اليهود والمسلمون والسمعة

محمد أبو داود

كنا في لقاء مع أعضاء من الكونجرس الأمريكي الزائر للمملكة ليوم واحد فقط، بعد زيارة تركيا والأردن، وبعد المملكة الإمارات والسفير الأمريكي. سعدوا بلقاء ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وأعطى سموه درسا في العلاقات الدولية والسلام والشرق الأوسط، ولم يتوقعوا ذلك وفوجئوا بسعة إطلاعه ومستشاريه مثل الأمير محمد بن سلمان، حتى أن الاجتماع طال إلى ثلاثة أضعاف الوقت المجدول. هؤلاء الأعضاء هم في لجنة الأمن الوطني ودورهم مهم في القرارات الأمريكية.
وفوجئ أعضاء الوفد بالدقة في كلام الأمير سلمان والتواريخ والمعلومات التي تفوق ما يعرفه عضو الكونجرس المحدود الإطلاع مع طول قائمة المواضيع التي يضطر العضو إلى دراستها. وهذا كلام الأمريكان وليس كلامي.
والأمريكان يهمهم معرفة ما يدور في المنطقة من تركيا للعراق لإيران لسوريا ولبنان وطبعا مصر. موضوع الإسلاميين سواء في تركيا أو الإخوان في مصر ودور السعودية المحوري في العالم الإسلامي على رأس القائمة.
وبصفة عامة، توجد سمعة للعالم الإسلامي تسبقهم. وهذا موضوعنا هنا. فالأخبار الجيدة أن العالم ( 47% من العينة) يحب المسلمين أكثر من اليهود (38%)، ولكن أقل من المسيحيين والبوذيين وهذه أخبار جيدة؛ لأن المسيحيين يسيطرون على صناعة السينما والأخبار ويصبغون كل شيء بما يريدون وكيفما شاؤوا. والبوذيون صبغوا أنفسهم بصبغة المحب للسلام ولبسوا في عيون الغرب لباس الراهب المسالم ولا يسمع العالم من الإعلام أي سلبيات عما يفعلون بغيرهم من الطوائف. بينما يركز الإعلام على سلبيات المسلمين. الذين أرجع إليهم ما يفعله كل عربي ومسلم وأسمر وملتحٍ وغير ملتحٍ.
ولكن يكره العالم المسلمين ( 24% من العينة) أكثر من اليهود (21%)؛ لأن العالم لا يسمع إلا سلبيات عنا ويضخمها الإعلام ويجعل كل ما هو سيئ أسوأ. وكما هي العادة دائما قام رجل الأعمال اليهودي ليونارد ستيرن، بالتعاون مع Jewish defamation league، بتمويل بحث عن سمعة اليهود في العالم. قابل الباحثون 53000 شخص من 120 دولة وباستعمال 96 لغة. هذا بحث ــ إن صدقوا ــ يعتبر صحيحا ودقيقا بدرجة عالية من الثقة. أي ربما ستة أو خمسة سيغما للمختصين. هم يريدون أن يعرفوا مدى حب أو كره العالم لليهود. طبعا لا بد من مقارنة اليهود بغيرهم كمعيار للقياس. المصيبة، وليس لهم خيار، أنهم اختاروا المسلمين والهندوس والمسيحيين والبوذيين للمقارنة. طبعا هنالك تفاصيل نجهلها ولا نستطيع التمحيص والفحص؛ لأن النتائج كانت في صالح اليهود. المصيبة الأكبر وضع المسلمين الذي كان الأسوأ. طبعا ممكن التشكيك في نزاهة بحث موله اليهود وممكن إنكار النتائج كما نفعل عادة في معظم التجاوزات التي نعللها. مثل وجود شخص متخلف ومريض نفسيا في عائلتك وتحاول أن تفسر للناس جنونه أو تخلفه أو تجاوزاته البلهاء أمام الملأ وتحور الحقائق، لعل الناس يصدقونها بأنه متميز وهو يكرر إثبات جنونه أمام الملأ وتقوم أنت بدور الطبيب والمحامي والإعلامي حتى لا يلقى به في السجن أو مستشفى المجانين، وهؤلاء هم الإرهابيون مثل بوكا حرام. وهذا هو وضع العالم الإسلامي اليوم أمام العالم.