للثراء أوجه كثيرة
السبت / 05 / جمادى الآخرة / 1435 هـ السبت 05 أبريل 2014 19:47
حسن النعمي
في الحكاية الشعبية أن رجلا حل ضيفا على أهل بيت، وكانت الزوجة غير مرحبة به. وبعد حين وافته المنية وهو مقيم لدى هذه الأسرة. استقذروا ملابسه، ورموها، وبعد مرور وقت ليس بالقصير بدأت أزرار معطفه تلمع تحت أشعة الشمس. فتشوا معطفه، فوجدوها قطعا ذهبية. حينها قالت الزوجة: (رزق شاقٍ لقاعدي). أي أن الثراء ليس بالضرورة دائما يذهب لمن يكدح ويتعب.
تذكرت هذه الحكاية وأنا أتأمل فرص الثراء التي يصبها الناس ليس بالضرورة على قدر تعبهم، ولكن بالظروف التي يجدون أنفسهم فيها. فمنهم من يكون وارثا، ومنهم من يكون عصاميا إلى حد الإبهار، ومنهم من يستغل نفوذه للثراء.
والفئة الأخيرة التي تستغل نفوذها للثراء باتت هي الفئة الأبـرز من بين الفئات الأخرى. وهي فئة أنانية، تنتشر كالطحالب تمتص فائدتها دون أن تفيد غيرها، بل قد تضر مجتمعها بسبب جشعها وتكسيرها لقوانين الكسب المشروع.
قانون الثراء يسبقه أولا قانون العمل. فلا ثراء يفيد دون عمل مشروع. ومن يتأمل نهي الإسلام عن الربا يدرك المغزى الاقتصادي البليغ وراء تحريمه. فالمال المستثمر في الربا أناني، يكسب به صاحبه، ويخسر به المجتمع. استثمار المال له قانونه الإنساني. فشرط الاستثمار فائدة المجتمع بقدر فائدة صاحب المال. المجتمع بأبنائه وبناته يحتاج إلى وظائف، وهذه الوظائف لا تأتي إلا باستثمار المال في بناء مصانع، أو مشروعات توظف وتساعد على تحقيق الاستقرار الاجتماعي. ثقافة الكسب بالعمل تفيد الطرفين؛ صاحب المال والمجتمع، وهي ثقافة مضمونها أخلاقي، وناتجها ازدهار اقتصادي. الاستثمار بالربا مال يأكل بعضه، ويتفانى مهما زاد، لأنه ضد فطرة الكسب الطبيعية التي تفيد وتستفيد.
الانهيار الاقتصادي في أمريكا في 2008م كان عبر تجارة المال بالمال دون أن يكون هناك أثر مباشر على الاقتصاد مما أدى لأسوأ كارثة اقتصادية، ولولا تدخل مباشر من الحكومة الأمريكية وشرائها لأصول بعض الشركات، ودعم بعض البنوك، والسماح بانهيار بعضها لتطهير السوق لأدى لكارثة اقتصادية أعمق أثرا مما جرى.
شواهد الاستثمار الفاسد كثيرة، ولعل أسواق الأسهم خير دليل على ذلك مع بعض الفوارق من دولة لأخرى. لكن ــ إجمالا ــ الأمر يندرج تحت بيع المال بالمال حتى لو كان لها أصول تدعمها. فهي تجارة أنانية لا تبني مصنعا، ولا توظف عمالة، ولا تحقق منفعة خيرية للمجتمع. إنما مال يدور دون قرار، ينقص ويزيد في لعبة أشبه بلعبة الحظ.
التجارة الحقيقية لا تنهار لأن الإنسان المستفيد منها يحميها، فأثرها ملموس على صاحب العمل، وعلى أفراد المجتمع. بينما تجارة الأسهم تجارة معرضة للانهيار، وشواهدنا المحلية صارخة. فانهيار سوق الأسهم في 2006م كان انهيارا مس تأثيره قطاعا عريضا من أفراد المجتمع. استدان الكثير من أجل الربح السريع، أغرت البنوك دون ضابط الباحثين عن الثروة، فتهافت الناس صغيرهم وكبيرة، نساء ورجالا دون معرفة بمأزق تجارة الأسهم، لم يبصرهم أحد، بل أبصروا اللون الأخضر المبشر بالثراء في تصاعد. والنتيجة تبدل اللون الأخضر المفرح إلى الأحمر الكئيب. فتش المتعاملون في سوق الأسهم، عن سلعة يمكن تثميرها أو استعادتها فلم يجدوا إلا أرقاما حمراء صماء بأبخس الأثمان. تجارة الوهم انتهت بالخراب، وجن من جن، وافتقر من افتقر، وأثرى من أثرى، ومرة أخرى لا فائدة جناها المجتمع من جراء مهرجان الثراء هذا.
ولم تكن تجارة (سوا) بأحسن حالا من الأسهم، إذ لا وجود لأصول يفيد منها المجتمع، فقط تجارة للثراء السريـع لنخبة تعرف كيف تستغل نفوذها، وكيف تستدرج الراغبين في الثراء. والنتيجة جيوب خاوية. وخسائر بالملايين، ولا عزاء للباحثين عن الثراء السريع. هل بالضرورة أن يكون الناس كلهم أثرياء؟، إن تحقق ذلك، فذلك خارج قوانين الحياة الطبيعية. ما هو طبيعي أن أهل الثراء قلة، لكن مالهم يوجه لخدمة المجتمع لا الإضرار به. في هذه الحالة الكل يكسب على قدر علمه وعمله، وتنوع وسائل الكسب ليس بالضرورة أن تكون مالا، بل القيمة التي يفيدها المجتمع من طبيب أو مخترع، أو خلافه قد تكون أجدى من صاحب مال لا يوجه ماله لخدمة مجتمعه. كل عمل نؤديه بإخلاص فهو ثروة للإنسان، وثروة للمجتمع، لا بد أن نعي هذه الأهمية.
لكن ماذا عن القادرين على العمل، العمل النوعي المهني أو المعرفي، ولا يجدون عملا؟.. المشكلة هنا تكمن في سوء توظيف الثروات العامة والخاصة، إذ يؤدي سوء توظيف الثروات إلى بطالة تضر بالأفراد، والمجتمع على حد سواء.
تذكرت هذه الحكاية وأنا أتأمل فرص الثراء التي يصبها الناس ليس بالضرورة على قدر تعبهم، ولكن بالظروف التي يجدون أنفسهم فيها. فمنهم من يكون وارثا، ومنهم من يكون عصاميا إلى حد الإبهار، ومنهم من يستغل نفوذه للثراء.
والفئة الأخيرة التي تستغل نفوذها للثراء باتت هي الفئة الأبـرز من بين الفئات الأخرى. وهي فئة أنانية، تنتشر كالطحالب تمتص فائدتها دون أن تفيد غيرها، بل قد تضر مجتمعها بسبب جشعها وتكسيرها لقوانين الكسب المشروع.
قانون الثراء يسبقه أولا قانون العمل. فلا ثراء يفيد دون عمل مشروع. ومن يتأمل نهي الإسلام عن الربا يدرك المغزى الاقتصادي البليغ وراء تحريمه. فالمال المستثمر في الربا أناني، يكسب به صاحبه، ويخسر به المجتمع. استثمار المال له قانونه الإنساني. فشرط الاستثمار فائدة المجتمع بقدر فائدة صاحب المال. المجتمع بأبنائه وبناته يحتاج إلى وظائف، وهذه الوظائف لا تأتي إلا باستثمار المال في بناء مصانع، أو مشروعات توظف وتساعد على تحقيق الاستقرار الاجتماعي. ثقافة الكسب بالعمل تفيد الطرفين؛ صاحب المال والمجتمع، وهي ثقافة مضمونها أخلاقي، وناتجها ازدهار اقتصادي. الاستثمار بالربا مال يأكل بعضه، ويتفانى مهما زاد، لأنه ضد فطرة الكسب الطبيعية التي تفيد وتستفيد.
الانهيار الاقتصادي في أمريكا في 2008م كان عبر تجارة المال بالمال دون أن يكون هناك أثر مباشر على الاقتصاد مما أدى لأسوأ كارثة اقتصادية، ولولا تدخل مباشر من الحكومة الأمريكية وشرائها لأصول بعض الشركات، ودعم بعض البنوك، والسماح بانهيار بعضها لتطهير السوق لأدى لكارثة اقتصادية أعمق أثرا مما جرى.
شواهد الاستثمار الفاسد كثيرة، ولعل أسواق الأسهم خير دليل على ذلك مع بعض الفوارق من دولة لأخرى. لكن ــ إجمالا ــ الأمر يندرج تحت بيع المال بالمال حتى لو كان لها أصول تدعمها. فهي تجارة أنانية لا تبني مصنعا، ولا توظف عمالة، ولا تحقق منفعة خيرية للمجتمع. إنما مال يدور دون قرار، ينقص ويزيد في لعبة أشبه بلعبة الحظ.
التجارة الحقيقية لا تنهار لأن الإنسان المستفيد منها يحميها، فأثرها ملموس على صاحب العمل، وعلى أفراد المجتمع. بينما تجارة الأسهم تجارة معرضة للانهيار، وشواهدنا المحلية صارخة. فانهيار سوق الأسهم في 2006م كان انهيارا مس تأثيره قطاعا عريضا من أفراد المجتمع. استدان الكثير من أجل الربح السريع، أغرت البنوك دون ضابط الباحثين عن الثروة، فتهافت الناس صغيرهم وكبيرة، نساء ورجالا دون معرفة بمأزق تجارة الأسهم، لم يبصرهم أحد، بل أبصروا اللون الأخضر المبشر بالثراء في تصاعد. والنتيجة تبدل اللون الأخضر المفرح إلى الأحمر الكئيب. فتش المتعاملون في سوق الأسهم، عن سلعة يمكن تثميرها أو استعادتها فلم يجدوا إلا أرقاما حمراء صماء بأبخس الأثمان. تجارة الوهم انتهت بالخراب، وجن من جن، وافتقر من افتقر، وأثرى من أثرى، ومرة أخرى لا فائدة جناها المجتمع من جراء مهرجان الثراء هذا.
ولم تكن تجارة (سوا) بأحسن حالا من الأسهم، إذ لا وجود لأصول يفيد منها المجتمع، فقط تجارة للثراء السريـع لنخبة تعرف كيف تستغل نفوذها، وكيف تستدرج الراغبين في الثراء. والنتيجة جيوب خاوية. وخسائر بالملايين، ولا عزاء للباحثين عن الثراء السريع. هل بالضرورة أن يكون الناس كلهم أثرياء؟، إن تحقق ذلك، فذلك خارج قوانين الحياة الطبيعية. ما هو طبيعي أن أهل الثراء قلة، لكن مالهم يوجه لخدمة المجتمع لا الإضرار به. في هذه الحالة الكل يكسب على قدر علمه وعمله، وتنوع وسائل الكسب ليس بالضرورة أن تكون مالا، بل القيمة التي يفيدها المجتمع من طبيب أو مخترع، أو خلافه قد تكون أجدى من صاحب مال لا يوجه ماله لخدمة مجتمعه. كل عمل نؤديه بإخلاص فهو ثروة للإنسان، وثروة للمجتمع، لا بد أن نعي هذه الأهمية.
لكن ماذا عن القادرين على العمل، العمل النوعي المهني أو المعرفي، ولا يجدون عملا؟.. المشكلة هنا تكمن في سوء توظيف الثروات العامة والخاصة، إذ يؤدي سوء توظيف الثروات إلى بطالة تضر بالأفراد، والمجتمع على حد سواء.