الذكرى الحسنة

ياسر سلامة

لماذا المسؤول عند خروجه من المنصب يتبع قاعدة (لا جيت رايح كثر من الفضائح)، ويبدأ برمي التهم هنا وهناك، والتلميح بكل الوسائل المتاحة بأن من أتى بعده لن يخدم الكيان ولا يملك المهنية ولا الحرفية التي تجعله يقود المركب كما كان يقودها سعادته، وليت اتهام بعض هؤلاء لمن بعدهم يقف عند حد تهم عدم القدرة المهنية والإدارية، ولكن قد يمتد التجني إلى الذمم والاتهام بالعمل بالمحسوبية والانتهازية إلى أن يصل إلى الاتهام بألا وطنية.
متى يعلم مثل هؤلاء أن الجلوس على كرسي المسؤولية التنفيذية بشارة طبيعية بأن نهاية الخدمة قد قربت وخلال سنوات قليلة ستطوى ولا يبقى منها إلا الذكرى الحسنة أو السيئة.
البعض يعتقد أنه منح صك للبقاء على كرسيه مدى الحياة، وينسى أنه لم يكن أول الجالسين على هذا الكرسي.
البلد والعجلة والمسيرة لن تقف بسبب مسؤول أو مدير ترجل عن الكرسي لأي سبب كان، ومن يظن ذلك يضحك على نفسه قبل غيره، إلا أن هذا لا يمنع ولا يتعارض بأن هناك مسؤولا أفضل من آخر، ومديرا أجدر في وقته من غيره، وكل سوف يحكم عليهم الناس والزمن الذي لا يرحم.
مرة واحدة في حياتي سمعت وشاهدت مسؤولا يمدح من كان قبله وكانت بالنسبة لي صدمة لأنها ببساطة أخلاق شبه معدومة في مجتمعنا ولم أشاهدها من قبل، ومعظم من يعتلي المناصب يبدأ بعبارات قد تشعرك بأن من كان قبلهم ما هم إلا فاسدون، فلا تخلو جمل المعينين من كلمات كسوف نعدل أو نصحح وسوف نضع الخطط البعيدة المدى، والاستراتيجيات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة وإلى آخره، وكأن من كان قبلهم، كانوا متخلفين أو معتوهين أو في إجازة إلى أن أتى من يستلم الكرسي منهم.