هيئة التوطين السعودية

محمد أبو داود

يبدو أننا وصلنا إلى مرحلة الحرب الخفية في محاربة التوطين. إنه الطابور الخامس. إنه الطابور الوافد الذي يحتكر قطاعات بأكملها ويمنع دخول مظاهر التوطين إليها. والقائمة وهي معقدة وتركز على حماية بؤر وظيفية عليا ذات رواتب مرتفعة. بمحاصرة آذان وعقول متخذي القرار الطماعين أصلا من أصحاب الأعمال. الخدمات والمواد والجملة وترابط الشبكات الموردة أو سلسلة التوريد حتى تصل إلى المستهلك النهائي. تمتد شبكاتهم عبر المدن والقرى وتبدأ من الموانئ ووسائل النقل والتخزين والتوزيع وحتى التجزئة وأخيرا تصل الى المستهلك. وقد ترتفع في مستوى تأدية الخدمة بالدين وإقراض المشتري.
إنها المظاهر المضرة والواضحة في تحالف غريب بين أصحاب بعض الأعمال والوافدين في أساليب طاردة وليست جاذبة للعامل الوطني. قد تكون على مستوى مؤسسة أو شركة صغيرة أو شركات كبيرة أو شبكات منظمة محكمة تسيطر على قطاع معين. لكنها في النهاية هي شبكات لا يمكن تفكيكها بسهولة. ولا بد من وجود جهاز رسمي بصلاحيات تنفيذية ربما هيئة للتوطين للقضاء عليها أو على الأقل تحييدها. وقد سبق أن كتبت عن هذا الموضوع في صحيفة الاقتصادية بتاريخ 13/1/2014 بعنوان الاقتصاد المتخفي الناهب السائب. وهذه الهيئة دورها ليس فقط تشجيع التوطين فهذه مرحلة ابتدائية اعتقد أننا انتهينا منها ولن تجدي ولن تنفع معها الأساليب اللينة واللطيفة. وستكون لها آثار إيجابية على التضخم والاحتكار والمتسولين والتستر والمخالفين لنظام الإقامة. وكذلك تكون مكملة لجهود تصحيح بعض تحديات الرشوة والواسطة والحوكمة والرأي المتطرف والتطاول على الرموز والأشخاص وما ينشر من هؤلاء بما هو أشبه بالمؤامرة في شبكات التواصل الاجتماعي.
أساليب التطفيش للمواطن منتشرة واحترفتها عصابات من الوافدين ذوي المصلحة ممن يحاصرون ويتعاونون مع ذوي العقول الخفيفة من أصحاب المصالح والأعمال الأنانيين ذوي الأفق المحدود. كل هم هذا الوافد في منظومة محترفة تبدأ بالاستحواذ على أذن صاحب العمل الذي لا يسمع إلا لهؤلاء الوافدين ولا مانع من ضم بعض المواطنين ممن يستفيدون بطرق غير مباشرة.
الأدهى أن هؤلاء الوافدين لا تسمع منهم في المجتمع إلا النقد للبلاد والعباد وتقصير الخدمات وسلبيات الوطن. اقتاتوا من خيراته ولم يتركوا لأهله أخضر ولا يابسا. بل نافسوا المواطن برفع أسعار الخدمات والاحتكار حتى في المهن والوظائف. ويشاركونه في الدعم الحكومي كالكهرباء والمياه ودعم الغذاء بل المصيبة الأكبر انهم في الواقع طابور خامس في الخفاء ينتهك حرمات البلاد سواء اجتماعيا بدون توضيح وبل حتى سياسيا بتوجهات معاكسة لاتجاهات السياسة العامة ومصالح الوطن. ونتركهم يرتعون في كل مجال وكأننا نحن الضيوف وهم أصحاب المنزل. وهنالك منهم من هم ربما يفوقون في إخلاصهم لبعض المواطنين ولهؤلاء مني تحية.