ما الذي تفعله بأبنائنا يا «نور»؟!

محمد الحربي

انتقلت العام الماضي من المنطقة الشرقية إلى جدة برفقة أسرتي، ونقلت أولادي من مدارسهم في الظهران، وهي من المدارس الحكومية التابعة لوزارة التربية والتعليم، والتي تشرف عليها «أرامكو»، إلى واحدة من كبريات المدارس الخاصة في جدة.
وفوجئت في الفصل الدراسي السابق، وأنا أبحث عن نتائج ابني البكر والذي يدرس في الصف الثاني الثانوي بنظام المقررات، أن مدرسته القديمة في الظهران سجلت له مادة «الأحياء 2» في برنامج «نور» المعني برصد نتائج الطلاب إلكترونيا بإشراف الوزارة، وسجلته راسبا في المادة بنتيجة «صفر»، ما أثر بشكل كبير على معدله التراكمي، لتقصيه من قائمة العشرة الأوائل، وحرمانه من التكريم مع بقية زملائه المتفوقين!!.
تحدثت على الفور مع مدير مدرسته الجديدة في جدة، والذي أخبرني أن الأمر بسيط وستتم معالجته على الفور، إلا أنني فوجئت قبل يومين بأن مدرسته القديمة تسجل له مجددا مواد جديدة، ولكن بالجملة هذه المرة «كفايات لغوية 4، وإنجليزي 4، ورياضيات 4» ، إضافة إلى «أحياء 2» من الفصل الدراسي السابق والتي لم تعالج، ما يعني إقصاء ابني ليس من قائمة العشرة الأوائل هذه المرة، ولكن من العملية التعليمية في المملكة بالكامل، والحكم على مستقبله بالإعدام!!.
والذي أعرفه ويعرفه كل ولي أمر طالب وطالبة، وكل طالب وطالبة، وكل معلم ومعلمة، وكل مشرف ومشرفة أكاديميين، وكل مدير ومديرة مدرسة، وكل مسؤول ومسؤولة في الوزارة، أن برنامج «نور» هذا يفترض به أن لا يقبل تسجيل مواد لطالب من مدرستين مختلفتين أبدا، ولا بد له من رفض تسجيل إحداهما!!.
وبالتأكيد أن حالة الابن «طلال» ليست الوحيدة على مستوى البلاد، ولا بد أن هناك حالات مشابهة؛ لأن وجود ثغرة في النظام يعني بالضرورة وجود أكثر من حالة اختراق، الأمر الذي يتطلب حتما استنفار وزارة التربية والتعليم لإعادة النظر في برمجة برنامج «نور» وسد كافة الثغرات فيه حماية لأبنائنا وضمانا لمستقبلهم، وتجويدا لمنتجاتها قبل أن نتحدث عن تجويد مخرجاتها؛ لأن وجود خلل في أهم برامجها التقنية بعد مضي سنوات على إطلاقه مؤشر خطير على عدم المتابعة له، وعلى عدم جودة التصميم من الأساس، في الوقت الذي ننتظر منها ونطالبها بمخرجات مبدعة وخلاقة قادرة على ابتكار وبرمجة برامج أكثر تطورا وإبداعا من «نور» نفسه!!.
أنا لا أكتب عن حالة خاصة هنا، ولكنها مجرد نموذج لخلل عام في البرنامج الأهم في مسيرة طلابنا وطالباتنا، والمعني برصد نتائجهم في كل مراحلهم الدراسية، ننتظر جميعنا من مسؤولي وزارة التربية والتعليم معالجته فورا وقبل صدور نتائج الطلاب والطالبات بعد أيام قليلة من الآن، حتى لا يدخلوا في دوامة الملاحقات الروتينية الطويلة ويفوتهم التسجيل في الجامعات، وحتى لا يدفعوا مستقبلهم ثمنا لأخطاء ارتكبها غيرهم دونما ذنب جنوه، خصوصا أن مثل هذه الأخطاء كان لها أثر سلبي فادح على حالتهم النفسية خلال فترة الامتحانات التي يؤدونها الآن، وليس صحيحا أن يدفعوا هذا الثمن الباهظ دون أن تتحرك الوزارة لمعالجته وتعويضهم، والوزارة قادرة على معالجة الخطأ، لكن الوقت قاتل ولا يحتمل دقيقة تأجيل واحدة!!.