نبيع كل ما نملك مقابل مداواة أطفالنا

عائلات مرضى التوحد في حديث الوجع: المركز اليتيم باهظ الثمن

نبيع كل ما نملك مقابل مداواة أطفالنا

محمد مكي (جازان)

عائلات وأسر الأطفال التوحديين تنتظر أخبارا سارة تمنح مزيدا من الأمل في إنشاء مراكز حكومية تقدم الخدمات التشخيصية والعلاجية، إلى جانب افتتاح وحدة تأهيل شامل في جازان، وإعداد مواقع خاصة للمرضى الصغار.
عدد من أولياء الأمور قالوا لـ«عكاظ الأسبوعية» إن المنطقة تفتقد لخدمات الرعاية الخاصة بأطفالهم، خصوصا في مجال بالتأهيل، مضيفين أن انعدام المراكز والمستشفيات الحكومية والأهلية جعل البعض يعيشون مع أطفالهم المصابين خارج المنطقة بحثا عن العلاج، ويتساءل هؤلاء: أين نذهب بأبنائنا وبناتنا إذا كانت صحة جازان والشؤون الاجتماعية لم توفر مراكز العلاج.
حزن الآباء
آباء التوحديين يتحدثون عن ضعف الاهتمام بهذه الفئة رغم ارتفاع الحالات المصابة بهذا المرض، كما تحدثوا عن ارتفاع أسعار المركز التدريبي الخاص وارتفاع أسعار الأدوية، ما يضطر الكثير من الأسر إلى بيع كل ما يملكون.
يقول يحيى غزواني (والد مصاب بالتوحد) إن أسر التوحد تعاني كثيرا في مجالات التعليم والدواء والعلاج والمركز الموجود في المنطقة يغالي في الأسعار، وتقف الأسر عاجزة أمام المغالاة والمبالغة في الرسوم، ويأمل غزواني من الدولة التكفل بتحمل المصاريف والرسوم. ويتفق مع هذا الرأي علي حكمي، ويقول إن المركز الخاص يشرف على تدريب ابنه مقابل أكثر من 26 ألف ريال سنويا. ومع ذلك فإن ابنه لا يتقن كل المهارات، مرجحا أن السبب يعود إلى كثرة عدد الأطفال في مركز واحد. ويوجه غزواني نداء للجهات المختصة إلى مزيد من الاهتمام بهذه الفئة.
تعب ومشقة وتكاليف
أم عمار وعاصم المصابين بالتوحد ذكرت أنها تعاني من تواضع الخدمات وتطالب بدعم الأسر وإيجاد مراكز متخصصة تكفيهم عناء السفر إلى خارج المنطقة، حيث يكلف ذلك أموالا باهظة ومشقة كبيرة. ومن جانبه، يؤكد حمود علي (والد الطفل محمد) أهمية تكثيف الرعاية بمرضى التوحد وتأمين متطلباتهم العلاجية، فهم يملكون قدرات مختلفة. أما محمد عريشي (والد طفل التوحدي)، فقد أكد وجود نقص حاد في كثير من الخدمات الحكومية التي يحتاجها المصابون بالتوحد، مشيرا إلى أن النقص سبب في تدهور نفسي ومالي للأسر.
40 ألف ريال
الأخصائي والناشط المختص في إرشاد أسر التوحد بمنطقة جازان مفلح بن محمد الغالطي، أوضح أن عدد حالات التوحد في المنطقة يتجاوز 200 حالة، وتم تشخيصها باضطرابات طيف التوحد، وهناك حالات أخرى لم تشخص نظرا لعدم وجود مراكز وعيادات تشخيصية، مؤكدا بأن معاناة الأسر مع أطفالهم التوحديين متعددة، حيث تبدأ منذ لحظة التشخيص، كونه يتطلب الانتقال والسفر إلى جدة أو الرياض، حيث المراكز الخاصة والمهيأة.
وأردف أنه ــ للأسف ــ الشؤون الاجتماعية والشؤون الصحية بالمنطقة لا تقدم خدمة لأطفال التوحد، كما أنها لا تعمل على تحويلهم للمستشفيات التي تقدم لهم الخدمة خارج السعودية، حيث يحتاج الطفل لتدريب وتأهيل سلوكي بمراكز حكومية متخصصة، فهناك مركز خاص واحد بالمنطقة، ويواجه عددا كبيرا من الحالات، والمشكلة في ارتفاع الرسوم لكل طفل بما يصل إلى 30 ألف ريال سنويا كرسوم للمركز فقط، بخلاف الرسوم والالتزامات الأخرى، والتي تصل أيضا إلى أكثر 40 ألف ريال، ما يضع الأسر في ضائقة مالية تؤثر على مسيرتها المعيشية.
ولفت إلى أن الطفل التوحدي بحاجة لرعاية منزلية، حيث يحتاج توفير عاملة منزلية خاصة به، وأغلب الأسر لا تستطيع الوفاء بهذه المتطلبات، كما أن الأسرة تتقيد مع طفلها فيعيقها ذلك عن مشاركاتها الاجتماعية، ما يجعلهم في عزلة عن المجتمع، ويصبح تركيز الأسر على الطفل التوحدي نظرا لشدة سلوكه، ما يؤثر على إخوته الآخرين.
جمعية مستقلة
الغالطي أشاد باهتمام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان بإنشاء مركز للتوحد وتسهيل الإجراءات، وتم التواصل مع الجمعية السعودية للتوحد، وسيتم تنفيذ مشروع مركز يتبع للجمعية السعودية يكون مقره في مدينة جازان. كما وافق الأمير محمد بن ناصر على تأسيس جمعية مستقلة للتوحد، مؤسسوها من أسر الأطفال والمختصين والمهتمين باضطرابات التوحد، وتم العمل على استكمال متطلبات التأسيس، وينتظر موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية، وستكون الجمعية مظلة لتجمع الأسر بالمختصين وتقدم خدماتها للأطفال وأسرهم.
إدارة التربية والتعليم بمنطقة في جازان بادرت بفتح برنامج مستقل للتوحد، كما قامت بتحويل برنامج التوحد للبنات لمركز للتوحد، وبالإضافة إلى فتح مركز خدمات الأمير محمد بن ناصر للخدمات المساندة، حيث يقدم خدمات التشخيص والتدريب للمختصين والأسر وخدمات تدريب النطق وخدمات صب القوالب وصيانة السماعات للصم بفريق متخصص.