سلسلة «اقرأ» تعيد نشر «مذكرات دجاجة» !

محمد بن عبدالرزاق القشعمي


بدأت سلسلة (اقرأ) الثقافية بالصدور شهريا عن دار المعارف بمصر، منذ بداية عام 1943، بتقديم مختصر لعميد الأدب العربي طه حسين يقول فيه: «إن الذين عنوا بإنشاء هذه السلسلة ونشرها، لم يفكروا إلا في شيء واحد، هو نشر الثقافة من حيث هي ثقافة. لا يريدون إلا أن يقرأ أبناء الشعوب العربية، وأن ينتفعوا وأن تدعوهم هذه القراءة إلى الاستزادة من الثقافة. والطموح إلى حياة عقلية أرقى وأخصب من الحياة العقلية التي نحياها».
وقد استمرت تصدر شهريا حتى تجاوزت السبعين من عمرها المديد، إذ صدر مطلع هذا العام العدد (770) وعنوانه: (مع العميد في ذكراه.. بمناسبة مرور أربعين عاما على وفاة طه حسين) بقلم أ. د. محمد الدسوقي.
وقد أعادت سلسلة اقرأ التي تصدرها دار المعارف التي تأسست عام 1890 نشر كتاب (مذكرات دجاجة) للمرة الثالثة، وكانت طبعته الأولى تحمل الرقم (8)، أما هذه الطبعة فبتقديم رئيس التحرير رجب البنا الذي ذكر أنه قرأها قبل أربعين عاما، وكان يتمنى أن تعيد دار المعارف نشرها لتقرأها الأجيال الجديدة وتعلم أن الوجدان العربي لم يكن غافلا عن المؤامرات الكبرى التي تحيط بالوطن العربي.
وقال: إنه قد تلقى أكثر من طلب من دور نشر أوروبية لترجمتها إلى عدة لغات، وقد صدرت فعلا باللغة الإنجليزية.. فرأى أن القارئ العربي أولى بأن يقرأ هذا الكتاب.
وقال: «.. وهكذا تتأكد أقوال الدجاجة الحكيمة التي قالت إن كلمة الخير شجرة مباركة لا بد أن تثمر عاجلا أو آجلا.. كما يتأكد كل يوم قولها بأن حياة الاستسلام جبن لا يقدم عليه إلا الأرذلون من المخلوقات..».
وقال: إن هذه الدجاجة شجاعة، وحكيمة، وصاحبة رسالة، وذكر من حكمتها مواجهة الكثير من ضلالات البشر.. ومن هذه الضلالات أن الفرد يستطيع أن يستمتع بالسعادة منفردا دون غيره.. ومنها أن النصر حليف القوة، بينما القوة لا تدوم، والذي يدوم هو الحق وحده. وكان الدكتور طه حسين قد قدم للطبعة الأولى بقوله: «هذه الدجاجة عاقلة جد عاقلة، ماذا أقول! بل هي دجاجة مفلسفة تدرس شؤون الاجتماع في كثير من التعمق وتدبر الرأي، فتصل إلى استكشاف بعض الأدواء الاجتماعية وتصف لها الدواء... وقد كنا نظن أن عيوب الناس مقصورة عليهم حين تتصل بالأخلاق الفردية والجماعية، فإذا هذه الدجاجة تبين لنا أن عيوب الناس شائعة في نوع من أنواع الحيوان هو الدجاج...»، وذكر أن هذا يشبه الحيوانات التي تحدثت في (كليلة ودمنة) منذ قرون طوال.
وقال: «.. وهذه الدجاجة فلسطينية وقد كتبت مذكراتها في أكبر الظن بلغة الدجاج، وعلى النحو الذي يصطنعه هذا النوع حين يكتب نبشا أو تصويرا على ضروب من الصحف لا نعرفها نحن، والله ــ عز وجل ــ قادر على كل شيء، وقد علم سليمان ــ عليه السلام ــ منطق الطير ولغة الحيوان، وكأنه علم صديقنا الدكتور إسحاق الحسيني لغة الدجاج، فقد قرأ مذكرات هذه الدجاجة الفلسطينية، ففهم عنها أحسن الفهم وترجم عنها أحسن الترجمة، وقرأنا نحن ترجمته هذه، فشاركنا دجاجة فلسطين فيما أحست من حزن وفرح ومن لذة وألم، ورأينا أن دجاجة فلسطين تجد من حب الخير وبغض الشر والطموح إلى المثل العليا في العدل الاجتماعي وفي العدل الدولي وفي كرامة العروبة وحقها في عزة حديثة تلائم عزتها القديمة ما يجده كل عربي من أهل فلسطين، بل من أهل الشرق العربي كله، فليت شعري أيهما ترجم عن صاحبه!! ترجم الدكتور إسحاق الحسيني عن الدجاجة أم ترجمت الدجاجة عن إسحاق الحسيني؟...».
أما إسحاق موسى الحسيني فقد قدم للعمل بقوله: «هذه القصة تصف حياة دجاجة عاشت في بيتي، ووقع بينها وبيني ألفة ومحبة، فكنت أطعمها بيدي وأرقب حياتها يوما فيوما، والأحداث التي ترويها وقعت لها بالفعل، وهي لا تتجاوز المألوف في حياة الدجاج، ولو قدر لصديقتي الدجاجة أن تتكلم بلغة الأناسي لما قالت غير ما تقرأ. فأنا ــ في الواقع ــ أترجم لك ما أوحت به إلي ــ أما عنصر الخيال فيها فضئيل، وهو لا يعدو أن يكون تعليقا على هامش الحياة أو تحليقا في عالم المثل العليا..». القدس يوليو سنة 1943.
تحية تقدير لدار المعارف لمرور قرن وربع على إنشائها ولسلسلة اقرأ لمرور سبعين عاما على استمرار إصداراتها دون توقف.


للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة