طبطب وليّس يطلع كويّس!!

نوف محمد

مع بداية كل صباح وإطلالة شمس يوم جديد، تزينها زقزقة وتغريد العصافير ونسمات الهواء الباردة، والتي تتوقع أنها ستبشرك بيوم جميل مليء بالخير والتفاؤل، وبينما أنا في خضم هذا كله، أستعد للخروج من المنزل متوجهة إلى مقر عملي، إلا أنني أفاجأ بما يقلب لي مزاجي ويعكر علي صفو يوم كنت أنتظر أن يكون جميلا.
لقد أمسيت وأنا أحمد الله على أن أعمال الحفر و«الكركبة» التي كانت بالشارع القريب من منزلي قد انتهت قبل أيام وخفت صوت المعدات، وبدأت حركة السير تنفرج ولم أعد مضطرة للخروج من منزلي أبكر قليلا.. فما الذي حصل؟!
سرعان ما انتقض الشارع الذي ردمت حفره قبل أيام لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، ليعاد نقض أسفلته وغزله مرة أخرى!!
العمالة منتشرة في الشارع، وأعمال الحفر قائمة على قدم وساق، وفي حالة من الذهول رحت أسأل نفسي: ألم ينتهوا من هذه الأعمال قبل أيام؟! أم أنني كنت أحلم؟! أم ماذا الذي حصل؟!
انتابني الفضول، وسألت عن هذا الحال الغريب، وما الذي يحدث بالضبط؟!
وسرعان ما جاءني الرد الصاعق: «هذه الأعمال لغرض آخر غير الذي كان قبل أيام!!».
وانتابتني حالة من الذهول والصمت للحظات وقلت في نفسي: «لا تعليق!!».
وما إن عدت إلى الواقع حتى بدأت تداهمني الأسئلة التي أثق أننا جميعا نريد لها إجابات:
ألا يوجد تنسيق بين الجهات المعنية «اتصالات، كهرباء، مياه، صرف صحي» لتوحيد توقيت عمل هذه الحفريات والأعمال؟!
وما الذي يعوق وجود هذا التنسيق؟!
ولماذا لا تنجز هذه الأعمال دفعة واحدة؟! هل هذا مستحيل؟! أو هل هناك عوائق فنية تحول دون ذلك؟!
هل هو سوء إدارة، أم سوء تخطيط وتنسيق، أم وجود مهندسين غير مؤهلين يتولون هذه المشاريع؟!
كم تبلغ كلفة النقض المتكرر للشوارع؟! كم تتكبد خزينة الدولة جراء هذه العشوائية في تنفيذ المشاريع؟! وكم سنوفر على الدولة لو تم التخطيط لها بشكل سليم يوحد الحفر والعمل في المشروع الواحد ولا تضطر الدولة لفتحه من جديد مرة تلو الأخرى؟!
أثق تماما أنه لا يخفى على المسؤولين ما تسببه هذه الأعمال من إعاقة للحركة المرورية، وتعطيل للمواطنين والمقيمين عن أعمالهم وتثير استياءهم بلا شك، إضافة إلى ما تحدثه من تشويه للشارع واستهلاك لطبقات الأسفلت.
ومما لا شك فيه أن التنسيق الجيد المسبق بين الأجهزة والقطاعات الخدمية المختلفة للدولة، من شأنه القضاء على كثرة الحفريات في الشوارع والتقليل منها، مما سيسهل العمل ويقصر المدد المخصصة لتحسين وتطوير البنى التحتية، حيث يتكرر حفر الشوارع باستمرار، وغالبا لا يفرق بين المرة والأخرى إلا وقت قصير جدا، وسيوفر على الدولة الكثير من المال والوقت والكوادر التي يمكن استثمارها في مشاريع أخرى.
كما أنه لا بد من تكليف مقاولين لإنجاز هذه الأعمال يكونون مؤهلين وفق أرقى المواصفات العالمية والإمكانات، لنضمن سير عمليات الحفر وفقا للمواصفات الفنية والجودة المطلوبة.
ولا بد من التنويه إلى أهمية جودة رصف الطرقات بعد الحفر، وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الحفر إن لم تكن بحال أفضل، والمحافظة باستمرار على نظافة الموقع وإزالة جميع مخلفات الحفر والأسفلت واللوحات الإرشادية وكل ما يعوق ويضر بسلامة المارة، وليس كما يحدث من معظم المقاولين الذين يتبعون سياسة «طبطب وليس يطلع كويس»، وتجد أن المشروع الذي حفر للمرة العاشرة لتحسينه أسوأ بكثير من المرة الأولى التي نفذ فيها!!
هل من المستحيل أن تربط وزارة المالية صرف مستحقات المشاريع والمقاولين بشرط التنسيق بين الجهات وتقديم كراسة موحدة للمشاريع المشتركة في وقت واحد وموقع واحد؟! لا أعتقد أنه مستحيل، فقط يحتاج إلى قرار مسؤول من مسؤول، والله الموفق.