البعد المائي والجيوسياسي في صراع الشمال العربي
الثلاثاء / 20 / ذو الحجة / 1435 هـ الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 18:41
علي حسن التواتي
حزمت إثيوبيا أمرها بالبدء في تنفيذ مشاريعها المائية بدءا من سد النهضة على النيل الأزرق ضاربة بالاتفاقيات الدولية مع مصر والسودان عرض الحائط، مثلما فعلت تركيا من قبل مع العراق وسوريا من خلال تنفيذ شبكة سدود دجلة والفرات في مشروع الغاب الذي يتوقع أن يستوعب عند اكتماله كامل كمية المياه في مجاري انهار جنوب شرق تركيا بما فيها النهران الدوليان ليمكن التحكم بتدفقهما الى مستوى الصفر ان لزم الأمر.
وفي كلتا الحالتين تردد اسم اسرائيل كقاسم مشترك بين مجموعتي الدول المانحة لمشاريع السدود الإثيوبية (بريطانيا، والنرويج، والسويد، والدانمرك، وألمانيا) والدول المانحة لمشاريع السدود التركية (الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، وفرنسا، المانيا). أما القاسم المشترك بين دول المجموعة الأولى فهو وقوعها باستثناء ألمانيا في (شمال غرب أوربا على الواجهة البحرية للمحيط الأطلسي) وهي دول مهددة بالتجمد أو تقلص مساحة الأراضي الصالحة للزراعة فيها ما دفعها للعمل على الإخلال بالتوازنات المائية في حوض النيل لخدمة نفسها بتوفير أكبر كميات ممكنة من المياه لدول أعاليه لتنفيذ مشروعات زراعية كبيرة لصالحها هي وبتمويل منها كضمانة استراتيجية بعيدة المدى لأمنها الغذائي مستفيدة من الخزان البشري الأفريقي الكبير الذي يعيش معظم أفراده تحت خط الفقر.
ومثلما كان فصل جنوب السودان ضروريا لحرمان شمال السودان العربي من النفط ولإيجاد منطقة عازلة لحماية مشاريع السدود في دول منابع النيل بإحاطتها بحزام من الدول الأفريقية المعادية للعرب، فنفس الشيء يتكرر في الشمال العربي مع بعض الفوارق. ولهذا نجد أن مجموعة الدول المانحة لمشاريع السدود التركية هي أيضا تسعى لإضعاف العراق وسوريا بالعمل على فصل شمال العراق بما فيه نينوى والمناطق المتنازع عليها في كركوك وديالي، وفصل شرق سوريا الذي تتركز فيه كافة حقول النفط إضافة الى مجرى الفرات وأكبر السدود السورية عليه وهو سد (الثورة) لتشكيل كيان كردي أو أكثر تتوافر له أسباب الحياة من انتاج النفط الذي يتوقع أن يصل إلى أكثر من مليوني برميل في اليوم، ويهيمن في نفس الوقت على أهم موارد المياه والأراضي الزراعية العراقية.
ولقد استكملت تقريبا متطلبات إعلان دولة عراقية شمالية تضم الأكراد والأقليات غير العربية والإسلامية تحت راية كردستان العراق. فقد لاحظ الجميع أن الدول الأطلسية التي كانت مانحة في مشاريع السدود التركية هي نفسها التي سارعت للتمركز في أربيل وعملت منذ أول يوم على فرض نفوذ البيشمركة على سد الموصل وسهل نينوى وكركوك دون أن تهتم كثيرا بالموصل نفسها.
أما بالنسبة لشرق سوريا فلا أرى بأنه سيضم لشمال العراق في كيان واحد متصل ولكن يمكن أن يعلن دولة كردية أخرى يتولاها حزب العمال الكردستاني التركي ليكون منافسا لا مكملا للكيان الذي سيولد في شمال العراق خاصة أن أحزاب العراق الكردية لا تتفق مع حزب العمال إلا في المشاعر القومية.
ولعل في هذا ما يفسر امتناع الزعيم الكردي مسعود البرزاني عن ربط مصيره بمصير عين العرب (كوباني)، ويفسر أيضا امتناع تركيا عن التدخل البري المباشر في المعارك، وإصرارها على إقامة منطقة عازلة بطول حدودها الجنوبية مع سوريا لتسهيل المراقبة وضمان عدم انتقال الفوضى والجماعات الإرهابية إلى أراضيها.
كل هذا التقطيع يجري في أوصال الأمة العربية والسطو الصريح على مواردها المائية وغير المائية مع علمنا من بيانات (الفاو) بأن ما يتوفر لدى العرب الآن من مياه صالحة للشرب لا يتجاوز 2 % مما يتوفر للعالم من مياه. كما يتوقع أن تنخفض كمية المياه المتجددة للفرد العربي إلى اقل من 500 متر مكعب في المتوسط بحلول سنة 2050م مقارنة بمتوسط عالمي يصل إلى 4800 متر مكعب. ونعلم أيضا أنه بحلول سنة 2025م ستصنف دولة عربية واحدة هي (لبنان) ضمن 15 دولة على مستوى العالم تعاني من ضغط كبير في وفرة المياه، في حين أن ثلاث دول أخرى هي (مصر وسوريا والمغرب) ستصنف ضمن تسع دول على مستوى العالم في ندرة المياه، وثلاث عشرة دولة هي (الجزائر والبحرين وجيبوتي والأردن والكويت وليبيا وعمان وقطر والسعودية والصومال وتونس والإمارات واليمن والعراق) ستصنف ضمن 22 دولة على مستوى العالم ستصطدم بحاجز عدم توفر المياه.
وإن سألتم عن استراتيجية الأمن المائي العربي فاعلموا بأن التفكير بها بدأ في القمة الاقتصادية العربية (الأولى) التي عقدت في الكويت في 19 يناير 2009م أي بعد 64 عاما من إنشاء جامعة الدول العربية سنة 1945م. ورغم هذا ما زال الأخذ والرد في مشروعها قائما ولم يتم الاتفاق فيها على صيغة نهائية بعد.
وفي كلتا الحالتين تردد اسم اسرائيل كقاسم مشترك بين مجموعتي الدول المانحة لمشاريع السدود الإثيوبية (بريطانيا، والنرويج، والسويد، والدانمرك، وألمانيا) والدول المانحة لمشاريع السدود التركية (الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، وفرنسا، المانيا). أما القاسم المشترك بين دول المجموعة الأولى فهو وقوعها باستثناء ألمانيا في (شمال غرب أوربا على الواجهة البحرية للمحيط الأطلسي) وهي دول مهددة بالتجمد أو تقلص مساحة الأراضي الصالحة للزراعة فيها ما دفعها للعمل على الإخلال بالتوازنات المائية في حوض النيل لخدمة نفسها بتوفير أكبر كميات ممكنة من المياه لدول أعاليه لتنفيذ مشروعات زراعية كبيرة لصالحها هي وبتمويل منها كضمانة استراتيجية بعيدة المدى لأمنها الغذائي مستفيدة من الخزان البشري الأفريقي الكبير الذي يعيش معظم أفراده تحت خط الفقر.
ومثلما كان فصل جنوب السودان ضروريا لحرمان شمال السودان العربي من النفط ولإيجاد منطقة عازلة لحماية مشاريع السدود في دول منابع النيل بإحاطتها بحزام من الدول الأفريقية المعادية للعرب، فنفس الشيء يتكرر في الشمال العربي مع بعض الفوارق. ولهذا نجد أن مجموعة الدول المانحة لمشاريع السدود التركية هي أيضا تسعى لإضعاف العراق وسوريا بالعمل على فصل شمال العراق بما فيه نينوى والمناطق المتنازع عليها في كركوك وديالي، وفصل شرق سوريا الذي تتركز فيه كافة حقول النفط إضافة الى مجرى الفرات وأكبر السدود السورية عليه وهو سد (الثورة) لتشكيل كيان كردي أو أكثر تتوافر له أسباب الحياة من انتاج النفط الذي يتوقع أن يصل إلى أكثر من مليوني برميل في اليوم، ويهيمن في نفس الوقت على أهم موارد المياه والأراضي الزراعية العراقية.
ولقد استكملت تقريبا متطلبات إعلان دولة عراقية شمالية تضم الأكراد والأقليات غير العربية والإسلامية تحت راية كردستان العراق. فقد لاحظ الجميع أن الدول الأطلسية التي كانت مانحة في مشاريع السدود التركية هي نفسها التي سارعت للتمركز في أربيل وعملت منذ أول يوم على فرض نفوذ البيشمركة على سد الموصل وسهل نينوى وكركوك دون أن تهتم كثيرا بالموصل نفسها.
أما بالنسبة لشرق سوريا فلا أرى بأنه سيضم لشمال العراق في كيان واحد متصل ولكن يمكن أن يعلن دولة كردية أخرى يتولاها حزب العمال الكردستاني التركي ليكون منافسا لا مكملا للكيان الذي سيولد في شمال العراق خاصة أن أحزاب العراق الكردية لا تتفق مع حزب العمال إلا في المشاعر القومية.
ولعل في هذا ما يفسر امتناع الزعيم الكردي مسعود البرزاني عن ربط مصيره بمصير عين العرب (كوباني)، ويفسر أيضا امتناع تركيا عن التدخل البري المباشر في المعارك، وإصرارها على إقامة منطقة عازلة بطول حدودها الجنوبية مع سوريا لتسهيل المراقبة وضمان عدم انتقال الفوضى والجماعات الإرهابية إلى أراضيها.
كل هذا التقطيع يجري في أوصال الأمة العربية والسطو الصريح على مواردها المائية وغير المائية مع علمنا من بيانات (الفاو) بأن ما يتوفر لدى العرب الآن من مياه صالحة للشرب لا يتجاوز 2 % مما يتوفر للعالم من مياه. كما يتوقع أن تنخفض كمية المياه المتجددة للفرد العربي إلى اقل من 500 متر مكعب في المتوسط بحلول سنة 2050م مقارنة بمتوسط عالمي يصل إلى 4800 متر مكعب. ونعلم أيضا أنه بحلول سنة 2025م ستصنف دولة عربية واحدة هي (لبنان) ضمن 15 دولة على مستوى العالم تعاني من ضغط كبير في وفرة المياه، في حين أن ثلاث دول أخرى هي (مصر وسوريا والمغرب) ستصنف ضمن تسع دول على مستوى العالم في ندرة المياه، وثلاث عشرة دولة هي (الجزائر والبحرين وجيبوتي والأردن والكويت وليبيا وعمان وقطر والسعودية والصومال وتونس والإمارات واليمن والعراق) ستصنف ضمن 22 دولة على مستوى العالم ستصطدم بحاجز عدم توفر المياه.
وإن سألتم عن استراتيجية الأمن المائي العربي فاعلموا بأن التفكير بها بدأ في القمة الاقتصادية العربية (الأولى) التي عقدت في الكويت في 19 يناير 2009م أي بعد 64 عاما من إنشاء جامعة الدول العربية سنة 1945م. ورغم هذا ما زال الأخذ والرد في مشروعها قائما ولم يتم الاتفاق فيها على صيغة نهائية بعد.