الكرم لا يـوّرث
الثلاثاء / 03 / جمادى الأولى / 1435 هـ الثلاثاء 04 مارس 2014 19:37
مشعل السديري
تذكر لنا قصص التاريخ أن هناك واليا ثريا وبخيلا في نفس الوقت، وقد سمع عن ثرائه أحد الشعراء (الأرزقية)، والذي لم يسمع عن بخله كذلك، فهفته نفسه أن يطرق بابه لعله يحظى بعطية دسمة، فأنشده شعرا مدحه فيه وأفاض في وصفه بالحسن والشجاعة وكريم الصفات.
فلما فرغ الشاعر من قصيدته قال الوالي : لقد أحسنت، ثم التفت إلى كاتبه وقال له : أعطه عشرة آلاف درهم، ففرح الشاعر وطرب وابتسم في دهشة، فقال له الوالي: أسرك ما قلت؟!، أعطه يا هذا عشرين ألف درهم، فقفز الشاعر وهلل وكاد أن يطير من الفرح، فقال الوالي : وهل يتضاعف فرحك كلما أمرت لك؟!، إذن أعطه يا هذا أربعين ألفا، فكاد الشاعر أن يجن، وشكره قائلا : إني أكاد أن أموت من الفرح، أرجوك فهذا يكفيني إلى أن تقوم الساعة، فقال له : إذن اذهب وانتظر في الخارج وسوف يأتيك المال.
وبعد أن خرج قال الكاتب : سبحان الله يا مولاي إن هذا الأحمق كان يرضى منك بأربعين درهما، افتأمر له بأربعين ألفا ؟!، فرد عليه الوالي قائلا: ويلك هل أنت أهبل، أيخطر على بالك أننا سوف نعطيه شيئا، إنما هو رجل سرنا بكلام فسررناه بكلام، فهو حين زعم أن وجهي أصبح من القمر، وأنني أشجع من الأسد، وأن لساني أقطع من السيف، وأمري أنفذ من السهم، هل جعل في يدي من هذا شيئا أرجع به إلى بيتي؟!، نحن نعلم أنه قال فكذب وقد سرنا قوله، وأمرنا له بالعطايا فسره قولنا، فهو يكذب علينا ونحن نكذب عليه، والآن أصرفه، فيكفي ما حصل عليه من السرور، ورجع المسكين (بخفي حنين).
الواقع أنني لا ألوم الشاعر على أكاذيبه ومبالغاته، لأن هذا هو سلاحه ومصدر رزقه، ولو أنني كنت شاعرا لأصبحت أكبر مداح و (فشار ونماك) كذلك ..
والكل يعرف ما قاله أعظم شعراء العصور العربية (المتنبي)، وكيف رفع (كافور ) بشعره إلى عنان السماء، ثم هبط به أسفل سافلين إلى ما تحت الأرض.
وسبق لي أن حضرت مناسبة كان فيها (مليونير ) بخيل يملك مئات الملايين، والمشكلة أنه متصالح مع نفسه، ويعرف أن الناس يعرفون أنه بخيل، فيسره ذلك ويتلذذ بهذه السمعة العطرة، وهو في حياته لم يقدم على أي عمل خيري واحد، والمستفيد من ثرائه هي البنوك المتكدسة فيها أمواله.
وفجأة سمعت صوته المبحوح متوجها للحاضرين وهو يريد أن يخفف دمه، عندما قال: لو أن ربي أكرمني وأعطاني (مليار ) ريال، فو الله إنني سوف أمنح أعز أصدقائي منها (ألف) ريال. وهو بذلك (على باله) أنه قال (نكتة أو طرفة)، لأنه بعدها انفجر ضاحكا، وكأنه بذلك يريد أن يتناقل طرفته الركبان، وها أنذا أنقلها بحذافيرها.
فلما فرغ الشاعر من قصيدته قال الوالي : لقد أحسنت، ثم التفت إلى كاتبه وقال له : أعطه عشرة آلاف درهم، ففرح الشاعر وطرب وابتسم في دهشة، فقال له الوالي: أسرك ما قلت؟!، أعطه يا هذا عشرين ألف درهم، فقفز الشاعر وهلل وكاد أن يطير من الفرح، فقال الوالي : وهل يتضاعف فرحك كلما أمرت لك؟!، إذن أعطه يا هذا أربعين ألفا، فكاد الشاعر أن يجن، وشكره قائلا : إني أكاد أن أموت من الفرح، أرجوك فهذا يكفيني إلى أن تقوم الساعة، فقال له : إذن اذهب وانتظر في الخارج وسوف يأتيك المال.
وبعد أن خرج قال الكاتب : سبحان الله يا مولاي إن هذا الأحمق كان يرضى منك بأربعين درهما، افتأمر له بأربعين ألفا ؟!، فرد عليه الوالي قائلا: ويلك هل أنت أهبل، أيخطر على بالك أننا سوف نعطيه شيئا، إنما هو رجل سرنا بكلام فسررناه بكلام، فهو حين زعم أن وجهي أصبح من القمر، وأنني أشجع من الأسد، وأن لساني أقطع من السيف، وأمري أنفذ من السهم، هل جعل في يدي من هذا شيئا أرجع به إلى بيتي؟!، نحن نعلم أنه قال فكذب وقد سرنا قوله، وأمرنا له بالعطايا فسره قولنا، فهو يكذب علينا ونحن نكذب عليه، والآن أصرفه، فيكفي ما حصل عليه من السرور، ورجع المسكين (بخفي حنين).
الواقع أنني لا ألوم الشاعر على أكاذيبه ومبالغاته، لأن هذا هو سلاحه ومصدر رزقه، ولو أنني كنت شاعرا لأصبحت أكبر مداح و (فشار ونماك) كذلك ..
والكل يعرف ما قاله أعظم شعراء العصور العربية (المتنبي)، وكيف رفع (كافور ) بشعره إلى عنان السماء، ثم هبط به أسفل سافلين إلى ما تحت الأرض.
وسبق لي أن حضرت مناسبة كان فيها (مليونير ) بخيل يملك مئات الملايين، والمشكلة أنه متصالح مع نفسه، ويعرف أن الناس يعرفون أنه بخيل، فيسره ذلك ويتلذذ بهذه السمعة العطرة، وهو في حياته لم يقدم على أي عمل خيري واحد، والمستفيد من ثرائه هي البنوك المتكدسة فيها أمواله.
وفجأة سمعت صوته المبحوح متوجها للحاضرين وهو يريد أن يخفف دمه، عندما قال: لو أن ربي أكرمني وأعطاني (مليار ) ريال، فو الله إنني سوف أمنح أعز أصدقائي منها (ألف) ريال. وهو بذلك (على باله) أنه قال (نكتة أو طرفة)، لأنه بعدها انفجر ضاحكا، وكأنه بذلك يريد أن يتناقل طرفته الركبان، وها أنذا أنقلها بحذافيرها.