الثورات في الدراما العربية

شتيوي الغيثي

منذ اندلعت الثورات العربية قبل ثلاث سنوات، والوضع العربي أشبه بدراما كبرى ذهب ضحيتها الشعب في الدول التي حصلت بها تلك الثورات، ولم تفلح آمال الشباب في صناعة التغيير الذي يريدونه، إذ سرعان ما تحول «الربيع العربي» إلى خريف؛ بل وشتاء قاس جدا على بعض الدول كسوريا والعراق، إذ أصبح المتحكم بالمنطقة هو من يحمل السلاح أكثر، ومن يفصل الرؤوس عن أجسادها.
وعلى فداحة ما حصل، ومازال يحصل، في البلاد العربية، إلا أن الأعمال الدرامية كانت أقل بكثير من المأمول في معالجة الأحداث، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن هذا الغياب. هناك عدد قليل جدا لا يتعدى ثلاثة أعمال درامية فقط مجموع ما تم العمل عليه حتى الآن، واحد منها لامسها من بعيد، أما الاثنان الآخران فعالجاها بشكل لا بأس به. الأول: (الولادة من الخاصرة) في جزئه الثالث حاول أن يلامس الحرب السورية من بعيد لكنه أخفق، رغم جودة العمل في الأجزاء السابقة، عن تصوير الأحداث السورية بشكل مقنع. أما العملان: (سنعود بعد قليل) الذي عرض العام الماضي، و(حلاوة روح) الذي مازال يعرض في هذا الشهر، فإنهما قدما الأحداث من الوجهة السياسية، في تفوق ملحوظ لدى حلاوة روح على الآخر؛ خصوصا مع الجرأة في تصوير الجماعات الجهادية المتطرفة، وكأنهم يقصدون بها داعش ومثيلاتها.
في مصر ظهر أكثر من فيلم سينمائي درامي جيد يتحدث عن ما حصل خلال ثلاث سنوات من الثورة بعضها رشح لجوائز عالمية، أما المسلسلات الدرامية فلم تقدم إلا أعمالا ليست بحجم نجاح تلك الأفلام، وكل ما قدمته جاء ضمن كوميديا لم ترق أبدا إلى حجم أحداث الثورة في مصر، وهي أحداث تستحق عملا ضخما. مسلسل حلاوة روح المذكور آنفا يلامس جانبا منها لكونه دمج بين أحداث أكثر من بلد وتحديدا في سوريا ومصر، لكن أحداث الثورة المصرية تستحق أكبر من ذلك بكثير.
ورغم أهمية هذه الأعمال وفتحها باب مناقشة الثورات، إلا أن الإنسان العربي كان غائبا عنها جميعا.. صورت الأحداث السياسية وغاب الإنسان البسيط الذي كان هو الضحية. المأساة الإنسانية لم يتحدث عنها عمل حتى الآن رغم أنها الأهم والأكثر درامية.. على كل حال ربما كانت المسألة تحتاج وقتا لكي يتم الحديث عنها بشكل أكثر عمقا، فما زالت رحى الأحداث تدور ويصعب التكهن بمآلاتها في الدراما.