الرئيس اللبناني: لا خلاص لنا إلا بتطبيق اتفاق الطائف
محذراً في حواره لـ «عكاظ» من مشروع تقسيم يراد تعميمه على العالم العربي
الأحد / 06 / ربيع الأول / 1428 هـ الاحد 25 مارس 2007 19:52
حاوره/ د. عبدالعزيز النهاري
حمل الرئيس اللبناني اميل لحود في الجزء الثاني من حواره الشامل مع «عكاظ» اسرائيل مسؤولية الوضع المتوتر في جنوب لبنان عبر قيامها بالتحرشات والاعتداءات اليومية على السيادة البحرية والبرية والجوية اللبنانية. واعرب الرئيس لحود عن اسفه لاتهام البعض للمقاومة اللبنانية بانها تنفذ «اجندة ايرانية» ادت الى حرب تموز. وقال انه من المؤسف ان يعترف «العدو» بامور يرفض اللبنانيين والاصدقاء القبول بها.
* كثير من الدول العربية يخشى ان ينزلق لبنان إلى حرب اهلية جديدة. هل تخشون من ذلك، وكيف تنظرون إلى مستقبل التعايش السلمي والوفاق اللبناني؟
- مما لا شك فيه ان المخططين للفتنة في لبنان عملوا ودرسوا خطواتهم بدقة، ونسّقوا عملهم بشكل محترف في سبيل الوصول إلى غايتهم. ولكنني اعتقد بأن اللبنانيين واعون تماماً بأن أي فتنة داخلية او العودة إلى الحرب الاهلية ستجرّ الويلات على الجميع. فاللبنانيون على اختلاف انتماءاتهم الحزبية والطائفية والمذهبية، اكتووا بنار الحرب الداخلية وعاشوا مرارتها وذاقوا المها، ولا اعتقد بأن احداً منهم على استعداد لتكرار هذه التجربة المرّة. ويجب بكل الوسائل، تفويت الفرصة امام العدو ومن وراءه الذين يهدفون ويعملون لاثارة الخلاف بين اللبنانيين.
وبعد الاحداث التي شهدها لبنان ومحاولة الترويج للحرب الاهلية، والتي عرف اقطاب المعارضة بمؤازرة الجيش اللبناني الذي اثبت بالفعل انه لجميع اللبنانيين كيف يطفئون نارها قبل ان تشتعل، يبدو وكأن المطلوب تعميم هذا المشروع على كل العالم العربي دون ان تسلم أي دولة منه، وهو امر في غاية الخطورة نظراً إلى انعكاساته وتطوراته التي تهدد الاستقرار والامن. وفي حال تُرك للبنانيين حل امورهم بأنفسهم دون تدخلات خارجية لشق الصف ولتقوية طرف على آخر، فإن لبنان سرعان ما سيستعيد نشاطه على الصعد الاقتصادية والمالية والسياحية، وهذا ما سيتحقق بالفعل. ولهذا السبب تماماً تبدو اسرائيل مصرّة على استهداف لبنان بشتى السبل والوسائل لتقويض هذا الانتعاش كونه يشكل خطراً حقيقياً عليها. ولكن، على الرغم من كل ذلك، فإن اللبنانيين مصممون على صون التعايش والسلم الاهلي، وهذا ما ظهر بوضوح خلال الازمة الاخيرة.
لبنان القوى .. ضمان للاستقرار
* فخامة الرئيس حوادث التفجير في لبنان تجعل البعض يشكك في امن واستقرار هذا البلد، وهو ما يؤثر سلباً على قطاعات السياحة والاستثمارات. كيف يمكن اعادة الثقة في امن لبنان امام السائح والمستثمر العربي والاجنبي؟
- ان استقرار الوضع السياسي في لبنان ينعكس حتماً على استقرار الوضع الاقتصادي والامني فيه. وهذا بالذات، اضافة إلى مسائل دستورية اخرى، دفع بي إلى الطلب من كل الافرقاء اللبنانيين ضرورة الاستعجال في تشكيل حكومة وحدة وطنية كونها السبيل الوحيد للوصول إلى شاطىء الامان. واني على ثقة بأن تشكيل هذه الحكومة سيكون المدخل الرئيسي لاعادة الامور إلى نصابها، وسينعكس في وقت قصير، وبشكل ايجابي، على كل الصعد وهذا ما عرفه لبنان في السابق حيث استطاع في فترة قياسية نفض غبار الدمار والعودة إلى الساحة الاقليمية والدولية للعب الدور الذي طالما تميز به. وهذا ما سيحصل مجدداً، لان الاهم وجود العزيمة لدى اللبنانيين على تخطي الصعوبات والرغبة في العيش الكريم الحر، والقدرة على مواجهة أي تهديد بكلمة واحدة وموقف واحد، فتتحول قوة لبنان في قوته وليس في ضعفه كما يحاول البعض ان يشيع. فلبنان القوي هو الضمانة للبنانيين في العيش الكريم، ولبنان القوي هو الضمانة للاستقرار في المنطقة ككل، ولبنان القوي هو قبلة الانظار والاهتمام
* ماذا تقول للأفرقاء اللبنانيين وسط هذه الازمة السياسية؟
- أقول لهم عودوا إلى الطائف، الدستور واضح وهو أن اللبنانيين من كل الطوائف يتمثلون في السلطة عليهم أخذ هذا الموضوع في عين الاعتبار. الديمقراطية في لبنان هي ديمقراطية توافقية والمفروض أن يتحاور الجميع وأن يبقوا متحدين مع بعضهم البعض. من أجل ذلك أقول بأهمية الطائف والعودة إليه لأن الطائف ناقش كل الإشكاليات الطائفية اللبنانية وكل اللبنانيين أقروا بالالتزام بكل حذافيره لأنه أصبح دستوراً، وللأسف بعد الذي حصل في المنطقة من هجوم على العراق واحداث فلسطين عادوا إلى الشيء نفسه، فالأمريكيون دخلوا إلى المنطقة واستغلوا غريزة الطائفية في لبنان التي تستفيد منها في نهاية المطاف إسرائيل لأنها هي التي تريد أن تقوم دويلات مذهبية في الشرق الاوسط وهي تكون الدولة المذهبية الأقوى بين هذه الدويلات وتحكم المنطقة كلها. ومن أجل ذلك قامت القيامة علينا لأننا قلنا قوتنا من ذاتنا وكنت لا أزال في قيادة الجيش عندما قلت هذا الكلام وكان غريباً في السياسة لأن العين لا تقاوم المخرز، لكننا قلنا إن العين تقاوم المخرز لأننا نطلب عدم عودة إسرائيل إلى بيروت كما حدث عام 1982. وكقائد للجيش الوطني آنذاك قلت إننا ندعم المقاومة وربحنا الرهان. ولم يكن أحد يصدق ذلك وحصل التحرير وظلت مزارع شبعا. وبعد ذلك قالوا ضربنا العراق ويجب ان تنزعوا سلاح المقاومة التي سموها ارهابية، فقلنا ان هذه المقاومة من كل الطوائف وهي تقف في وجه اسرائيل ونحن كنا دائماً نقول إن إسرائيل لا يمكن أن تدع لبنان يعيش بسلام.
وقع العدوان الاسرائيلي في (يوليو) 2006 وبعد ثلاثة أيام قالوا والكل قال بعد يومين ان الامر انتهى لأن الحرب كانت قوية على كل لبنان وقد صرحت لـ CNN أن اسرائيل لن تنتصر لأن هناك مقاومة. يستطيعون أن يدمروا لبنان لكنهم لا يستطيعون أن يتغلبوا على المقاومة وكنت على حق.
اليوم عادوا إلى الكلام عن سلاح المقاومة لأن مصلحة إسرائيل تقضي بذلك، وهي تلاقي دعماً قوياً من أمريكا، وعلى هذا الأساس يأخذون الصراع إلى صراع مذهبي ونحن لا نرضى أن تكون حرب مذهبية لأن قوتنا بوحدتنا وعلى هذا الأساس نقول لهم لا تنظروا إلى الخارج واجلسوا مع بعض وتشاركوا بكل شيء، اننا نقول بتطبيق الطائف وان الذي يطبق الطائف كائنا من يكن فانا معه ولا يوجد خلاص إلا بتطبيق الطائف. وان الازمة بدأت رزمة واحدة من خلال الهجوم الأمريكي على المنطقة بدءاً باحتلال العراق والآن مهما تكلموا وجمّلوا تصاريحهم بدأوا بتطبيق اتفاق بيكر- هاملتون، يعني بدأوا يتحدثون مع سوريا ودول الجوار لأنهم رأوا انهم لا يستطيعون حل القضية بدون هذه الدول، وان الرئيس جاك شيراك الذي كان لولباً وحرك الرأي العام العالمي ليس محبة بلبنان انما لمصالحه الشخصية، علماً ان فرنسا كانت دائماً مع لبنان و اليوم سيغادر شيراك الحكم. ومن سيأتي خلفاً له رئيساً لفرنسا، ساركوزي او غيره فانه لا توجد لديه مصالح شخصية لبنانية من اجل ذلك بعد شهر ستتغير الامور عما هي عليه الآن.
* يعني نحن نتوقع ان الامور بعد شهر ستتحسن إن شاء الله؟
- لن يحدث أي مشكل. وانا اتذكر بعد اتفاق الطائف بدءاً بتسعينات القرن الماضي وكنت قائداً للجيش قلت انه بوجودنا لم تعد الحرب الاهلية موجودة، لم يصدق أحد، علماً انه حدث بعض الأحداث والزلزال والاغتيالات التي لم يتصورها العقل. منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولكن الحرب الأهلية لم تحدث ولن ندعها تحدث لماذا؟ لأن المفروض برئيس الجمهورية أن يكون للكل استناداً إلى الدستور، من أجل ذلك انا متفائل وبعد شهر لن يكون التأثير الخارجي كما هو اليوم وبعد ذهاب شيراك فان الرئيس بوش يكون قد وضح امره، ولا أكثر من شهرين سيكون عندنا حكومة وطنية وهي تنظر بكل هذه الامور المتنازع عليها من باريس3 إلى قانون الانتخاب والمحكمة الدولية...
* قلتم انكم لن تسمحوا ان تكون هناك حرب أهلية؟
- نعم لن نسمح وأؤكد كذلك أن سنة 1982 وكان امين الجميل رئيساً للجمهورية وكان الوضع نفسه لكن الأفرقاء تغيروا الآن. كان يوجد على أرض لبنان أربع جيوش كبرى الامريكي، البريطاني، الفرنسي والايطالي، واسرائيل كانت في بعبدا وهذا مثل أعطيه. الذي حدث بعد سنتين أنهم لم يعرفوا كيف هربوا من هنا، وظلت الامور بهذا الشكل إلى حين انعقاد مؤتمر الطائف عام 1989 واليوم لا يوجد جيوش بل امم متحدة (قوات اليونيفيل) من أجل ذلك نقول إن رئيس الجمهورية يجب ان يكون حكماً اذا ذهبت الامور شرقاً يعيدها إلى النصف واذا ذهب غرباً يعيدها للنصف ولأنني دائما ارد الامور إلى الوسط بايامنا لا تحدث حرب أهلية وانا لو رضيت ان اعود إلى مارونيتي ما الذي سيصير في لبنان كانت وقعت الحرب الأهلية. وليس المهم انا لكن المهم لبنان أن يظل بألف خير ويبقى أولادي في البلد.
* هل تتوقع أن يكون هناك طائف آخر أو رياض آخر هذه المرة؟
- انا أقول أنه يجب أن يتطور الطائف لأن هناك بنوداً بنيت بالممارسة ولم تكن ظاهرة من قبل، وهناك أمور اخرى يجب تعديلها من اجل ذلك يجب ان يكون هناك طائف2 يحكم بهذه الامور ويضع لها حلولاً.
في السابق كانت الحرب مشتعلة ولا يستطيعون أن يجلسوا في لبنان وذهبوا إلى الطائف، واليوم لا توجد حرب انزلوا إلى البرلمان وتكلموا بكل الامور وانني على يقين انهم سيتوصلون إلى اتفاق اذا لم يكن هناك من تدخل خارجي.
* لكن رئيس البرلمان يرفض انعقاد الجلسات ؟
- لأنه استناداً إلى الدستور ان رئيس المجلس له الحق وحده ان يدعو إلى الجلسة وتقول ان البرلمانات الاخرى غير ذلك واقول لك صحيح لكن عندنا لم يسجل هذا الامر في الدستور.
* هل انت مفائل بالحد الادنى؟
- انا دائماً متفائل وقد مررنا بظروف أصعب بكثير من الاعتداءات الاسرائيلية وكانوا دائماً يقولون إن لبنان انتهى وكنت أقول لهم لا. لأنني متأكد ان لبنان عندما سيحل السلام في المنطقة سيصبح أحسن دولة في العالم وان التجاذبات السياسية الخارجية تمنع اللبنانيين من الجلوس بعضهم مع بعض.
* لكن ذكرتم التدخلات الخارجية وكنتم تشيرون في جميع الاتهام إلى شيراك واسرائيل ومن وراءها العرب ولكن لم تتطرقوا إلى التدخل السوري؟
- انا كنت اقولها دائماً واقولها اليوم ان أي دولة تأتي وتدعم قوتي أهلاً وسهلاً وعندما تقول سوريا انها مع حقنا في المقاومة في وجه اسرائيل أهلاً وسهلاً بها. واذا قال الأمريكيون هذا الكلام فاصبح مع الامريكيين لأنني أريد مصلحة بلدي. وان يكون عندي قدرة على مواجهة إسرائيل لأن أهم موضوع عندنا في لبنان هو حق العودة فكل الدول العربية تستطيع أن تتحمل التوطين إلا لبنان وان لم يكن عندنا قوة ومقاومة فكيف سندافع عن موقفنا. الآن يعرضون السير بالمبادرة العربية شريطة حذف بند حق العودة وهذا البند انا من طلب ايراده في المبادرة في قمة بيروت. أولمرت بالأمس قال احذفوا هذا البند لكي نمشي بالمبادرة العربية وكذلك فعلت وزيرة خارجيته. نحن دائماً سنكون إلى جانب من يقف إلى جانبنا ليس شخصياً بل إلى جانب وطننا ومصالحه.
اسرائيل مصدر التوتر
* يظل جنوب لبنان منطقة متوترة ملتهبة، ما هو الحل الامثل الذي ترونه لاستقرار جنوب لبنان؟ وكيف السبيل إلى حل مسألة مزارع شبعا وموضوع سلاح حزب الله؟
- الوضع المتوتر في الجنوب مصدره اسرائيل وليس لبنان. والدليل على ذلك هو التعمد الاسرائيلي للقيام بتحرشات يومية واعتداءات على السيادة البحرية والبرية والجوية اللبنانية تحت انظار قوات «اليونيفيل» المعززة المتواجدة على طول الشريط الحدودي مع الجيش اللبناني. وهذا الامر دفع بالجيش إلى الرد على هذه الاعتداءات، وفق امكاناته اللوجستية المتواضعة طبعاً، وارسل رسالة إلى العالم اجمع والى اسرائيل خصوصاً بأنه سيدافع عن الارض بعزم ثابت وارادة صلبة. ولا شك ان هذه العزيمة حفّزها شعور الفخر والاعتزاز للمواطن اللبناني والعربي جراء النصر المدوي للمقاومة اللبنانية على الجيش الاسرائيلي. فللمرة الاولى تذوق اسرائيل طعم الهزيمة على ايدي مجموعة من الشبان اللبنانيين يؤمنون بأن الحق لا بد ان ينتصر مهما عظمت التضحيات واياً كان الذي يواجهونه. واذا ما قارنا الامكانات العسكرية الكبيرة المتوافرة لاسرائيل (ناهيك عن تلك التي توافرت لجيشها خلال الحرب بفضل الادارة الاميركية التي امّنت جسراً جوياً عسكرياً لمدّ اسرائيل بالقنابل والوقود للطائرات).
لقد اعتقد العدو ان تكثيف الغارات الجوية، واستخدام القنابل الثقيلة والممنوعة دولياً، والحاق الاضرار المادية الجسيمة، والاهم انزال الخسائر البشرية الكبيرة بالمواطنين اللبنانيين الابرياء ومعظمهم من النساء والاطفال، ستجعل المقاومة تستسلم وتنهزم. هذا من دون ان نذكر الغطاء والدعم الدبلوماسي الدولي على اعلى المستويات والذي امّن لاسرائيل «فترة سماح» دامت اكثر من 33 يوماً. لكن المفاجأة كانت ان المقاومة نجحت في الرد ميدانياً، فعوّضت النقص في السلاح لمواجهة الطائرات باستخدام الصواريخ لضرب العمق الاسرائيلي، وبتدمير اعداد كبيرة من الدبابات التي تعتبرها اسرائيل مفخرة لها (اي دبابة الميركافا)، اضافة إلى تدمير الطرادات البحرية والطائرات المروحية المتطورة. كل هذه المعطيات دفعتني إلى الرهان على انتصار المقاومة منذ اليوم الاول للحرب التي شنتها اسرائيل في تموز الفائت، والذي لم يأخذه البعض على محمل الجد فراهنوا على انتصار اسرائيل. ولكن النتيجة اتت لمصلحة المقاومة باعتراف اسرائيل نفسها، وهذا كاف لنا للقول ان القرارات التي اتخذتها منذ تولي قيادة الجيش اللبناني كانت صائبة وفي محلّها، واتت لمصلحة لبنان. فلو انتصرت اسرائيل لا سمح الله، لكان لبنان اليوم اداة في يد عدد من الدول الكبرى يديرونه بما يتوافق ومصالحهم ومصلحة اسرائيل. ما واجهه الجيش الاسرائيلي في الحرب الاخيرة، هو «مقاومة خفية» فكانوا جنود هذا الجيش لا يعرفون من اين تأتي الضربات والكمائن والصواريخ، واقولها بصراحة، لو كانت المواجهة بين جيشين لكانت اسرائيل انتصرت، وهذا السبب ليس لعدم كفاءة عناصر الجيش اللبناني وبسالتهم، بل على العكس فهم اظهروا شجاعة قل نظيرها، وهنا تكمن اهمية المقاومة وسلاحها. وهنا، لا بد من الاشارة إلى المشروع الاميركي الذي كان يهدف إلى نزع سلاح المقاومة مباشرة بعد سقوط بغداد، وهذا ما ابلغني به وزير الخارجية الاميركي آنذاك الجنرال كولن باول مباشرة بعد سقوط بغداد في العام 2003. وفي هذه الجلسة، كان جوابي في حضور رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ووزير الخارجية جان عبيد، ان المقاومة اللبنانية هي السلاح الامضى في وجه اسرائيل طالما انها بلد معاد للبنان.
وشرحت له هذه النظرية العسكرية التي تقول بأنه عند مواجهة جيش قوي محتل، فإن المقاومة هي الحل الانسب لانها لا تتبع طريقة معينة ولا تتواجد في اماكن محددة، وبامكانها ان تلحق اضراراً كبيرة في صفوف العدو مهما بلغت قوته وافضليته العسكرية، واضفت على ذلك ان المعاهد الاميركية التي التحقت بها خلال دوراتي التدريبية كضابط في الجيش اللبناني، كانت تؤيد هذه النظرية.
وعبثاً حاول الوزير الاميركي اقناعي بأن الامور ستتغير في المنطقة بعد التواجد الاميركي في العراق، فبقيت على رهاني على المقاومة في مواجهة اسرائيل واطماعها واعتداءاتها المتواصلة على لبنان وشعبه.
اما في ما خص مسألة مزارع شبعا، فكان للادارة الاميركية ايضاً دور بارز في محاولة قضم مساحات من الاراضي اللبنانية عند ترسيم الخط الازرق. وكان الضغط الاميركي يشتد شيئاً فشيئاً على لبنان للاعتراف بالانسحاب الاسرائيلي وانهاء الموضوع في العام 2000، بما يضمن راحة اسرائيل، فاتصلت بي وزيرة الخارجية الاميركية في حينه السيدة مادلين اولبرايت وكانت الساعة حوالى منتصف الليل بتوقيت بيروت، وطلبت الي ان اوعز إلى الوفد اللبناني إلى الامم المتحدة بوجوب الاعتراف بأن الانسحاب الاسرائيلي من لبنان بات منجزاً وان يصوت لبنان على هذا الامر بالايجاب. فطلبت منها الانتظار قليلاً ريثما اتحادث مع اللجنة اللبنانية المكلفة التأكد من الانسحاب وهي تضم ضباطاً لبنانيين، فأفادني رئيسها انه لا تزال هناك نقاط عالقة وانه وفقاً للخرائط اللبنانية فإن هناك 18 مليون متر مربع لا تزال محتلة من قبل اسرائيل. عندها ابلغت السيدة اولبرايت بأن هناك نقاطاً عالقة ولا يمكن للبنان الموافقة على ان الانسحاب الاسرائيلي منجز، فحاولت اعطائي تطمينات في بادىء الامر بأنه بعد التصويت سيتم بحث هذه المواضيع لحلها، وان جلسة التصويت باتت قريبة جداً ولا يمكن تفويت الفرصة، لكنني اصريت على موقفي. وحين لم تجر الامور بالترغيب، حاولت استعمال نفوذها في محاولة للترهيب وايهامي بأنني سأكون في مواجهة الامم المتحدة والولايات المتحدة وان المشروع سيتم التصويت عليه في حال قبل لبنان ام لم يقبل، وكان جوابي بكل وضوح انه يمكن لمن يرغب اتخاذ القرار الذي يريد، ولكن لبنان سيعارض. وبعد ساعات طويلة من النقاش امتعضت السيدة اولبرايت وسألتني: هل تعلم مع من تتحدث؟ انا وزيرة خارجية اميركا. فأجبتها: كل ما اعلمه ان الساعة اصبحت الخامسة فجراً بتوقيت بيروت، وانني بحاجة إلى النوم، وانهيت الاتصال. وبعدها، تمكن لبنان من استعادة 18 مليون متر مربع فيما بقيت مزارع شبعا متنازع عليها مع بعض الاراضي الاخرى.
محاولة لنزع سلاح المقاومة
* هل هناك تدخل ايراني في لبنان كما يقول البعض؟
- اتهم البعض المقاومة بأنها نفذت «اجندة» ايرانية ادت إلى حرب تموز الفائت. من المؤسف فعلاً ان يعترف العدو بأمور يرفض بعض اللبنانيين والاصدقاء القبول بها. فبعد التقارير العديدة عبر وسائل الاعلام الاسرائيلية والاميركية تؤكد نية اسرائيل شن حرب على لبنان ولو لم يأسر حزب الله أي جندي، اعترف رئيس الوزراء ايهود اولمرت بهذا الامر حين قال ان التخطيط لهذه الحرب كان في شهر آذار من العام 2006، أي قبل اربعة اشهر من الحرب. فاذا اعترف العدو بذلك، هل من المنطق ان تعلو اصوات في الداخل تقول العكس؟ ما هو المطلوب اذاً؟ خلق فتنة داخلية بهدف تجريد المقاومة من سلاحها واعطاء اسرائيل في زمن السلم ما لم تستطع الحصول عليه بالقوة في زمن الحرب؟
وهل اصبح البعض مقتنعاً إلى هذا الحد ان اسرائيل تخلّت عن كل اطماعها في لبنان وهي تخطط للقيام بكل ما من شأنه تقوية الموقف اللبناني وتعزيزه؟ فليفق هؤلاء من غيبوبتهم وليعلموا ان العدو لا يألو جهداً في سبيل زعزعة الاستقرار في لبنان على الصعد كافة امنياً وسياسياً واقتصادياً، وهو يعمل بجهد لاحداث شرخ بين اللبنانيين يلج منه إلى الداخل اللبناني ويدمّر البلد، فيرتاح ويقف متفرجاً على آلام ومعاناة الشعب اللبناني.
ونجدد التأكيد على ان كل قطرة دم بذلت في سبيل الدفاع عن لبنان هي لبنانية وقدّمها مواطنون يدافعون عن ارضهم واهلهم وارزاقهم وحقهم في العيش بركامة وحرية.
إلى ذلك، لا بد من القول ان «حزب الله» الذي يمثل المقاومة اللبنانية في وجه العدو الاسرائيلي، لم يتبنّ أي قرار او فكرة لا تصب في مصلحة لبنان.
* كيف ترون العلاقات اللبنانية- العربية بصفة عامة في هذه المرحلة؟
- ان مصلحة لبنان تكمن في ان يقف وبشدة في وجه العدو الذي يتربص به شراً ولا يوفر وسيلة الا ويستعملها لشق صفوف ابنائه واشباع اطماعه في مياهه وارضه. ان لبنان هو بلد محب للسلام ولكنه لا يقبل بالاستسلام، وهو بالتالي متمسك بمحيطه العربي وقد اثبت ذلك خلال مختلف المراحل التي مرّ بها، كما انه متمسك بالعلاقات الطيبة والودية والندية التي تجمعه باصدقائه في مختلف انحاء العالم. ولا بد من الاشارة إلى انه ورد في مقدمة الدستور اللبناني ما يلي: لبنان عربي الهوية والانتماء وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم بمواثيقها، كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم بمواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات دون استثناء. وهذا الامر كفيل بتأكيد وترسيخ فكرة عروبة لبنان والى كونه جزءاً لا يتجزأ من محيطه العربي.
علاقات تاريخية وعميقة
* كيف تقيّمون العلاقة بين لبنان والمملكة خلال عهدكم؟
- ان العلاقة التي تحكم لبنان بالمملكة العربية السعودية تاريخية وعميقة وليست مستجدة، وهي قائمة على الاحترام المتبادل وعلى متانة كبيرة بين الشعبين الشقيقين، وتجلّت في اكثر من مناسبة. واللبنانيون يذكرون بكثير من الامتنان الدور الكبير الذي لعبته المملكة في محطات حاسمة وحرجة من تاريخ لبنان ويكفي ذكر اتفاق الطائف الذي رعته المملكة للتدليل على الجهود التي تبذلها في سبيل مساعدة لبنان وابنائه. ومن الطبيعي ان تكون هذه العلاقة في مستوى اكثر من جيد، في ظل القيادة الحكيمة، وهذا من شأنه تعزيز الروابط بين البلدين والشعبين الشقيقين. ويأتي التحرك السعودي الاخير في ظل الازمة السياسية اللبنانية، ليشهد مجدداً على حرص المملكة على تدعيم الوفاق اللبناني، وتقريب وجهات النظر بين الافرقاء اللبنانيين. وفي هذا السياق، اتوجه بالشكر إلى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز على الجهود التي يبذلها في سبيل المساعدة على حل الازمة السياسية الراهنة في لبنان، متمنيا ان تتكلل هذه المساعي بالخير، ونشهد قريبا حلولا ترسخ الوحدة بين اللبنانيين، وتعزز اسس التضامن في ما بينهم، وتعيد للمؤسسات الدستورية دورها الكامل الذي يفضي الى المشاركة الحقيقية في صنع القرار الوطني المستقل ويؤمن الارضية الصالحة لاستمرار مسيرة السلم الاهلي والوفاق الوطني التي ارسى اسسها مؤتمر الطائف الذي رعته المملكة العربية السعودية الشقيقة ووفرت له كل مقومات النجاح.
التوطين أساس ما يحدث في المنطقة
* هناك مؤشرات دولية على صيغة ما تحضر لمعالجة الازمة الفلسطينية على قاعدة المبادرة العربية. كيف تقيمون هذه المؤشرات؟ وما هو موقف لبنان من قضية اللاجئين الفلسطينيين في ظل هاجس التوطين؟
- لا أكشف سراً إذا قلت أن موضوع التوطين هو الأساس في كل ما يجري حالياً في المنطقة، وهو أحد أسباب مقاطعة عدد من الدول الكبرى لي لأني لم أساوم على حق العودة للفلسطينيين إلى ارضهم كما ينص عليه القرار الدولي 194. وعليه، فإن أي صيغة لمعالجة الازمة الفلسطينية لن يكتب لها النجاح الا اذا ما تم احترام كل البنود التي تنص عليها مبادرة القمة العربية ومن ضمنها حق العودة. وآمل بالفعل ان تكون اسرائيل ومن وراءها قد اقتنعوا تماماً بأن العنف في المنطقة لن يكون له تأثير ولن يؤتي بأي ثمار، وقد تعلمت اسرائيل درساً لا ينسى في هذا المجال في الحرب الاخيرة التي شنت على لبنان. وعلى الجميع ان يعلم ان اسرائيل لم يعد بامكانها لعب دور الشرطي في المنطقة، وعليهم التخلي عن هذا المشروع، انما ليس لمصلحة مشروع «الشرق الاوسط الجديد» الذي بشّرتنا به الادارة الاميركية والذي يهدف إلى اضعاف دول المنطقة لتقوية اسرائيل. ولا اخفي سراً حين اقول واردد اكثر من مرة أني وقفت دائماً مع حق العودة للشعب الفلسطيني إلى أرضه وعارضت فكرة توطين الفلسطينيين في الدول التي تستضيفهم ولا سيما منها لبنان. وهذا الموقف اتخذته منذ القمة الفرانكوفونية في مدينة «مونكتون» في كندا عام 1999، وخلال القمة العربية في بيروت أصريت على إدراج هذا الأمر في متن المبادرة العربية. وقد اثير في الفترة الاخيرة موضوع اعتبار الممثلية الفلسطينية في لبنان بمثابة سفارة، وكانت لي ملاحظات هدفت إلى إلقاء الضوء على أبعاد هذه الخطوة والتفسيرات الخاطئة التي يمكن أن تعطى لها في المحافل الإقليمية والدولية، فضلاً عن إمكانية سوء استغلالها من الجهات التي تعمل في الخفاء والعلن على تمرير مسألة توطين الفلسطينيين في لبنان، لا سيما وان المعلومات كثيرة عن مخططات دولية وإقليمية للتعاطي مع قسم من الفلسطينيين في لبنان، خصوصاً أولئك المسجلين لدى منظمة «الأونروا»، على نحو مختلف عن الفلسطينيين الآخرين وذلك من خلال إعطائهم بعض الامتيازات مثل الإقامة وإجازات العمل وحق التملك إلخ... وهنا تكمن الأبعاد الخطرة لتحويل مكتب الممثلية إلى سفارة.
السفارة ليست في مصلحة لبنان
* قيل بأن وجود مكتب ممثلية فلسطينية بمثابة سفارة.. فما هو رأي فخامتكم؟
- الواقع أنه لا يكفي أن يطلق هذا المسؤول أو ذاك تصريحاً «يطمئن» فيه اللبنانيين إلى أن لا خطر على توطين الفلسطينيين من جراء التعامل مع مكتب الممثلية الفلسطينية في لبنان كسفارة لدولة فلسطين، لأن مثل هذا الأمر ليس في يد هذا المسؤول أو ذاك، بل إن الواقع الذي سينشأ بعد إقامة سفارة لفلسطين في لبنان هو الذي سيفرض نفسه، خصوصاً إذا ما لقي دعماً دولياً معيناً من شأنه حل جزء من مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على حساب لبنان ولو كان الدستور ينص على عكس ذلك، لا سيما وأن نصوصاً كثيرة واردة في الدستور لا يتقيد بها المجتمع الدولي ولا يحترمها أو يطبقها خصوصاً إذا ما وجد في الداخل من يشجع مثل هذا التجاهل والتنكر. وقلت يومها لرئيس الحكومة والوزراء: «إذا كان الهدف من هذا الطلب هو إيجاد الإطار المؤسساتي الفلسطيني لرعاية شؤون الفلسطينيين ومطالبهم وغير ذلك، فإن الممثلية الفلسطينية قادرة على القيام بهذا الدور وهي بدأت تقوم به بالفعل وقدمت لها كل التسهيلات التي تمكنها من ذلك، وبالتالي فإن التعامل مع الممثلية كسفارة لن يقدم ولن يؤخر طالما أن المهام واحدة والتسهيلات موجودة والرعاية مؤمّنة وكذلك الامتيازات المطلوبة». لكني ما أخشاه هو أن يكون إنشاء السفارة سبباً كافياً للمجتمع الدولي ولإسرائيل بصورة خاصة كي يرفضا الخوض في موضوع عودة اللاجئين إلى ديارهم، لا سيما وأن المجتمع الدولي لا يزال يتغاضى عن وضع القرار الدولي الرقم 194 موضع التنفيذ لأنه يؤكد على حق العودة للشعب الفلسطيني إلى أرضه، وكأن القرار موضوع في «براد الأمم المتحدة». كذلك فإن الدول العربية والجامعة العربية لم تضع حتى الآن أية إستراتيجية عربية موحدة إزاء موضوع العودة، فيما الموقف الإسرائيلي من المسألة واضح وصريح بضرورة توطين الفلسطينيين في الدول التي تستضيفهم، وهذا ما عبّرت عنه صراحة وزيرة الخارجية الاسرائيلية وكبار المسؤولين الاسرائيليين منذ فترة قصيرة فانتقدوا ادراج هذا البند ضمن المبادرة العربية للسلام واعتبروا انه لولا هذا البند لكانت المبادرة جيدة، وهذا امر ليس بمستغرب على اسرائيل كونها لا تبحث عن حل شامل ودائم وعادل، بل عن حل يرضيها ويحقق مصالحها التي لم تستطع تحقيقها بقوة السلاح. إضافة إلى ذلك فإن الدولة الفلسطينية نفسها وبوضعها الحالي المعروف لم تتخذ بعد موقفاً صريحاً في شأن حق عودة رعاياها اللاجئين من الدول المضيفة، والظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون لم تجعلهم يضعون هذا الأمر في سلم أولويات السياسة التفاوضية مع إسرائيل. واستغربت أن يقول عدد من المسؤولين ومن بينهم رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني السفير خليل مكاوي، ان هذه الخطوة تعتبر دعماً للحوار اللبناني-الفلسطيني، واعتبرت أن هذا الأمر يستوجب التعمق أكثر في الوضع الفلسطيني الداخلي ونظرة جميع مكونات الكيان الفلسطيني إلى هذه النقطة، في ظل بعض المواقف الفلسطينية المختلفة حيال هذا الأمر. لقد كان قرار مجلس الوزراء هو أن يكون هذا المكتب ممثلاً لفلسطين، فلماذا نتدخل نحن في الشؤون الداخلية الفلسطينية مما قد ينعكس سلباً على الوضع الفلسطيني في لبنان، وأنا أؤكد ان استعجال إنشاء السفارة الفلسطينية لن يكون أبداً في مصلحة لبنان في ظل الظروف الدولية والإقليمية والفلسطينية واللبنانية الحالية لا سيما وأن أحداً لا يضمن لا في الداخل ولا في الخارج بأن يطبق القرار الأممي 194 ويعود اللاجئون الفلسطينيون الموجودون في لبنان إلى ديارهم، ولا أحد يضمن أن يكون اعتبار الممثلية الفلسطينية بمثابة سفارة خطوة أولى نحو إنشاء سفارة تحت أي ضغط خارجي. كما أن أحداً لا يضمن أبداً عدم تطبيق المبدأ الدولي القاضي بالمعاملة بالمثل في العلاقات الدبلوماسية، وبالتالي لا أحد يضمن عدم خطورة الاستعجال والتفرد بهذا الموضوع على لبنان واللبنانيين.
تأكيد حق العودة ورفض التوطين
* وما هو رأي فخامتكم في مسألة السفارة الفلسطينية في لبنان؟
- لقد كان رأيي وجوب التريث في اتخاذ مثل هذا القرار لا سيما وأنه ليس هناك من أمور مستعجلة أو قضايا عالقة يجب بتها، وأن لدى لبنان الوقت الكافي لدرس هذا الأمر من كل النواحي وإزالة كل الالتباسات التي يمكن أن تنشأ جراء خطوة بهذه الأهمية. فضلاً عن أن اللجنة الوزارية التي شكلت في العام 2003 للقيام بتحرك محلي وعربي ودولي لمواجهة خطر التوطين. لم تلحظ موضوع إقامة سفارة لفلسطين في لبنان، بل ركزت على تعزيز التفاهم على حق العودة ورفض التوطين في كل الزيارات واللقاءات الرسمية، وتشكيل وفود مشتركة رسمية ودبلوماسية وأهلية ودعم كل تحرك يقوم على إبراز الإجماع أو شبه الإجماع الفلسطيني على ضرورة التزام حق العودة وإثارة هذا الموضوع عربياً ودولياً، إعطاء الأولوية لرفض التوطين، في حين ان اعتبار الممثلية سفارة من شأنه أن يخلق الالتباس لدى الدول، وكأن لبنان أقر الواقع الفلسطيني الراهن على رغم ما يعانيه، في حين أن لبنان يسعى إلى تأمين الواقع الفلسطيني الأمثل والأكثر تطابقاً مع القرارات الدولية، لا سيما ضمان حق العودة وإقامة الدولة المستقلة على التراب الفلسطيني. أما القول ان «بقاء الفلسطينيين من دون وثائق سفر غير معرف عنهم، مع مرور الزمن سيصبحون لبنانيين مع إقامتهم الدائمة في لبنان»، هو كلام خطير لا يجوز أن يصدر عمن يتولى الملف اللبناني-الفلسطيني، وهو يندرج في إطار علامات الاستفهام الموضوعة على أسباب طرح موضوع السفارة الفلسطينية بإلحاح على مجلس الوزراء في هذا الظرف بالذات، لأن القول بأن الفلسطينيين يصبحون لبنانيين نتيجة إقامتهم الدائمة في لبنان، يخدم في الواقع المخططات الموضوعة لتوطينهم ويعزز النظريات التي تروج لمثل هذه الخطوة وتبررها على رغم رفض اللبنانيين لها وإدراج ذلك في الدستور.
* كثير من الدول العربية يخشى ان ينزلق لبنان إلى حرب اهلية جديدة. هل تخشون من ذلك، وكيف تنظرون إلى مستقبل التعايش السلمي والوفاق اللبناني؟
- مما لا شك فيه ان المخططين للفتنة في لبنان عملوا ودرسوا خطواتهم بدقة، ونسّقوا عملهم بشكل محترف في سبيل الوصول إلى غايتهم. ولكنني اعتقد بأن اللبنانيين واعون تماماً بأن أي فتنة داخلية او العودة إلى الحرب الاهلية ستجرّ الويلات على الجميع. فاللبنانيون على اختلاف انتماءاتهم الحزبية والطائفية والمذهبية، اكتووا بنار الحرب الداخلية وعاشوا مرارتها وذاقوا المها، ولا اعتقد بأن احداً منهم على استعداد لتكرار هذه التجربة المرّة. ويجب بكل الوسائل، تفويت الفرصة امام العدو ومن وراءه الذين يهدفون ويعملون لاثارة الخلاف بين اللبنانيين.
وبعد الاحداث التي شهدها لبنان ومحاولة الترويج للحرب الاهلية، والتي عرف اقطاب المعارضة بمؤازرة الجيش اللبناني الذي اثبت بالفعل انه لجميع اللبنانيين كيف يطفئون نارها قبل ان تشتعل، يبدو وكأن المطلوب تعميم هذا المشروع على كل العالم العربي دون ان تسلم أي دولة منه، وهو امر في غاية الخطورة نظراً إلى انعكاساته وتطوراته التي تهدد الاستقرار والامن. وفي حال تُرك للبنانيين حل امورهم بأنفسهم دون تدخلات خارجية لشق الصف ولتقوية طرف على آخر، فإن لبنان سرعان ما سيستعيد نشاطه على الصعد الاقتصادية والمالية والسياحية، وهذا ما سيتحقق بالفعل. ولهذا السبب تماماً تبدو اسرائيل مصرّة على استهداف لبنان بشتى السبل والوسائل لتقويض هذا الانتعاش كونه يشكل خطراً حقيقياً عليها. ولكن، على الرغم من كل ذلك، فإن اللبنانيين مصممون على صون التعايش والسلم الاهلي، وهذا ما ظهر بوضوح خلال الازمة الاخيرة.
لبنان القوى .. ضمان للاستقرار
* فخامة الرئيس حوادث التفجير في لبنان تجعل البعض يشكك في امن واستقرار هذا البلد، وهو ما يؤثر سلباً على قطاعات السياحة والاستثمارات. كيف يمكن اعادة الثقة في امن لبنان امام السائح والمستثمر العربي والاجنبي؟
- ان استقرار الوضع السياسي في لبنان ينعكس حتماً على استقرار الوضع الاقتصادي والامني فيه. وهذا بالذات، اضافة إلى مسائل دستورية اخرى، دفع بي إلى الطلب من كل الافرقاء اللبنانيين ضرورة الاستعجال في تشكيل حكومة وحدة وطنية كونها السبيل الوحيد للوصول إلى شاطىء الامان. واني على ثقة بأن تشكيل هذه الحكومة سيكون المدخل الرئيسي لاعادة الامور إلى نصابها، وسينعكس في وقت قصير، وبشكل ايجابي، على كل الصعد وهذا ما عرفه لبنان في السابق حيث استطاع في فترة قياسية نفض غبار الدمار والعودة إلى الساحة الاقليمية والدولية للعب الدور الذي طالما تميز به. وهذا ما سيحصل مجدداً، لان الاهم وجود العزيمة لدى اللبنانيين على تخطي الصعوبات والرغبة في العيش الكريم الحر، والقدرة على مواجهة أي تهديد بكلمة واحدة وموقف واحد، فتتحول قوة لبنان في قوته وليس في ضعفه كما يحاول البعض ان يشيع. فلبنان القوي هو الضمانة للبنانيين في العيش الكريم، ولبنان القوي هو الضمانة للاستقرار في المنطقة ككل، ولبنان القوي هو قبلة الانظار والاهتمام
* ماذا تقول للأفرقاء اللبنانيين وسط هذه الازمة السياسية؟
- أقول لهم عودوا إلى الطائف، الدستور واضح وهو أن اللبنانيين من كل الطوائف يتمثلون في السلطة عليهم أخذ هذا الموضوع في عين الاعتبار. الديمقراطية في لبنان هي ديمقراطية توافقية والمفروض أن يتحاور الجميع وأن يبقوا متحدين مع بعضهم البعض. من أجل ذلك أقول بأهمية الطائف والعودة إليه لأن الطائف ناقش كل الإشكاليات الطائفية اللبنانية وكل اللبنانيين أقروا بالالتزام بكل حذافيره لأنه أصبح دستوراً، وللأسف بعد الذي حصل في المنطقة من هجوم على العراق واحداث فلسطين عادوا إلى الشيء نفسه، فالأمريكيون دخلوا إلى المنطقة واستغلوا غريزة الطائفية في لبنان التي تستفيد منها في نهاية المطاف إسرائيل لأنها هي التي تريد أن تقوم دويلات مذهبية في الشرق الاوسط وهي تكون الدولة المذهبية الأقوى بين هذه الدويلات وتحكم المنطقة كلها. ومن أجل ذلك قامت القيامة علينا لأننا قلنا قوتنا من ذاتنا وكنت لا أزال في قيادة الجيش عندما قلت هذا الكلام وكان غريباً في السياسة لأن العين لا تقاوم المخرز، لكننا قلنا إن العين تقاوم المخرز لأننا نطلب عدم عودة إسرائيل إلى بيروت كما حدث عام 1982. وكقائد للجيش الوطني آنذاك قلت إننا ندعم المقاومة وربحنا الرهان. ولم يكن أحد يصدق ذلك وحصل التحرير وظلت مزارع شبعا. وبعد ذلك قالوا ضربنا العراق ويجب ان تنزعوا سلاح المقاومة التي سموها ارهابية، فقلنا ان هذه المقاومة من كل الطوائف وهي تقف في وجه اسرائيل ونحن كنا دائماً نقول إن إسرائيل لا يمكن أن تدع لبنان يعيش بسلام.
وقع العدوان الاسرائيلي في (يوليو) 2006 وبعد ثلاثة أيام قالوا والكل قال بعد يومين ان الامر انتهى لأن الحرب كانت قوية على كل لبنان وقد صرحت لـ CNN أن اسرائيل لن تنتصر لأن هناك مقاومة. يستطيعون أن يدمروا لبنان لكنهم لا يستطيعون أن يتغلبوا على المقاومة وكنت على حق.
اليوم عادوا إلى الكلام عن سلاح المقاومة لأن مصلحة إسرائيل تقضي بذلك، وهي تلاقي دعماً قوياً من أمريكا، وعلى هذا الأساس يأخذون الصراع إلى صراع مذهبي ونحن لا نرضى أن تكون حرب مذهبية لأن قوتنا بوحدتنا وعلى هذا الأساس نقول لهم لا تنظروا إلى الخارج واجلسوا مع بعض وتشاركوا بكل شيء، اننا نقول بتطبيق الطائف وان الذي يطبق الطائف كائنا من يكن فانا معه ولا يوجد خلاص إلا بتطبيق الطائف. وان الازمة بدأت رزمة واحدة من خلال الهجوم الأمريكي على المنطقة بدءاً باحتلال العراق والآن مهما تكلموا وجمّلوا تصاريحهم بدأوا بتطبيق اتفاق بيكر- هاملتون، يعني بدأوا يتحدثون مع سوريا ودول الجوار لأنهم رأوا انهم لا يستطيعون حل القضية بدون هذه الدول، وان الرئيس جاك شيراك الذي كان لولباً وحرك الرأي العام العالمي ليس محبة بلبنان انما لمصالحه الشخصية، علماً ان فرنسا كانت دائماً مع لبنان و اليوم سيغادر شيراك الحكم. ومن سيأتي خلفاً له رئيساً لفرنسا، ساركوزي او غيره فانه لا توجد لديه مصالح شخصية لبنانية من اجل ذلك بعد شهر ستتغير الامور عما هي عليه الآن.
* يعني نحن نتوقع ان الامور بعد شهر ستتحسن إن شاء الله؟
- لن يحدث أي مشكل. وانا اتذكر بعد اتفاق الطائف بدءاً بتسعينات القرن الماضي وكنت قائداً للجيش قلت انه بوجودنا لم تعد الحرب الاهلية موجودة، لم يصدق أحد، علماً انه حدث بعض الأحداث والزلزال والاغتيالات التي لم يتصورها العقل. منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولكن الحرب الأهلية لم تحدث ولن ندعها تحدث لماذا؟ لأن المفروض برئيس الجمهورية أن يكون للكل استناداً إلى الدستور، من أجل ذلك انا متفائل وبعد شهر لن يكون التأثير الخارجي كما هو اليوم وبعد ذهاب شيراك فان الرئيس بوش يكون قد وضح امره، ولا أكثر من شهرين سيكون عندنا حكومة وطنية وهي تنظر بكل هذه الامور المتنازع عليها من باريس3 إلى قانون الانتخاب والمحكمة الدولية...
* قلتم انكم لن تسمحوا ان تكون هناك حرب أهلية؟
- نعم لن نسمح وأؤكد كذلك أن سنة 1982 وكان امين الجميل رئيساً للجمهورية وكان الوضع نفسه لكن الأفرقاء تغيروا الآن. كان يوجد على أرض لبنان أربع جيوش كبرى الامريكي، البريطاني، الفرنسي والايطالي، واسرائيل كانت في بعبدا وهذا مثل أعطيه. الذي حدث بعد سنتين أنهم لم يعرفوا كيف هربوا من هنا، وظلت الامور بهذا الشكل إلى حين انعقاد مؤتمر الطائف عام 1989 واليوم لا يوجد جيوش بل امم متحدة (قوات اليونيفيل) من أجل ذلك نقول إن رئيس الجمهورية يجب ان يكون حكماً اذا ذهبت الامور شرقاً يعيدها إلى النصف واذا ذهب غرباً يعيدها للنصف ولأنني دائما ارد الامور إلى الوسط بايامنا لا تحدث حرب أهلية وانا لو رضيت ان اعود إلى مارونيتي ما الذي سيصير في لبنان كانت وقعت الحرب الأهلية. وليس المهم انا لكن المهم لبنان أن يظل بألف خير ويبقى أولادي في البلد.
* هل تتوقع أن يكون هناك طائف آخر أو رياض آخر هذه المرة؟
- انا أقول أنه يجب أن يتطور الطائف لأن هناك بنوداً بنيت بالممارسة ولم تكن ظاهرة من قبل، وهناك أمور اخرى يجب تعديلها من اجل ذلك يجب ان يكون هناك طائف2 يحكم بهذه الامور ويضع لها حلولاً.
في السابق كانت الحرب مشتعلة ولا يستطيعون أن يجلسوا في لبنان وذهبوا إلى الطائف، واليوم لا توجد حرب انزلوا إلى البرلمان وتكلموا بكل الامور وانني على يقين انهم سيتوصلون إلى اتفاق اذا لم يكن هناك من تدخل خارجي.
* لكن رئيس البرلمان يرفض انعقاد الجلسات ؟
- لأنه استناداً إلى الدستور ان رئيس المجلس له الحق وحده ان يدعو إلى الجلسة وتقول ان البرلمانات الاخرى غير ذلك واقول لك صحيح لكن عندنا لم يسجل هذا الامر في الدستور.
* هل انت مفائل بالحد الادنى؟
- انا دائماً متفائل وقد مررنا بظروف أصعب بكثير من الاعتداءات الاسرائيلية وكانوا دائماً يقولون إن لبنان انتهى وكنت أقول لهم لا. لأنني متأكد ان لبنان عندما سيحل السلام في المنطقة سيصبح أحسن دولة في العالم وان التجاذبات السياسية الخارجية تمنع اللبنانيين من الجلوس بعضهم مع بعض.
* لكن ذكرتم التدخلات الخارجية وكنتم تشيرون في جميع الاتهام إلى شيراك واسرائيل ومن وراءها العرب ولكن لم تتطرقوا إلى التدخل السوري؟
- انا كنت اقولها دائماً واقولها اليوم ان أي دولة تأتي وتدعم قوتي أهلاً وسهلاً وعندما تقول سوريا انها مع حقنا في المقاومة في وجه اسرائيل أهلاً وسهلاً بها. واذا قال الأمريكيون هذا الكلام فاصبح مع الامريكيين لأنني أريد مصلحة بلدي. وان يكون عندي قدرة على مواجهة إسرائيل لأن أهم موضوع عندنا في لبنان هو حق العودة فكل الدول العربية تستطيع أن تتحمل التوطين إلا لبنان وان لم يكن عندنا قوة ومقاومة فكيف سندافع عن موقفنا. الآن يعرضون السير بالمبادرة العربية شريطة حذف بند حق العودة وهذا البند انا من طلب ايراده في المبادرة في قمة بيروت. أولمرت بالأمس قال احذفوا هذا البند لكي نمشي بالمبادرة العربية وكذلك فعلت وزيرة خارجيته. نحن دائماً سنكون إلى جانب من يقف إلى جانبنا ليس شخصياً بل إلى جانب وطننا ومصالحه.
اسرائيل مصدر التوتر
* يظل جنوب لبنان منطقة متوترة ملتهبة، ما هو الحل الامثل الذي ترونه لاستقرار جنوب لبنان؟ وكيف السبيل إلى حل مسألة مزارع شبعا وموضوع سلاح حزب الله؟
- الوضع المتوتر في الجنوب مصدره اسرائيل وليس لبنان. والدليل على ذلك هو التعمد الاسرائيلي للقيام بتحرشات يومية واعتداءات على السيادة البحرية والبرية والجوية اللبنانية تحت انظار قوات «اليونيفيل» المعززة المتواجدة على طول الشريط الحدودي مع الجيش اللبناني. وهذا الامر دفع بالجيش إلى الرد على هذه الاعتداءات، وفق امكاناته اللوجستية المتواضعة طبعاً، وارسل رسالة إلى العالم اجمع والى اسرائيل خصوصاً بأنه سيدافع عن الارض بعزم ثابت وارادة صلبة. ولا شك ان هذه العزيمة حفّزها شعور الفخر والاعتزاز للمواطن اللبناني والعربي جراء النصر المدوي للمقاومة اللبنانية على الجيش الاسرائيلي. فللمرة الاولى تذوق اسرائيل طعم الهزيمة على ايدي مجموعة من الشبان اللبنانيين يؤمنون بأن الحق لا بد ان ينتصر مهما عظمت التضحيات واياً كان الذي يواجهونه. واذا ما قارنا الامكانات العسكرية الكبيرة المتوافرة لاسرائيل (ناهيك عن تلك التي توافرت لجيشها خلال الحرب بفضل الادارة الاميركية التي امّنت جسراً جوياً عسكرياً لمدّ اسرائيل بالقنابل والوقود للطائرات).
لقد اعتقد العدو ان تكثيف الغارات الجوية، واستخدام القنابل الثقيلة والممنوعة دولياً، والحاق الاضرار المادية الجسيمة، والاهم انزال الخسائر البشرية الكبيرة بالمواطنين اللبنانيين الابرياء ومعظمهم من النساء والاطفال، ستجعل المقاومة تستسلم وتنهزم. هذا من دون ان نذكر الغطاء والدعم الدبلوماسي الدولي على اعلى المستويات والذي امّن لاسرائيل «فترة سماح» دامت اكثر من 33 يوماً. لكن المفاجأة كانت ان المقاومة نجحت في الرد ميدانياً، فعوّضت النقص في السلاح لمواجهة الطائرات باستخدام الصواريخ لضرب العمق الاسرائيلي، وبتدمير اعداد كبيرة من الدبابات التي تعتبرها اسرائيل مفخرة لها (اي دبابة الميركافا)، اضافة إلى تدمير الطرادات البحرية والطائرات المروحية المتطورة. كل هذه المعطيات دفعتني إلى الرهان على انتصار المقاومة منذ اليوم الاول للحرب التي شنتها اسرائيل في تموز الفائت، والذي لم يأخذه البعض على محمل الجد فراهنوا على انتصار اسرائيل. ولكن النتيجة اتت لمصلحة المقاومة باعتراف اسرائيل نفسها، وهذا كاف لنا للقول ان القرارات التي اتخذتها منذ تولي قيادة الجيش اللبناني كانت صائبة وفي محلّها، واتت لمصلحة لبنان. فلو انتصرت اسرائيل لا سمح الله، لكان لبنان اليوم اداة في يد عدد من الدول الكبرى يديرونه بما يتوافق ومصالحهم ومصلحة اسرائيل. ما واجهه الجيش الاسرائيلي في الحرب الاخيرة، هو «مقاومة خفية» فكانوا جنود هذا الجيش لا يعرفون من اين تأتي الضربات والكمائن والصواريخ، واقولها بصراحة، لو كانت المواجهة بين جيشين لكانت اسرائيل انتصرت، وهذا السبب ليس لعدم كفاءة عناصر الجيش اللبناني وبسالتهم، بل على العكس فهم اظهروا شجاعة قل نظيرها، وهنا تكمن اهمية المقاومة وسلاحها. وهنا، لا بد من الاشارة إلى المشروع الاميركي الذي كان يهدف إلى نزع سلاح المقاومة مباشرة بعد سقوط بغداد، وهذا ما ابلغني به وزير الخارجية الاميركي آنذاك الجنرال كولن باول مباشرة بعد سقوط بغداد في العام 2003. وفي هذه الجلسة، كان جوابي في حضور رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ووزير الخارجية جان عبيد، ان المقاومة اللبنانية هي السلاح الامضى في وجه اسرائيل طالما انها بلد معاد للبنان.
وشرحت له هذه النظرية العسكرية التي تقول بأنه عند مواجهة جيش قوي محتل، فإن المقاومة هي الحل الانسب لانها لا تتبع طريقة معينة ولا تتواجد في اماكن محددة، وبامكانها ان تلحق اضراراً كبيرة في صفوف العدو مهما بلغت قوته وافضليته العسكرية، واضفت على ذلك ان المعاهد الاميركية التي التحقت بها خلال دوراتي التدريبية كضابط في الجيش اللبناني، كانت تؤيد هذه النظرية.
وعبثاً حاول الوزير الاميركي اقناعي بأن الامور ستتغير في المنطقة بعد التواجد الاميركي في العراق، فبقيت على رهاني على المقاومة في مواجهة اسرائيل واطماعها واعتداءاتها المتواصلة على لبنان وشعبه.
اما في ما خص مسألة مزارع شبعا، فكان للادارة الاميركية ايضاً دور بارز في محاولة قضم مساحات من الاراضي اللبنانية عند ترسيم الخط الازرق. وكان الضغط الاميركي يشتد شيئاً فشيئاً على لبنان للاعتراف بالانسحاب الاسرائيلي وانهاء الموضوع في العام 2000، بما يضمن راحة اسرائيل، فاتصلت بي وزيرة الخارجية الاميركية في حينه السيدة مادلين اولبرايت وكانت الساعة حوالى منتصف الليل بتوقيت بيروت، وطلبت الي ان اوعز إلى الوفد اللبناني إلى الامم المتحدة بوجوب الاعتراف بأن الانسحاب الاسرائيلي من لبنان بات منجزاً وان يصوت لبنان على هذا الامر بالايجاب. فطلبت منها الانتظار قليلاً ريثما اتحادث مع اللجنة اللبنانية المكلفة التأكد من الانسحاب وهي تضم ضباطاً لبنانيين، فأفادني رئيسها انه لا تزال هناك نقاط عالقة وانه وفقاً للخرائط اللبنانية فإن هناك 18 مليون متر مربع لا تزال محتلة من قبل اسرائيل. عندها ابلغت السيدة اولبرايت بأن هناك نقاطاً عالقة ولا يمكن للبنان الموافقة على ان الانسحاب الاسرائيلي منجز، فحاولت اعطائي تطمينات في بادىء الامر بأنه بعد التصويت سيتم بحث هذه المواضيع لحلها، وان جلسة التصويت باتت قريبة جداً ولا يمكن تفويت الفرصة، لكنني اصريت على موقفي. وحين لم تجر الامور بالترغيب، حاولت استعمال نفوذها في محاولة للترهيب وايهامي بأنني سأكون في مواجهة الامم المتحدة والولايات المتحدة وان المشروع سيتم التصويت عليه في حال قبل لبنان ام لم يقبل، وكان جوابي بكل وضوح انه يمكن لمن يرغب اتخاذ القرار الذي يريد، ولكن لبنان سيعارض. وبعد ساعات طويلة من النقاش امتعضت السيدة اولبرايت وسألتني: هل تعلم مع من تتحدث؟ انا وزيرة خارجية اميركا. فأجبتها: كل ما اعلمه ان الساعة اصبحت الخامسة فجراً بتوقيت بيروت، وانني بحاجة إلى النوم، وانهيت الاتصال. وبعدها، تمكن لبنان من استعادة 18 مليون متر مربع فيما بقيت مزارع شبعا متنازع عليها مع بعض الاراضي الاخرى.
محاولة لنزع سلاح المقاومة
* هل هناك تدخل ايراني في لبنان كما يقول البعض؟
- اتهم البعض المقاومة بأنها نفذت «اجندة» ايرانية ادت إلى حرب تموز الفائت. من المؤسف فعلاً ان يعترف العدو بأمور يرفض بعض اللبنانيين والاصدقاء القبول بها. فبعد التقارير العديدة عبر وسائل الاعلام الاسرائيلية والاميركية تؤكد نية اسرائيل شن حرب على لبنان ولو لم يأسر حزب الله أي جندي، اعترف رئيس الوزراء ايهود اولمرت بهذا الامر حين قال ان التخطيط لهذه الحرب كان في شهر آذار من العام 2006، أي قبل اربعة اشهر من الحرب. فاذا اعترف العدو بذلك، هل من المنطق ان تعلو اصوات في الداخل تقول العكس؟ ما هو المطلوب اذاً؟ خلق فتنة داخلية بهدف تجريد المقاومة من سلاحها واعطاء اسرائيل في زمن السلم ما لم تستطع الحصول عليه بالقوة في زمن الحرب؟
وهل اصبح البعض مقتنعاً إلى هذا الحد ان اسرائيل تخلّت عن كل اطماعها في لبنان وهي تخطط للقيام بكل ما من شأنه تقوية الموقف اللبناني وتعزيزه؟ فليفق هؤلاء من غيبوبتهم وليعلموا ان العدو لا يألو جهداً في سبيل زعزعة الاستقرار في لبنان على الصعد كافة امنياً وسياسياً واقتصادياً، وهو يعمل بجهد لاحداث شرخ بين اللبنانيين يلج منه إلى الداخل اللبناني ويدمّر البلد، فيرتاح ويقف متفرجاً على آلام ومعاناة الشعب اللبناني.
ونجدد التأكيد على ان كل قطرة دم بذلت في سبيل الدفاع عن لبنان هي لبنانية وقدّمها مواطنون يدافعون عن ارضهم واهلهم وارزاقهم وحقهم في العيش بركامة وحرية.
إلى ذلك، لا بد من القول ان «حزب الله» الذي يمثل المقاومة اللبنانية في وجه العدو الاسرائيلي، لم يتبنّ أي قرار او فكرة لا تصب في مصلحة لبنان.
* كيف ترون العلاقات اللبنانية- العربية بصفة عامة في هذه المرحلة؟
- ان مصلحة لبنان تكمن في ان يقف وبشدة في وجه العدو الذي يتربص به شراً ولا يوفر وسيلة الا ويستعملها لشق صفوف ابنائه واشباع اطماعه في مياهه وارضه. ان لبنان هو بلد محب للسلام ولكنه لا يقبل بالاستسلام، وهو بالتالي متمسك بمحيطه العربي وقد اثبت ذلك خلال مختلف المراحل التي مرّ بها، كما انه متمسك بالعلاقات الطيبة والودية والندية التي تجمعه باصدقائه في مختلف انحاء العالم. ولا بد من الاشارة إلى انه ورد في مقدمة الدستور اللبناني ما يلي: لبنان عربي الهوية والانتماء وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم بمواثيقها، كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم بمواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات دون استثناء. وهذا الامر كفيل بتأكيد وترسيخ فكرة عروبة لبنان والى كونه جزءاً لا يتجزأ من محيطه العربي.
علاقات تاريخية وعميقة
* كيف تقيّمون العلاقة بين لبنان والمملكة خلال عهدكم؟
- ان العلاقة التي تحكم لبنان بالمملكة العربية السعودية تاريخية وعميقة وليست مستجدة، وهي قائمة على الاحترام المتبادل وعلى متانة كبيرة بين الشعبين الشقيقين، وتجلّت في اكثر من مناسبة. واللبنانيون يذكرون بكثير من الامتنان الدور الكبير الذي لعبته المملكة في محطات حاسمة وحرجة من تاريخ لبنان ويكفي ذكر اتفاق الطائف الذي رعته المملكة للتدليل على الجهود التي تبذلها في سبيل مساعدة لبنان وابنائه. ومن الطبيعي ان تكون هذه العلاقة في مستوى اكثر من جيد، في ظل القيادة الحكيمة، وهذا من شأنه تعزيز الروابط بين البلدين والشعبين الشقيقين. ويأتي التحرك السعودي الاخير في ظل الازمة السياسية اللبنانية، ليشهد مجدداً على حرص المملكة على تدعيم الوفاق اللبناني، وتقريب وجهات النظر بين الافرقاء اللبنانيين. وفي هذا السياق، اتوجه بالشكر إلى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز على الجهود التي يبذلها في سبيل المساعدة على حل الازمة السياسية الراهنة في لبنان، متمنيا ان تتكلل هذه المساعي بالخير، ونشهد قريبا حلولا ترسخ الوحدة بين اللبنانيين، وتعزز اسس التضامن في ما بينهم، وتعيد للمؤسسات الدستورية دورها الكامل الذي يفضي الى المشاركة الحقيقية في صنع القرار الوطني المستقل ويؤمن الارضية الصالحة لاستمرار مسيرة السلم الاهلي والوفاق الوطني التي ارسى اسسها مؤتمر الطائف الذي رعته المملكة العربية السعودية الشقيقة ووفرت له كل مقومات النجاح.
التوطين أساس ما يحدث في المنطقة
* هناك مؤشرات دولية على صيغة ما تحضر لمعالجة الازمة الفلسطينية على قاعدة المبادرة العربية. كيف تقيمون هذه المؤشرات؟ وما هو موقف لبنان من قضية اللاجئين الفلسطينيين في ظل هاجس التوطين؟
- لا أكشف سراً إذا قلت أن موضوع التوطين هو الأساس في كل ما يجري حالياً في المنطقة، وهو أحد أسباب مقاطعة عدد من الدول الكبرى لي لأني لم أساوم على حق العودة للفلسطينيين إلى ارضهم كما ينص عليه القرار الدولي 194. وعليه، فإن أي صيغة لمعالجة الازمة الفلسطينية لن يكتب لها النجاح الا اذا ما تم احترام كل البنود التي تنص عليها مبادرة القمة العربية ومن ضمنها حق العودة. وآمل بالفعل ان تكون اسرائيل ومن وراءها قد اقتنعوا تماماً بأن العنف في المنطقة لن يكون له تأثير ولن يؤتي بأي ثمار، وقد تعلمت اسرائيل درساً لا ينسى في هذا المجال في الحرب الاخيرة التي شنت على لبنان. وعلى الجميع ان يعلم ان اسرائيل لم يعد بامكانها لعب دور الشرطي في المنطقة، وعليهم التخلي عن هذا المشروع، انما ليس لمصلحة مشروع «الشرق الاوسط الجديد» الذي بشّرتنا به الادارة الاميركية والذي يهدف إلى اضعاف دول المنطقة لتقوية اسرائيل. ولا اخفي سراً حين اقول واردد اكثر من مرة أني وقفت دائماً مع حق العودة للشعب الفلسطيني إلى أرضه وعارضت فكرة توطين الفلسطينيين في الدول التي تستضيفهم ولا سيما منها لبنان. وهذا الموقف اتخذته منذ القمة الفرانكوفونية في مدينة «مونكتون» في كندا عام 1999، وخلال القمة العربية في بيروت أصريت على إدراج هذا الأمر في متن المبادرة العربية. وقد اثير في الفترة الاخيرة موضوع اعتبار الممثلية الفلسطينية في لبنان بمثابة سفارة، وكانت لي ملاحظات هدفت إلى إلقاء الضوء على أبعاد هذه الخطوة والتفسيرات الخاطئة التي يمكن أن تعطى لها في المحافل الإقليمية والدولية، فضلاً عن إمكانية سوء استغلالها من الجهات التي تعمل في الخفاء والعلن على تمرير مسألة توطين الفلسطينيين في لبنان، لا سيما وان المعلومات كثيرة عن مخططات دولية وإقليمية للتعاطي مع قسم من الفلسطينيين في لبنان، خصوصاً أولئك المسجلين لدى منظمة «الأونروا»، على نحو مختلف عن الفلسطينيين الآخرين وذلك من خلال إعطائهم بعض الامتيازات مثل الإقامة وإجازات العمل وحق التملك إلخ... وهنا تكمن الأبعاد الخطرة لتحويل مكتب الممثلية إلى سفارة.
السفارة ليست في مصلحة لبنان
* قيل بأن وجود مكتب ممثلية فلسطينية بمثابة سفارة.. فما هو رأي فخامتكم؟
- الواقع أنه لا يكفي أن يطلق هذا المسؤول أو ذاك تصريحاً «يطمئن» فيه اللبنانيين إلى أن لا خطر على توطين الفلسطينيين من جراء التعامل مع مكتب الممثلية الفلسطينية في لبنان كسفارة لدولة فلسطين، لأن مثل هذا الأمر ليس في يد هذا المسؤول أو ذاك، بل إن الواقع الذي سينشأ بعد إقامة سفارة لفلسطين في لبنان هو الذي سيفرض نفسه، خصوصاً إذا ما لقي دعماً دولياً معيناً من شأنه حل جزء من مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على حساب لبنان ولو كان الدستور ينص على عكس ذلك، لا سيما وأن نصوصاً كثيرة واردة في الدستور لا يتقيد بها المجتمع الدولي ولا يحترمها أو يطبقها خصوصاً إذا ما وجد في الداخل من يشجع مثل هذا التجاهل والتنكر. وقلت يومها لرئيس الحكومة والوزراء: «إذا كان الهدف من هذا الطلب هو إيجاد الإطار المؤسساتي الفلسطيني لرعاية شؤون الفلسطينيين ومطالبهم وغير ذلك، فإن الممثلية الفلسطينية قادرة على القيام بهذا الدور وهي بدأت تقوم به بالفعل وقدمت لها كل التسهيلات التي تمكنها من ذلك، وبالتالي فإن التعامل مع الممثلية كسفارة لن يقدم ولن يؤخر طالما أن المهام واحدة والتسهيلات موجودة والرعاية مؤمّنة وكذلك الامتيازات المطلوبة». لكني ما أخشاه هو أن يكون إنشاء السفارة سبباً كافياً للمجتمع الدولي ولإسرائيل بصورة خاصة كي يرفضا الخوض في موضوع عودة اللاجئين إلى ديارهم، لا سيما وأن المجتمع الدولي لا يزال يتغاضى عن وضع القرار الدولي الرقم 194 موضع التنفيذ لأنه يؤكد على حق العودة للشعب الفلسطيني إلى أرضه، وكأن القرار موضوع في «براد الأمم المتحدة». كذلك فإن الدول العربية والجامعة العربية لم تضع حتى الآن أية إستراتيجية عربية موحدة إزاء موضوع العودة، فيما الموقف الإسرائيلي من المسألة واضح وصريح بضرورة توطين الفلسطينيين في الدول التي تستضيفهم، وهذا ما عبّرت عنه صراحة وزيرة الخارجية الاسرائيلية وكبار المسؤولين الاسرائيليين منذ فترة قصيرة فانتقدوا ادراج هذا البند ضمن المبادرة العربية للسلام واعتبروا انه لولا هذا البند لكانت المبادرة جيدة، وهذا امر ليس بمستغرب على اسرائيل كونها لا تبحث عن حل شامل ودائم وعادل، بل عن حل يرضيها ويحقق مصالحها التي لم تستطع تحقيقها بقوة السلاح. إضافة إلى ذلك فإن الدولة الفلسطينية نفسها وبوضعها الحالي المعروف لم تتخذ بعد موقفاً صريحاً في شأن حق عودة رعاياها اللاجئين من الدول المضيفة، والظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون لم تجعلهم يضعون هذا الأمر في سلم أولويات السياسة التفاوضية مع إسرائيل. واستغربت أن يقول عدد من المسؤولين ومن بينهم رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني السفير خليل مكاوي، ان هذه الخطوة تعتبر دعماً للحوار اللبناني-الفلسطيني، واعتبرت أن هذا الأمر يستوجب التعمق أكثر في الوضع الفلسطيني الداخلي ونظرة جميع مكونات الكيان الفلسطيني إلى هذه النقطة، في ظل بعض المواقف الفلسطينية المختلفة حيال هذا الأمر. لقد كان قرار مجلس الوزراء هو أن يكون هذا المكتب ممثلاً لفلسطين، فلماذا نتدخل نحن في الشؤون الداخلية الفلسطينية مما قد ينعكس سلباً على الوضع الفلسطيني في لبنان، وأنا أؤكد ان استعجال إنشاء السفارة الفلسطينية لن يكون أبداً في مصلحة لبنان في ظل الظروف الدولية والإقليمية والفلسطينية واللبنانية الحالية لا سيما وأن أحداً لا يضمن لا في الداخل ولا في الخارج بأن يطبق القرار الأممي 194 ويعود اللاجئون الفلسطينيون الموجودون في لبنان إلى ديارهم، ولا أحد يضمن أن يكون اعتبار الممثلية الفلسطينية بمثابة سفارة خطوة أولى نحو إنشاء سفارة تحت أي ضغط خارجي. كما أن أحداً لا يضمن أبداً عدم تطبيق المبدأ الدولي القاضي بالمعاملة بالمثل في العلاقات الدبلوماسية، وبالتالي لا أحد يضمن عدم خطورة الاستعجال والتفرد بهذا الموضوع على لبنان واللبنانيين.
تأكيد حق العودة ورفض التوطين
* وما هو رأي فخامتكم في مسألة السفارة الفلسطينية في لبنان؟
- لقد كان رأيي وجوب التريث في اتخاذ مثل هذا القرار لا سيما وأنه ليس هناك من أمور مستعجلة أو قضايا عالقة يجب بتها، وأن لدى لبنان الوقت الكافي لدرس هذا الأمر من كل النواحي وإزالة كل الالتباسات التي يمكن أن تنشأ جراء خطوة بهذه الأهمية. فضلاً عن أن اللجنة الوزارية التي شكلت في العام 2003 للقيام بتحرك محلي وعربي ودولي لمواجهة خطر التوطين. لم تلحظ موضوع إقامة سفارة لفلسطين في لبنان، بل ركزت على تعزيز التفاهم على حق العودة ورفض التوطين في كل الزيارات واللقاءات الرسمية، وتشكيل وفود مشتركة رسمية ودبلوماسية وأهلية ودعم كل تحرك يقوم على إبراز الإجماع أو شبه الإجماع الفلسطيني على ضرورة التزام حق العودة وإثارة هذا الموضوع عربياً ودولياً، إعطاء الأولوية لرفض التوطين، في حين ان اعتبار الممثلية سفارة من شأنه أن يخلق الالتباس لدى الدول، وكأن لبنان أقر الواقع الفلسطيني الراهن على رغم ما يعانيه، في حين أن لبنان يسعى إلى تأمين الواقع الفلسطيني الأمثل والأكثر تطابقاً مع القرارات الدولية، لا سيما ضمان حق العودة وإقامة الدولة المستقلة على التراب الفلسطيني. أما القول ان «بقاء الفلسطينيين من دون وثائق سفر غير معرف عنهم، مع مرور الزمن سيصبحون لبنانيين مع إقامتهم الدائمة في لبنان»، هو كلام خطير لا يجوز أن يصدر عمن يتولى الملف اللبناني-الفلسطيني، وهو يندرج في إطار علامات الاستفهام الموضوعة على أسباب طرح موضوع السفارة الفلسطينية بإلحاح على مجلس الوزراء في هذا الظرف بالذات، لأن القول بأن الفلسطينيين يصبحون لبنانيين نتيجة إقامتهم الدائمة في لبنان، يخدم في الواقع المخططات الموضوعة لتوطينهم ويعزز النظريات التي تروج لمثل هذه الخطوة وتبررها على رغم رفض اللبنانيين لها وإدراج ذلك في الدستور.