جديد الساهر.. استنساخ قباني و«التماثل مع السنباطية»

أغنيات الالبوم بين مقام «الكرد على الجهاركاه» والايقاع المقسوم

جديد الساهر.. استنساخ قباني و«التماثل مع السنباطية»

قراءة : علي فقندش

يدخل الفنان العراقي كاظم الساهر سوق الكاسيت متشبثاً بعباءة ابداعات نزار قباني حتى لو ان التعصب رفض استمراريته في التعامل مع قصائد نزار خوفاً من الاستنساخ وهو ما يحدث احياناً من كاظم في تعامله مع قصائد نزار. بكل الاحوال جاء العمل الجديد تحت عنوان « يوميات رجل مهزوم» على درجة من الرقي الموسيقي الى جانب الجودة في الاختيار وكما هي العادة كان كل الالبوم من الحان كاظم ما عدا واحدة من الاغنيات كانت من الحان الموسيقار السعودي محمد شفيق وهي في نفس الوقت المرة الاولى التي يغني فيها كاظم لملحن سعودي رغم غنائه لشعراء سعوديين في مراحل مختلفة من عمر عطائه الفني.. اما في هذا الالبوم فيقدم لاول مرة اللحن السعودي لشفيق من كلمات ابراهيم غازي «تحكي جد» من توزيع مصطفى عبدالنبي. واذا كان من مأخذ على الاغنية وكاظم فانه في نطق كلمة «تحيي» والتي جاء فيها نطق كاظم والكورال بفتح «الحاء» والمفترض بكسرها كما هو النطق الفصيح والعامي لها والتي استخدم كاظم اول ابياتها كموال «ترى الامل لو ما صدق يجرح.. ما كفاني جروح ليه ودك تزود» وهو بلا شك في اللوحة بيت القصيد.. الاغنية من مقام الكرد على الجهاركاه واذا ما كان هناك استنساخ في الاسطوانة فذاك لكون معظم الاغنيات بل كلها ما عدا اثنتين كانت بالايقاع المقسوم «المصري» وفي هذه الاغنية كان الايقاع مقسوماً 4/4.
اما وقفة كاظم مع الكلمة السعودية في هذا الالبوم فكانت في عملين من كلمات سمو الامير الشاعر نواف بن فيصل بن فهد «اسير الشوق» الاولى «غالي» من مقام نهاوند على النوى بايقاع المقسوم استخدم فيها كاظم كل الهدوء الممكن لا سيما في المدخل مما اعطاها جواً رومانسياً يحبه المستمع وعلى وجه الخصوص لدينا اما ثاني اغنياته مع اسير الشوق ولو ان هناك اختلافاً بلا شك في اذواق المتلقين وغيره الا اننا وبسهولة من الممكن ان نعتبرها الاغنية الاكثر اهمية لاسباب كثيرة وهي اغنية «انسى».. تختلف عن مجموعة ما بالالبوم حيث كان استهلال الغناء بالوحدة الكبيرة بمدخل كلاسيكي ثم الانتقال الى المقسوم وهو متميزة بلا شك من حيث الصياغة الكلاسيكية والاداء العربي الاصيل.. مع اختيار مقام الرصد على الدوكاة مع ايقاع الوحدة الكبيرة.. تشعر في البدء انها اشبه بتلك الاغنيات السنباطية التي يردد سماعها متذوقو الطرب الاصيل في المقهى العربي بالامس ولقد حولها كاظم كأغنية مقهى طربي.. ويقول مطلعها:
تقول انسى واقول آهين لو اقدر
رغم طول النوى انسى
اما اغنية «غالي» فيقول مطلعها:
في القلب حبك وفي العيون بين المشاعر والورق
اما اغنيات كاظم مع نزار قباني فهي ثلاث الى جانب اغنية «يوميات» التي جاءت لايقاع المصري «المقسوم» بمقام نهاوند على درجة النوى «صول» وري على الرصد مع تخلل المذهب للتعدد المقامي «ري على الرصد» ثم التنقل في رصد النوى والعودة الى النهاوند.. كانت هناك اغنيتان وهي «أتحبني» التي اختار كاظم ان تبدأ بالالقاء وتنتهي به ايضاً وهي من مقام «مادجير» على درجة المي «بي مول» وايقاع المقسوم ويقول مطلعها:
اتحبني بعد الذي كان
اني احبك رغم ما كان
من جانب آخر اختيار كاظم لقصيدة نزار «بريد بيروت» كانت خطوة لافتة في حد ذاتها فهي تجسد المشهد الذي ارتبط به معظم مثقفو وفنانو العالم وسواحه مع صباحات بيروت وفي مواجهة البحر الابيض الذي ترتمي بيروت على احضانة بصحبة جريدة وفنجان قهوة «ولو ان الصورة كانت مكررة من نزار في اغنية قدمت بصوت ماجدة الرومي من الحان احسان المنذر».
مدخل الاغنية ترافق مع آله العود ومقامها بيات على «العشيران» مع لمسة الحجاز والصبا وايقاعها وحدة كبيرة مسرعة بعض الشيء ويقول مطلعها:
اكتب من بيروت ياصديقتي حيث المطر
اكتب من مقهى على البحر وايلول الحزين على الجريدة
الاغنية عجم على النوى «الصول» وايقاعها مقسوم وهو نفس الايقاع المقسوم في اغنية «جب» التي لحنها وكتبها كاظم وذلك بمقام نهاوند على درجة «اللا» ويقول مطلعها الشعبي في الكلمة واللحن:
اضحك على عقلك على قلبك
واغنية «اراضي خدودها» كانت ايضاً بشكل شعبي ومن الحان كاظم وكلمات اسعد الغريري الذي جمعته مع كاظم نجاحات سابقة وهي من مقام «الكرد» على المي ويسمى «كردبوسلي» وايقاعها ايضاً مقسوم وتقول:
اراضي خدودها تزعل شفايفها
تسبل عيونها لو لامست كفها
اما آخر الاغنيات «اضحك» من كلمات كاظم الذي اعد لها نصاً فلكلورياً قديماً ولحنها شعبي اختار فيه المزمار البلدي والبوص وهي آلة عراقية شعبية بايقاع فلكلوري استخدم فيه الطبلة العراقية الصغيرة المعروفة لدينا بـ «المصقع» او اصغر من المصقع.. اللحن كان يدور حول ثلاث حروف موسيقية فقط «دو ري مي» والمقام غير محدد حيث كان يغني كاظم على الكردان «الدو.. الجواب».