ما بعد موت المانع والقاضي

صالح إبراهيم الطريقي

كان لقتل المبتعثين «ناهد المانع وعبدالله القاضي ـ رحمة الله عليهما» وقعه على الرأي العام السعودي، إذ دخل في جدل حول الجريمتين، وإن لم يتعاط معهما بنفس الطريقة منذ البداية، ففي قضية «المانع» حاول بعض مرضى النفوس إثارة الشك حولها، لكنهم سرعان ما تراجعوا بسبب هجوم الرأي العام على هؤلاء المرضى.
وكانت الجهات الرسمية «السفارة والملحقية الثقافية» مهتمة بالجانب الجنائي، للتسريع في القبض على الجناة لمحاكمتهم، وهذا أمر جيد وحسن، وإن بدا لي أن القضايا الجنائية تهتم بها الجهات الأمنية في الدول المتقدمة، لأن المجرمين لا يستهدفون جهة أو فئة محددة، بقدر ما يستهدفون جميع من يصلون لهم، فقاتل «المانع» كان سيقتل شخصا آخر لو مر في ذاك الوقت بدلا عنها، كذلك العصابة التي استدرجت «القاضي» لشراء السيارة منه، كان يمكن لها أن تستدرج أي شخص يريد بيع سيارته، وسيحدث له ما حدث «للقاضي».
هذان الحادثان وما سبقهما، تؤكد أن ثمة شيئا ما ناقصا أو لم تفكر به «السفارات والملحقيات الثقافية»، أو دورا من المفترض والواجب عليها أن تلعبه.
وأعني هنا تقديم المعلومات لكل مبتعث وسائح سعودي عن المدينة التي سيزورها أو يدرس فيها، ولو من خلال «الإيميل» أو رسالة نصية تفيد بأن عليه زيارة مقر السفارة أو الملحقية الثقافية؛ لاستلام كتيب عن المدينة التي سيسكنها.
ففي كل مدينة بالعالم هناك مناطق وأحياء خطرة حتى على رجل الأمن بأن يذهب وحيدا، وأحياء ومن المفترض ألا يذهب إليها الإنسان في أوقات معينة، أضف إلى ذلك عادات وتقاليد أهل المدينة وما الذي لا يحبون الحديث عنه، أو يثير غضبهم، وما هي الأشياء المحببة لديهم التي تساعدك على تكوين صداقة معهم دون أن ينظروا لك بعدوانية كغريب تثير ريبتهم.
هذه المعلومات أو الخدمات أو ما هو واجب السفارات والملحقيات الثقافية تجاه مواطنيها بغض النظر كانوا سياحا أم مبتعثين للأسف لا تقدمها، فيترك السائح أو المبتعث يخوض تجربته وحيدا بهذه المدينة، ليكتشف ويعرف ماهية المدينة التي يزورها.
فهل تفكر السفارات والملحقيات في هذا الأمر، فتقدم كتيبات عن المدينة تساعد أو تحمي مواطنيها من أن يخوضوا التجربة وحيدين في مدن لا يعرفونها؟