أغلب الظن!

علي فقندش

... ولأن رمضان المبارك.. أيامه ولياليه فرصة للمراجعة وحساب النفس كان لا بد وأن يندر الحديث غير المسؤول في مجتمعاتنا بشكل عام وعن «النم والنميمة» بشكل خاص، ما يشغلنا اليوم هو الحديث عن كل ماهو جميل ولطيف ويعد مبعث إعجاب وإيجاب في تعاملاتنا اليومية وأحاديثنا... الأمر الذي يبعد عنا الكثير من الأحاديث الظنية التي أودت بكثيرين منا إلى مالا يحمد.
فرمضان المبارك كان ولا زال الفرصة المتجددة في كل عام كي نصلح من أنفسنا إذا ما اعتراها مايسيء الظن بالناس وبما يحيط بنا أو له علاقة من قريب أو بعيد بالظن وسوءاته التي لا نهاية لها، كثيرون هم من يرمون بأنفسهم إلى عقوبات ذروة سنامها غضب الله الواحد الأحد، إذ من له أن يكون متحدثا في شأن من شؤون الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ثم وإن كان قد اطلع أحدنا عيانا بيانا أو بشكل عرضي على عيب أخيه المسلم أو عيب أخيه الإنسان بشكل عام، أليس من واجبه الستر على عيبه؟! وإليكم هذه القصة التي هي من إيجابيات ما تأتي به وسائل التواصل الاجتماعي وكانت من «الواتس أب» أعجبتني وأحببت أن أشارككم الاطلاع عليها وهي عبارة عن قصة من مذكرات السلطان مراد الرابع وتقول القصة «إنه شعر بضيق شديد في ليلة ما... لا يعلم سببه فنادى على رئيس الحرس وأخبره بذلك وكان السلطان مراد معروفا عنه أن من عاداته تفقد الرعية متخفيا.. فقال لرئيس حرسه لنخرج نتمشى قليلا بين الناس فساروا حتى وصلوا حارة متطرفة فوجد رجلا مرميا على ا?رض فحركه السلطان فإذا هو ميت والناس تمر من حوله ? أحد يهتم فنادى عليهم: تعالوا وهم ?يعرفونه قالوا: ماذا تريد قال: لماذا هذا الرجل ميت و? أحد يحمله من هو وأين أهله؟. قالوا: هذا فلان الزنديق شارب الخمر وزانٍ. قال: أليس هو من أمة محمد عليه الصلاة والسلام؟ فاحملوه معي إلى بيته ففعلوا ولما رأته زوجته أخذت تبكي وذهب الناس وبقي السلطان ورئيس الحرس. وأثناء بكائها كانت تقول: (رحمك الله ياولي الله أشهد أنك من الصالحين). فتعجب السلطان مراد وقال: كيف من ا?ولياء والناس تقول عنه كذا وكذا؟. حتى أنهم لم يكترثوا لموته. قالت: كنت أتوقع هذا، إن زوجي كان يذهب كل ليلة للخمارة يشتري ما استطاع من الخمر ثم يحضره للبيت ويصبه في المرحاض، ويقول: أخفف عن المسلمين وكان يذهب إلى من تفعل الفاحشة يعطيها المال ويقول: هذه الليلة على حسابي أغلقي بابك حتى الصباح. ويرجع يقول: الحمد لله خففت عنها وعن شباب المسلمين الليلة.!! فكان الناس يشاهدونه يشتري الخمر ويدخل على المرأة فيتكلمون فيه وقلت: له مرة إنك لو مت لن تجد من يغسلك ويصلي عليك ويدفنك من المسلمين فضحك وقال: ? تخافي سيصلي عليَّ سلطان المسلمين والعلماء وأولياؤه. فبكى السلطان مراد وقال: صدق والله أنا السلطان مراد وغدا نغسله ونصلي عليه وندفنه إن شاء الله. وكان كذلك فشهد جنازته مع السلطان العلماء والمشايخ والناس». من هذه القصة نستوحي وجوب حسن الظن بالناس.
فاصلة ثلاثية،
لحبيب الله المصطفى عليه الصلاة والسلام: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
للسيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام: وصيتي إليكم أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم.
لكمال جنبلاط: الحب هو أن تفعل كل شيء لرفعة الآخر لتقدمه في السعادة الحقيقية وأن تساعده في فهم ذاته.