غياب رعاية المسنين .. من المسؤول ؟!

عبدالإله ساعاتي

كرم ديننا الإسلامي العظيم الإنسان أيما تكريم.. وحفظ كرامته وصان حقوقه.. يقول المولى جلت قدرته: «ولقد كرمنا بني آدم».
ولقد أمر المولى سبحانه وتعالى بإكرام الإنسان عند كبره.. يقول تعالى : «إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما...».
ويقول سيدنا ورسولنا محمد عليه أفضل الصلوات والتسليم : «ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا...».
وفي بلادنا اليوم تتزايد أعداد كبار السن تزايدا كبيرا.. وذلك نظرا لتزايد (متوسط مأمول الحياة Life Expectancy).. حيث بلـغ المتوسط وفقا لتقارير وإحصائيات منظمة الصحة العالمية 75 عاما للرجل و78 عاما للمرأة.. بمعنى أن الإنسان في المملكة العربية السعودية أصبح يعيش في المتوسط حتى يبلغ هذا العمر.. وعندما نقول في المتوسط.. فإن معنى ذلك أن أعدادا كبيرة تعيش أكثر من هذا العمر.. كما أن هناك أعدادا تعيش أقل من هذا المتوسط.
على وجه العموم فإن ارتفاع متوسط مأمول الحياة في المملكة من 60 عاما في الثمانينيات الميلادية إلى 75 عاما في الوقت الحالي إنما يأتي نتيجة لتطور الخدمات الصحية وانتشار الوعي الصحي.
ولقد أدى ذلك إلى ارتفاع أعداد المسنين (فوق الستين عاما من العمر ) ارتفاعا كبيرا خلال العقد الماضي.. ورغم أزمة الإحصائيات وشحها.. ورغم أن هناك إحصائية تشير إلى أن عدد المسنين في المملكة يبلغ (2 مليون نسمة).. إلا أنني أتوقع اعتمادا على عامل الملاحظة أن العدد لا يقل عن ( 4 ملايين نسمة).. وحتى لو كان (مليوني نسمة) فهو عدد كبير.. يمثـل شريحة كبيرة من المجتمع.. يتوجب الاهتمام بها ورعايتها.
ورغم أن تعاليم ديننا الإسلامي العظيم ــ كما أسلفت في مقدمة مقالي هذا ــ تقضي بالاهتمام بالمسنين ورعايتهم وتلبية احتياجاتهم.. ورغم أن ذلك ينبثق أيضا من قيم مجتمعنا العربية الأصيلة.. إلا أن الاهتمام بالمسنين من قبل الجهة الرسمية المعنية يعد ضعيفا جدا.. لا يليق بمجتمعنا العربي المسلم.. ولا بأخلاقنا وقيمنا المجتمعية.
إن الاهتمام بالمسنين في بلادنا منوط بوزارة الشؤون الاجتماعية.. وهذه الوزارة ترفض التوسع في إنشاء مراكز لرعاية المسنين بحجة واهية غير مقبولة وغير منطقية وغير عملية.. وهي أنها ترغب في أن لا تتخلى الأسرة عن مسنيها.. ورغم أن هذا أمر مرغوب إلا أن الشواهد تكشف عن حالات كثيرة لا توجد فيها أسرة للمسن.. فأين يذهب ؟!.
من يصدق أن مدينة كبيرة بعدد سكان يناهز الأربعة ملايين نسمة.. وهي ثاني أكبر مدينة في المملكة ولا يوجد بها (مركز لرعاية المسنين)!!.
ويحق لنا أن نتساءل.. ماذا قدمت وزارة الشؤون الاجتماعية للمسنين وهي الوزارة المناط بها رسميا أمر رعاية المسنين ؟!.
لا أكاد أجد نشاطا ملموسا.. رغم أن المسنين في حاجة ماسة إلى الكثير من الرعاية الاجتماعية والطبية والمعيشية. إن المسنين هم الذين أفنوا زهرة شبابهم وحياتهم في خدمة هذا الوطن وأهله وساهموا في مسيرة النماء والبناء التي بلغتها بلادنا.. فلماذا تبخل الوزارة عليهم بالرعاية والاهتمام.
أين (الرعاية المنزلية) للمسنين.. التي سمعنا عنها إعلاميا.. ولا نجد لها حضورا فعليا واقعيا بقدر ما سمعنا عنها إعلاميا؟! والرعاية الصحية المنزلية ــ كما هو معروف ــ هي من أهم الأشياء التي يحتاجها المسن.
ثم أين هي (الاستراتيجية الوطنية لرعاية المسنين).. كيف يمكن العمل على رعاية المسنين في ظل غياب استراتيجية وطنية لرعايتهم ؟!.
إن مشاهدة صور الرعاية والاهتمام والعناية بالمسنين في الدول الغربية.. تجسد فارقا كبيرا بين ما هو موجود لدينا.. وما هو متوفر لديهم.. رغم أن المفروض أن يكون العكس !!..
ومن هذا المنطلق.. فإنني أدعو إلى إنشاء وتشكيل (هيئة عليا لرعاية المسنين). والمسارعة في وضع استراتيجية وطنية شاملة.. وتحقيق التكامل المثمر للجهات المعنية في هذا الأمر ولاسيما وزارتي الشؤون الاجتماعية والصحة.