نظام لمكافحة التحرش الجنسي

نوف محمد

انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في مجتمع أخلاقي محافظ ليس بالأمر الهين على الإطلاق ولا بد من دراسته.
ويعرف التحرش الجنسي بأنه: «أي صفة من الأفعال أو الأقوال غير المرحب بها ذات طابع جنسي والتي تنتهك الجسد أو الخصوصية وتجعله يشعر بعدم الارتياح أو التهديد أو الإساءة أو أنه مجرد جسد».
ولقد ازدادت هذه الظاهرة في مجتمعنا ازديادا ملحوظا في السنوات القليلة الماضية، وأصبحت نسبة حالات التحرش تضاهي بعض الدول المنفتحة والمتحررة أخلاقيا.
ولعمري، إني لأعجب من تفاقم هذه النسبة في بلد مجتمعه مسلم محافظ يراقب الله في تصرفاته وأخلاقيات تربيته وعاداته.
كيف انتشرت هذه الظاهرة؟ وكيف أصبحت من الظواهر المقلقة للأسر على أبنائهم وبناتهم، وهم من كانوا قديما يعيشون في بيت الجد، البيت الكبير الذي يضم أكثر من أخ بعائلاتهم من زوجات وأبناء وبنات، ولم نسمع أو يكثر الحديث كما هو الآن عن مثل هذه السلوكيات اللاأخلاقية المنحرفة.
ماذا حل بك يا مجتمع القيم والأخلاق الكريمة والفضيلة؟
وأنا لا أعمم هنا فهناك خيرون وهم كثر، ولكن هناك بالمقابل من يمارسون هذه السلوكيات، ملامحهم تشبهنا كثيرا ولذلك هم يتسللون إلى أبنائنا وبناتنا ويتحرشون بهم دون أن يشعر بهم أحد.
ماذا حل بك أيها المجتمع؟ يا من يراقب خالقه في كل خطوة من مبدأ لا يخطو خطوة إلا وهو محاسب عليها إن خيرا فخير وزيادة وإن شرا فشر ووبال على نفسه، قال تعالى: «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد»، وهذا في الأقوال فكيف بالأفعال والحركات؟!.
هؤلاء الجانحون، حادوا عن طريق مكارم الأخلاق والترفع عن الشهوات، فكانت العاقبة وخيمة.
أصبح أفراد من المجتمع يعيشون في فوضى وشتات فكر وسلوك، مع التقدم التكنولوجي الدخيل عليه بقوة رهيبة؛ فما عاد يستطيع أن يميز بين ما هو صالح وبين ما هو طالح!. فوضى مستعرة؛ حيث أصبحت كثير من الأسر تقتني العديد من الأجهزة لأفرادها لمجرد التقليد أو اللعب والتسلية.
والجميع يعلم ما تحويه هذه الأجهزة من خير ومن شر معا، ولكن للأسف أن كثيرا ممن هي في أيديهم قليلا ما يستعملونها في صالحهم، وكثيرا ما يتورطون في ضررها، فتجدهم يكرسون جل وقتهم في متابعة مشاهد القبح والرذيلة من الفيديوهات والمقاطع المخلة والمنحرفة أخلاقيا وسلوكيا، والتي كانت من الأسباب التي أسهمت في انتشار ظاهرة التحرش الجنسي لدى المراهق المندفع وحتى الرجل العاقل على حد سواء.
ولقد أجريت دراسة عن التحرش بالموظفات، أظهرت نتائجها أن نسبة التحرش بهن كبيرة، حيث تتعرض الموظفات للتحرش الجنسي المتعمد في عملهن من قبل رؤسائهن أو ممن حولهن من زملاء العمل، وحتى العملاء، وأشارت الدراسة إلى أن الكثير منهن يلجأن للصمت لخوفهن من الفضيحة أو حرمانهن من العمل، الذي هن بحاجة إليه فيما لو علم أهلهن بذلك.
ويرجع خبراء في علم النفس انتشار التحرش الجنسي في الدول العربية إلى مشاعر الغطرسة والتعجرف التي غرست في نفوس الذكور منذ الصغر وإشعارهم بأنهم أكثر قوة وحظوة من الفتيات وأنهن مجبرات على تقديم ولاءات السمع والطاعة لهم.
وأوضح خبير في علم الاجتماع أن شعور الشباب بالقهر وبغموض المستقبل من جراء البطالة أو العوز قد يدفعهم إلى التصرف بعدائية واستهتار، وقد يرمي بهم في متاهة الإدمان والتطرف والاندفاع إلى عالم الجريمة والتعدي على الآخرين بما في ذلك التحرش اللفظي والجسدي بالنساء.
ولا بد من تفعيل نظام لحماية المرأة والطفل من التحرش الجنسي، وإصدار مدونة بالعقوبات التي تطبق ضد المتحرشين وتغليظها ما أمكن، ليكونوا عبرة لغيرهم، وصدورها في أسرع وقت ممكن، حتى لا يقع المزيد من الضحايا.