التجربة اليابانية «كلاكيت» مليون مرة

صالح إبراهيم الطريقي

ربما لا يجانبني الصواب إن قلت: أكثر تجربة كتب عنها المثقفون العرب هي «التجربة اليابانية»، في محاولة للمقارنة بين اليابان كدولة وبين العرب كأمة، وكان السؤال المطروح دائما في الكتب والمقالات «لماذا نجح اليابان وفشل العرب؟»
صحيح أن هناك خللا ارتكب في الكتب أو المقالات، إذ إن القياس كان بين طرفين غير متشابهين، فهناك كتاب «النهضة العربية والنهضة اليابانية.. تشابه المقدمات واختلاف النتائج»، وكتاب «التجربة اليابانية.. رؤية إسلامية»، واليابان دولة، والدولة لها مفهوم واضح في العقل «مساحة جغرافية محدودة»، فيما الأمة العربية أو الإسلامية ليس لها مفهوم واضح فهي ملتبسة ولكل عقل تفسيره الخاص لها، وهذا عوار بأي بحث.
ومع هذا كانت «التجربة اليابانية» تطرح دائما، والمقارنة تأتي بين الإصلاح في عهد الإمبراطور «ميجي» والإصلاح في عهد «محمد علي»، ونفس السؤال: لماذا فشل العرب؟
ومع احترامي وانبهاري الشديد بالحضارة اليابانية، إلا أن اليابان لم تأتِ بما لم تأتِ به الحضارات البشرية السابقة، وأعني هنا على مستوى بناء الحضارة.
خذ أي حضارة بشرية مهما كان قدمها، واقرأ تجربتها أو بدايتها، ستجدها قامت على ضلعين لتؤسس الحضارة هما: العدل ونشر الوعي «التعليم»، وهذان الضلعان مرتبطان ببعضهما البعض، وبدونهما لن تصنع حضارة أو نهضة لأي دولة، أقول: دولة حتى لا نستدعي المصطلحات الضبابية.
فالعدل هو من سيجعلك تساوي بين الجميع في الفرص، فيصل الأفضل ليدير ويطور المنشأة، هو كذلك سيجعل الإنسان ينتج، لأنه يشعر بأن هناك إنصافا بين ما يبذله من جهد وبين ما يتحصل عليه، وأنه لا يعمل بالسخرة.
كذلك نشر الوعي «التعليم» سيطور رؤية الإنسان للأخلاق، وسيعيد تفسيره لما هو أخلاقي أو ما هو عدل وما هو ظلم، فيحارب «الظلم» إذ إن الإنسان جبل على الخير، فزيادة وعيه يؤسس له ضمير يمنعه من ظلم من حوله في مجتمعه.
خلاصة القول: أمر جيد أن تطلع على ثقافة وحضارة الآخرين وتستفيد منها، ولكن ما هو غير جيد أن تطرح السؤال الخطأ «لماذا نجحت اليابان وفشل العرب؟»، فالسؤال الصواب من وجهة نظر شخصية: لماذا فشل العرب في تحقيق الإنصاف ونشر الوعي؟