كأس العالم.. أكثر من رياضة!

تركي الدخيل

أسدلت أبواب كأس العالم الذي سحر العالم من أقصاه إلى أقصاه. صور ومهرجانات وكرنفالات يومية، مباريات آسرة، دموع وضحكات، أرباح وخسائر، رهانات وخطط، فشل ونجاح، إخفاق وإنجاز، هذا هو المهرجان العالمي الدولي الآسر الساحر. تضمن كأس العالم ما هو أشمل من الرياضة، ثمة ملامح أخلاقية وأخرى فنية ولا تلبث أن تظهر النزعات السياسية والثارات الإثنية، والانفلاتات الفردية. إنه أشمل من كونه مهرجانا رياضيا بل يطيب لي اعتباره حالة إنسانية متكاملة، هناك ترابط وتآخ وأرواح رياضية وأسس أخلاقية بنيت عليها روح المنافسة وأدوات التبارز والحرب داخل المستطيل الأخضر الذي تجري به حروب، لكنها من دون دماء.
لكأس العالم وجهه المسرحي، نتذكر هدف مارادونا باليد، ونطحة زين الدين زيدان، وإصابة رونالدو البرازيلي المؤلمة، وعضة سواريز التي بدت مضحكة مبكية في آنٍ واحد، إصابة نيمار، هدف فامبيرسي الطائر، ركضة آرين روبن العرجاء وسرعته المدهشة، نتذكر الحراس وأدوات الاستفزاز وآليات اختطاف الفوز.
الملعب ليس مجرد سطحٍ لإلقاء كرة القدم، بل هو مسرح كحقيقي ترى فيه الفنون والأحداث العنيفة والكلمات النابية والروح الرياضية، ترى فيه صراع البشر الطبيعي على شوارع الحياة.
لكأس العالم دروسه الأخلاقية، حين تتعاطف الجماهير مع المصاب، وحين يدخل من ينجز لمجتمعه فوزا مؤزرا، وحين تسقط القوة البرازيلية الضاربة بالسباعية المؤلمة يتعاطف العالم كله معها، لأن انهيار الكرة البرازيلية يؤثر على تطور الكرة العالمية بشكلٍ كامل. التعاطف مع المهزوم من خلال المواساة وإلقاء عبارات الشكر. المبدأ الأخلاقي حين يعتذر اللاعب من خطأ فعله، وحين يعاقب الفيفا من ضرب أو ركل أو عض أو نطح!
كأس العالم هو مسرح ضخم، لكن من دون نص، إنها مسرحية اجتهادية يسوقها الإلهام والإدهاش وحس اللحظة ورؤية المرمى. إنها تظاهرة بشرية ممتعة بامتياز!
في الأخير، فازت ألمانيا لأنها بنت نجوميتها على فريق، لا على لاعب واحد. إنه درس. الفريق يكسب الفرد!.