مسألة عدم تجاوز قيم المجتمع. هذا الشرط بحد ذاته فيه من الخلل ما يمكن أن يفتح الأبواب على مصاريعها في قمع أي عمل ثقافي، أو رأي، أو غيرها، فهو شرط يفتح مسألة التأويل إلى أقصى حد ولم يضبطه بضابط فاختلاف القيم بين الناس إشكالية حقيقية قامت عليها الصراعات الفكرية داخل المجتمع، وشرط مثل هذا يحد من حرية التعبير أكثر مما يفتحها لمجرد أن عددا من الناس أو خطابا من الخطابات الفكرية في المجتمع لا يرى ما يراه الطرف الآخر ولذلك فباب الاتهام بتجاوز القيم المجتمعية كفيل بمنع أي كاتب في أي صحيفة لأتفه الأسباب، من خلال شرط وضعته هذه الجمعية التي كان من المفترض أن تكون معه لا ضده.