حدائق حب يابسة

رندا الشيخ

هل هناك من يستطيع العيش في غنى تام عن الاهتمام؟ عن نظرة حب؟ عن كلمة عطف وعناق مواسٍ؟ عن همسة مطمئنة وتربيتٍ دافئ ؟ وإن نجح في السيطرة على حاجاته تلك بسبب ظروف الحرمان التي من الممكن أن تكون واقعا يعيشه.. فهل سيصمد للأبد، وماهي تبعات صموده؟ وماذا عن علاقة الاهتمام بالحب وإدراكنا لأهمية وجوده؟.
سأتحدث بشكل مباشر معك عزيزي القارىء ناثرة ما أود قوله، ولك أن تختلف معي وأن تتفق!.
الحب حاجة فطرية، وهي بدورها بحاجة للاهتمام والرعاية لكي تستمر وتكبر وتنضج! نعم، حتى الحب بحاجة للاهتمام المستمر لكي يكبر وينضج وتبرز ملامحه الجميلة شيئا فشيئا. وكوننا بشرا، فنحن ننتمي للكائنات الحية التي تسكن الأرض، تماما كالنباتات! إن بقيت تدندن أو تغني في أذن النبتة كل يوم، وتسمعها ألحان الحب وكلماته على مدار أيام أو أعوام، قد تستمتع قليلا لكن ذلك لن يروي عطشها، ولن يحل محل السماد الذي يغذيها، أو ضوء الشمس الذي تحتاجه لإتمام عملية التمثيل الغذائي! إنها بحاجة لتسقيها بالماء، وتهتم بتربتها، وتزيل عنها برفق ما تلف منها من أوراق، وأن تضعها في المكان المناسب لها، سواء في الظل أو الضوء المباشر! ببساطة، هي بحاجة لأن تترجم حبك لها باهتمام فعلي بكل ما يتعلق بها من تفاصيل! وذات الأمر هو ما ينبغي أن يحدث مع تلك الحيوانات الأليفة التي تشارك بعضنا منازلهم. إذن ما الذي يدفع بنا لإهمال الري بعد أن تعبنا في حرث الأرض وزرع البذور وانتظار الزهور التي أشرقت بعد طول ترقب؟.
الغريب بأن التعبير عن الحب أصبح اليوم سهلا ومبتذلا، رغم أنه من أصعب المواقف التي قد تمر علينا في حياتنا وأهمها! ورغم سهولة الكلمة ذات الأربعة أحرف إلا أن نطقها صعب وثقيل ومربك رغم جماله، ليس لشيء إلا لوعينا بمسؤولية ما بعد تلك اللحظة المربكة! لكن يبقى الأهم في رأيي الحفاظ على الحب بالاهتمام الذي تختلف أشكاله رغم تطابق تأثيره علينا، كونه وقود الحب.
أخيرا أقول، ثق بأن عدم ترجمة الحب إلى أفعال، ستقتله تدريجيا. ومع الوقت ستتحول قلوبنا المزهرة إلى حدائق حب يابسة!.