تظاهر بالحيطة

عبده خال

تعرض نجل رجل الأعمال منصور البلوي لابتزاز من امرأة ألمانية ادعت كذبا أن ابنه اعتدى عليها وعذبها، وأثناء الاحتجاز والمحاكمة تواصل محامو المرأة مطالبين رجل الأعمال البلوي بدفع عشرين مليون دولار من أجل أن تتنازل المرأة عن دعواها، وقد تكشفت اللعبة ويواجه الجميع تهمة الابتزاز والتآمر لعرقلة العدالة.
وهذه الحادثة ليست جديدة، إذ تحولنا (نحن كسعوديين) إلى مادة احتيال للقاصي والداني، فبمجرد أن يصل أحدنا لأي بلد ويعرف بموطنه حتى تتسارع إلى أذهان السامع ــ في الغالب ــ إمكانية التحايل عليك.
وهي سمعة مشينة اكتسبناها عبر عقود من الزمن، ومع معرفتنا بأننا مشروع لنصب قائم ومحتمل لم نتخذ الحيطة والحذر في بلادنا أو في بلاد الغربة، ولهذا تتكرر الحوادث وتزداد مأساويتها في بلاد الغربة، ولأننا نخشى من دخول أقسام الشرطة أو الوقوف أمام القضاء، فإننا نسارع إلى عرض الصلح حتى وإن كنا مظلومين، فالخشية أن تعود محملا بتهمة لم ترتكبها بتاتا وتسجل عليك وتمنع من السفر.
والتحايل علينا لم يقف عند الابتزاز المادي، بل وصل الأمر بأن بعض شبابنا يتم الدفع بهم إلى مناطق الحروب (بالرأس) وثمن (الرأس) مائة دولار.
صور كثيرة نواجهها أو نسمع بها، وكل منها تشير إلى أننا نحن من يجهز نفسه للوقيعة به.
ومن لم يطلك في بلاد الغربة وصل إليك عبر مهاتفة مجهولة (ومعظمها من أفريقيا) لتجد محدثك يعرف نفسه بأنه شيخ وقد رأى لك مناما بأنك مسحور، وإن لم تسارع بدفع ثمن بقرة فسوف تموت مع نهاية الشهر، ومن يصدق يرسل ثمن عشر أبقار.
ناهيك عن المراسلات البريدية التي توقع بأسماء نساء وتدعي كل واحدة منهن بأنها تمتلك ثروة طائلة وتريد شريكا من السعودية لتشغيل تلك الثروة فقط عليك مراسلتها ليبدأ النصب وفق (دلاختك).
وقد فتح النت أبواب النصب والاحتيال على مصراعيه، وفي كل يوم لنا حكاية.
ومجال الاحتيال في بلادنا وفير؛ لهذا تنادى علينا رجال الشرق والغرب لنصب الفخاخ بحثا عن غنيمة، وكل يوم نسمع بأن مواطنا وقع في الفخ، وقد يتكرر الوقوع للفرد مرة ومرتين وثلاثا، ويقال لا يقع في الفخ مرتين إلا أردى الطيور، ويبدو أن بعضنا شبيه بتلك الطيور.
وأعتقد أن اختبار رداءتنا جاء من تعدد وسائل الاحتيال، فالمحتالون برعوا أيضا في تزين فخاخهم بكل ما يسيل له اللعاب، وتركزت جل الأساليب في الجانب المالي، ولأن كل فرد سعودي يحلم بالانتقال إلى مصاف الأثرياء فقد سلم الكثيرون أموالهم للنصابين والمحتالين، كأن يسلم أحدهم أموالا لساحر (أبو كلب) لكي ينميها ويحولها إلى ملايين وجلس ينتظر في أحلامه، بينما النصاب يكون قد أقلع في أقرب طائرة تقله بعيدا عن هذا المغفل.
أخيرا، ومع معرفتنا بأننا مستهدفون لكل أساليب النصب والاحتيال علينا الحذر، وإن لم تكن لدينا، فطنة فلنتظاهر
بأننا يقظون. فقط نتظاهر.