العالم يرفض الفراغ في لبنان.. فماذا سيحدث في جلسة الأربعاء؟

راوية حشمي (بيروت)

كما كل استحقاق رئاسي، تنقسم الساحة السياسية اللبنانية بين فريق على أتم الجهوزية والاستعداد لأخذ لبنان إلى الهاوية، وبين فريق مؤمن بالاعتدال وتقديم التنازلات لتفويت الفرص، فيخرج المجتمع الدولي عن صمته ليقول كلمته المعتادة «لا للفراغ» أيا كانت الأسباب لاعتباره أن لبنان ما زال نموذجا للتعايش والتنوع في الشرق. المجتمع الدولي شدد على عبارة «لا للفراغ» وقام بإعرابها في الغرف اللبنانية الخاصة، فاعتبر أن الـ«لا» هي لعدم المراهنة أو التجرؤ على إرجاء الانتخابات الرئاسية إلى سبتمبر المقبل أو أبعد من ذلك التاريخ لأن هناك فريقا سياسيا ينتظر أن تنقشع الرؤية الإقليمية في سوريا، أما «الفراغ» فاعتبره أمرا سيدخل البلاد في نفق خطير ومعقد على مختلف الصعد الأمنية والاقتصادية على خلفية طبيعة التطورات الملتهبة في المنطقة والجوار.
وبعد هذا الإعراب الدقيق، شعر بعض الفرقاء السياسيين بنوع من الاطمئنان، بأن العالم لن يسمح بالفراغ ولكن في لبنان وخلال أي استحقاق بالتنافس أوالتوافق أوالتمديد لا بد من الكيدية السياسية أولا ومن ثم الولادة.. فماذا سيحدث في جلسة الأربعاء؟. إن مسار هذه الجلسة بات واضحا للمصوتين، وكما رسمها رئيس مجلس النواب نبيه بري بتحديده النصاب بالثلثين في الدورة الأولى لفوز أي مرشح، على أن يفوز هذا المرشح بالنصف زائدا واحدا، أي 65 صوتا. أي أن جلسة الأربعاء محسومة النتائج وهي عبارة عن جلسة لجس النبض وتحفيز المرشحين على إعلان ترشحهم ورؤيتهم، على أن تسير بعدها العملية الانتخابية على الطرق الملتوية المعروفة في أروقة لبنان، لأن فريق الثامن من آذار لن يعترف برئيس غير توافقي أوبمعنى آخر رئيس يحظى بموافقته، وسيراهن عبر تفويت الجلسة تلو الجلسة على المرشحين والمصوتين، وسيستغل كل فرصة ممكنة يمكن أن تنتجها العوامل الدولية والإقليمية في الأزمة السورية حيث لعب النظام دورا كبيرا في تحديد شخصية الرئيس العتيد. ولكن كما هبط الانفراج السياسي على حكومة تمام سلام لا بد أن يهبط على القصر الرئاسي القائم في بعبدا، وهذا يعني أنه كما انحنت إيران وأوعزت لامتدادها في لبنان بأن يسمي تمام سلام رئيسا للحكومة وراوغت ثم أوعزت له مجددا بقبول التشكيلة الحكومية، ستنحني من جديد لئلا يدخل لبنان في الفراغ الرئاسي، وهذا الانحناء ليس خوفا من عقوبات أمريكية أو لعجزها عن تحقيق أي اختراق باجتماع الدول 5+1 بقدر ما هو الخوف من الحليف الروسي الذي جعلها تشعر برهاب كبير عبر إشارات الرئيس بوتين الواضحة والإيجابية باتجاه المملكة.