الهروب من المعرفة
الثلاثاء / 27 / ربيع الأول / 1435 هـ الثلاثاء 28 يناير 2014 20:14
نايف الرشدان
عندما تشعر بمحبة لأحدهم، تود لو أنك تقدم له ما ينفعه وتدفع عنه ما يضره، وابنك وابنتك ممن تشعر لهم في قلبك حظوة ومودة، ثم إنك عندما تقف على من يمارس الغش في حق آخر تزأر غاضبا على التعدي وهضم الحق وإظهار الأذى.
فكيف بك أيها الأب الجميل تقبل الغش لابنك وابنتك، وترضى عليهما أن يغالطا نفسيهما، وترضى لهما أن يسيرا في منحنيات تفضي بهما إلى طريق موهمة.
اقترب مني قليلا، وأرعني سمعك ــ رعاك الله ــ لأهمس لك بأخطر ما يجابه الفلذات، وأقول قبل أن تطالب بإغلاق ملفات الروز والقياس والتحصيل والقدرات: اعلم أنما هي أدوات بناء لا معاول هدم، وأنها طاقة السير لأبنائنا في مساقات الحياة، وهي وقود الحركة لهم في مسايرة عجلة الحضارة. أما من أرادها بردا وسلاما، فلن يصل لما يفيد كما يريد، وإن وصل فلن يصل لما يريد كما يفيد.
لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
والصبر الأكثر مرارة في البذار لا يعادل جزءا يسيرا من حلاوة الحصاد. قال رجل لابنه وهو يفتح عينيه ويمدهما إلى فضاء بعيد آت: يا بني (اتعب صغيرا تلعب كبيرا)، وأول عتبة للصعود للقمة تحفيز النفس للرقي بالهمة.
ومن تكن العلياء همة نفسه
فكل الذي يلقاه فيها محبب
فإن من رام شيئا يعرج في مرتكزاته دون يأس، ويدرج في سلالمه بكل حماس. إنك عندما تحضر معلما لابنك في المنزل تريد أن تطمئن لحجم الإفادة منه ومن وجوده الذي يستنزف منك قرابة الثلاثة آلاف ريال. وتجد أن (مئة) ريال ليست مكافئة لمن يعينك على إطلاعك على المستوى الحقيقي له!!
ــ إن الكثير من الآباء وبعض المعلمين الذين لم يستوعبوا الغاية العظمى من التعلم وقعوا في مهزلة (الفزعة) في كثير من القرى والمدن الصغيرة. فأصبح الطلاب همهم الكم الهائل من الدرجات مع الإهمال الكامل للمعرفة. تجد الأب يبش وجهه عندما يطالع (95%) في شهادة ابنه، بينما ترصده آليات الضبط الحقيقية لإبراز ما غاب عنه من ضعف علمي ولات ساعة مندم لمن آثر الارتهان إلى الشكليات والتمظهر.
اختبارات الكفايات والكفاءات ووسائل التقويم تحفيز للمعرفة لبلوغ حد أدنى من المحصلة العلمية، فهي تمنح أكثر منها تمتحن، وإنك لتلعن المرآة التي لا تمنحك الصورة صادقة.
وإن مجتمعا يعد وسائل دعم المعرفة والعلم مثبطات وعوائق لحري بأن يعيد النظر في تكوينه.
ثم اعلموا أن المنهج العلمي لا يمكن أن يكون معوقا، لكن الإعاقة في عدم الحركة المتناغمة معه.
وإننا لنخشى على الجيل من الهشاشة المعرفية والهلامية. جيل متعلم، لكنه قد يسقط في اختبارات الحياة العامة. جيل يأخذ بشكل مختزل ويعطى بشكل مشوه. جيل يؤثر الدعة والسكون والخلود للراحة.
جيل يستعير المعرفة ويجتزئ العلوم. جيل يلتهم وجبته الصغيرة بسرعة كبيرة (وما يأتي بسرعة يذهب بسرعة).
بينما في طموحاتنا:
جيل متعلم تحصيله المعرفي وافٍ. قدراته في تطور وتنامٍ. ثقافته تدل على سيرته العلمية.
جيل يولي المنهج والعلم اهتمامه. جيل لا يعلي من شأن الشهادة والدرجات فوق ما لديه. جيل متصالح مع متغيرات العصر، متكيف مع معطياته.
جيل ينتج بمقدار ما وعى، ويثمر بمقدار ما رعى.
فكيف بك أيها الأب الجميل تقبل الغش لابنك وابنتك، وترضى عليهما أن يغالطا نفسيهما، وترضى لهما أن يسيرا في منحنيات تفضي بهما إلى طريق موهمة.
اقترب مني قليلا، وأرعني سمعك ــ رعاك الله ــ لأهمس لك بأخطر ما يجابه الفلذات، وأقول قبل أن تطالب بإغلاق ملفات الروز والقياس والتحصيل والقدرات: اعلم أنما هي أدوات بناء لا معاول هدم، وأنها طاقة السير لأبنائنا في مساقات الحياة، وهي وقود الحركة لهم في مسايرة عجلة الحضارة. أما من أرادها بردا وسلاما، فلن يصل لما يفيد كما يريد، وإن وصل فلن يصل لما يريد كما يفيد.
لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
والصبر الأكثر مرارة في البذار لا يعادل جزءا يسيرا من حلاوة الحصاد. قال رجل لابنه وهو يفتح عينيه ويمدهما إلى فضاء بعيد آت: يا بني (اتعب صغيرا تلعب كبيرا)، وأول عتبة للصعود للقمة تحفيز النفس للرقي بالهمة.
ومن تكن العلياء همة نفسه
فكل الذي يلقاه فيها محبب
فإن من رام شيئا يعرج في مرتكزاته دون يأس، ويدرج في سلالمه بكل حماس. إنك عندما تحضر معلما لابنك في المنزل تريد أن تطمئن لحجم الإفادة منه ومن وجوده الذي يستنزف منك قرابة الثلاثة آلاف ريال. وتجد أن (مئة) ريال ليست مكافئة لمن يعينك على إطلاعك على المستوى الحقيقي له!!
ــ إن الكثير من الآباء وبعض المعلمين الذين لم يستوعبوا الغاية العظمى من التعلم وقعوا في مهزلة (الفزعة) في كثير من القرى والمدن الصغيرة. فأصبح الطلاب همهم الكم الهائل من الدرجات مع الإهمال الكامل للمعرفة. تجد الأب يبش وجهه عندما يطالع (95%) في شهادة ابنه، بينما ترصده آليات الضبط الحقيقية لإبراز ما غاب عنه من ضعف علمي ولات ساعة مندم لمن آثر الارتهان إلى الشكليات والتمظهر.
اختبارات الكفايات والكفاءات ووسائل التقويم تحفيز للمعرفة لبلوغ حد أدنى من المحصلة العلمية، فهي تمنح أكثر منها تمتحن، وإنك لتلعن المرآة التي لا تمنحك الصورة صادقة.
وإن مجتمعا يعد وسائل دعم المعرفة والعلم مثبطات وعوائق لحري بأن يعيد النظر في تكوينه.
ثم اعلموا أن المنهج العلمي لا يمكن أن يكون معوقا، لكن الإعاقة في عدم الحركة المتناغمة معه.
وإننا لنخشى على الجيل من الهشاشة المعرفية والهلامية. جيل متعلم، لكنه قد يسقط في اختبارات الحياة العامة. جيل يأخذ بشكل مختزل ويعطى بشكل مشوه. جيل يؤثر الدعة والسكون والخلود للراحة.
جيل يستعير المعرفة ويجتزئ العلوم. جيل يلتهم وجبته الصغيرة بسرعة كبيرة (وما يأتي بسرعة يذهب بسرعة).
بينما في طموحاتنا:
جيل متعلم تحصيله المعرفي وافٍ. قدراته في تطور وتنامٍ. ثقافته تدل على سيرته العلمية.
جيل يولي المنهج والعلم اهتمامه. جيل لا يعلي من شأن الشهادة والدرجات فوق ما لديه. جيل متصالح مع متغيرات العصر، متكيف مع معطياته.
جيل ينتج بمقدار ما وعى، ويثمر بمقدار ما رعى.