«لمى» ليست طفلة سقطت في بئر!

نوف محمد

لمى الروقي، لم تكن مجرد طفلة كانت تلهو مع عائلتها وبرفقة شقيقتها الكبرى وسقطت في بئر في وادي الأسمر بمحافظة حقل!.
لمى الروقي، الطفلة التي احتضنت هذه الأرض جسدها الطاهر، ترفرف روحها في سمائنا جميعا، وتوخز ضمائرنا جميعا.
لمى الروقي، ليست مجرد طفلة سقطت في بئر، لمى الروقي درس لنا جميعا، للوطن وللمسؤولين وللمجتمع.
لمى لم تكن ضحية إهمال أسرة، «فحسب والدها» أنهم كانوا يتنزهون في الوادي، وأنه تفقد «الدفينة» قبل أن يسمح لها ولشقيقتها باللعب فيها، ولم تكن البئر ظاهرة.
مضى اليوم على وجود ما تبقى من لمى داخل البئر قرابة الثمانية عشر يوما، واللواء الحارثي مدير الدفاع المدني بمنطقة تبوك يقول إن في الموقع 216 عنصرا من الدفاع المدني والجهات المساندة، و91 آلية، وفريقا من أرامكو، كلهم يبحثون عن لمى، ولمى تأبى أن تصعد لهم أو حتى أن تمكنهم من انتشال ما تبقى منها!
لمى تريد أن تلقننا جميعا درسا قاسيا لا ينسى.
لا أحد يقول إن رجال الدفاع المدني لم يبذلوا جهدهم في البحث عن لمى، بل العكس تماما هو الصحيح، بذلوا كل جهدهم، ولكن على رأي المثل العامي «قال انفخ يا شريم قال ما من برطم»، فرجال الدفاع المدني ضحية مثلهم مثل لمى تماما، هم يعملون وفق الإمكانات المتاحة لديهم، هذه هي معداتهم وهذه طاقتها وليس بالإمكان أفضل مما كان، هذا هو المتوفر وهذا أفضل ما يمكن أن يعمل به.
إذن المشكلة ليست في الأفراد، المشكلة الحقيقية في التجهيزات التي أثبتت عجزها وعدم كفاءتها ولابد من إعادة النظر في نوعية تجهيزات الدفاع المدني في مختلف مناطق المملكة، حتى لا تتكرر المأساة.
لمى الروقي كشفت عن 150 ألف بئر مكشوفة مهملة مسجلة، وكم يا ترى لم تسجل؟! كلها أفخاخ تتربص بنا وبأطفالنا، وحوش كل ما تبتلعه لا يمكن أن يعود، ووزارة الزراعة ووزارة المياه بين من صرح بالحفر سلفا ومن خلفه بالتصاريح، إما تلتزم الصمت أو تنفي مسؤوليتها، ولكن لمى تقول لهم اردموها أولا، «يكفي أنا»، اردموها ثم تفرغوا للتصريح للإعلام أو حتى للصمت.
ولمى كشفت عن وجه قبيح لبعض أفراد المجتمع ممن ارتضت ضمائرهم بأن تتراقص على جراح أسرتها المكلومة من خلال بث مقاطع مزورة عن لمى على اليوتيوب، ومن خلال ترويج الشائعات على تويتر والفيس بوك والمواقع الالكترونية، لماذا فعلوا هذا؟! أين كانت ضمائرهم؟! كيف تلبس الشيطان أرواحهم؟! هؤلاء بالتأكيد لا يمثلون طيبتنا ولا قيمنا ولا أخلاقنا.
وكشفت لمى بالمقابل عن وجه حسن لشباب يملؤون كل جنبات الوطن رجولة وعزة بضمائرهم الحية وعقولهم النيرة، من الشرق والغرب والجنوب والشمال والوسط، عقول ابتكرت أجهزة لانتشال لمى من قاع البئر السحيقة وتوجهوا إلى هناك من أجلها.
ألم أقل لكم إن لمى الروقي ليست مجرد طفلة سقطت في بئر؟!
هل عرفتم من هي؟!
هل وعيتم درسها جيدا؟!
«لمى الروقي» صرخة في ضمير الوطن، والمسؤولين والمجتمع، وصرخة مدوية جدا.