الغراب والحمامة

خالد بن علي القرني

لا أدري ما الذي يدفع بعض الأشخاص وقد وفقهم الله تعالى إلى العمل المناسب وبرزوا وأبدعوا في أعمالهم المنوطة بهم حتى أصبح بعضهم من المشهورين في مجال معين خاصة في المجال الثقافي، إلى الاتجاه إلى مجال التقديم للبرامج الفضائية على بعض الفضائيات ذائعة الصيت مع استمرارهم فيما عرفوا به من إنتاج.!
هل سبب ذلك الحاجة إلى المادة جريا على المثل الذي يقول الأدب لا يطعم خبزا، أم سببه الرغبة في اقتحام مجال جديد، أم سببه السباق المحموم للشهرة وحب الظهور خاصة أن بعض من اتجه لهذا الاتجاه من المعروفين.!!
ويبدو أن الخيار الأخير وهو حب الظهور ألقى بظلاله على هذه الظاهرة التي بدأت تنتشر وتتكاثر هذه الأيام حتى باتت وكأنها منافسة ومسابقة استهجنها كثير من العقلاء، بالرغم من أن أبطالها يعتقدون في صنيعهم وفعلهم شيئا من الوجاهة.
والأسئلة الهامة التي تفرض نفسها هنا: أليست هذه الوظائف في التقديم الفضائي للبرامج من حق بعض خريجينا وخريجاتنا من أقسام الإعلام والاتصال ممن لم يتم تعيينهم واستيعابهم بمنشآتنا الإعلامية والتلفزيونية؟ خاصة أن رواتب هذه الوظائف بهذه الفضائيات ذائعة الصيت مجزية، فما هو شعور البعض وهو يتقاضى أكثر من راتب أو مكافأة مجزية وغيره من أبناء وبنات الوطن لا يجدون موردا واحدا يعينهم بعد الله على خدمة وطنهم وتحقيق طموحاتهم الحياتية والأسرية لمستقبل يفي باحتياجاتهم.!
والمؤسف أن بعض من جازف وخاض غمار هذه التجربة طلبا للشهرة والمال، لم يوفق فيما تمنى وبذل، بل فشل فشلا ذريعا وظهر ظهورا باهتا أظهره بالشكل الهزيل النشاز المستهجن الذي يكتنفه التكلف والتصنع، فلا هو بقي فيما يجيد ولا هو ترك ما لا يجيد.!
وهذا يذكرنا بأسطورة الغراب الذي أعجب بمشية الحمامة فحاول تقليد مشيتها وبدأ بالفعل إلا أنه فشل في مسعاه وحاول العودة لمشيته الأصلية إلا أنه نسيها فأصبح يمشي مشية هجينة تعتمد على القفز ولا زال عليها حتى اليوم.
خاتمة
قال الشاعر:
إذا لم تستطع شيئا فدعه
وجاوزه إلى ما تستطيع