الأمر بالمعروف في حرب

بدر بن سعود

أدلة كثيرة تؤكد وجود من يعملون ضد سياسة رئيس الهيئات الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، وهناك كلام عن قائمة تم رفعها لجهات الاختصاص ضمت 40 اسما ممن وصفتهم الهيئة بالمندسين، وجاء الاعتداء اللفظي على الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف بعد صلاة ظهر الأحد الماضي ليزيد من توتر الموقف، ويتزامن المذكور مع حملة إلكترونية ضده في شبكات التواصل الاجتماعي، والحملة بدأت قبل فتـرة بمباركة من شخصيات أكاديمية ودينيـة، أوزانها تتراوح ما بين وزن الريشة والوزن الخفيف المتوسط، على اعتبار أن المسألة أصبحت أقرب إلى المصارعة الحرة، وحملت مطالبات بإعفائه من منصبه أو تقديمه للاستقالة أيهما أنسب، وذلك على خلفية القضية المعروفة لنقل الميدانيين المتـورطين في الاعتداء علـى البريطاني المتزوج من سعودية، وهؤلاء ــ وبحسب ما نشـرته الصحافة المحلية ــ اعترضوا على القرار وتظلموا ولم يغـادروا مواقعهم، وأتذكر أنهم وصفوه بالإجراء المتعسف وأن فيه استغلالا للسلطة، وبعدها سكت الإعلام ولم يعرف على وجه التحديد ما انتهت إليه الأمور أو ما تم بحقهم، رغم التأكيدات بان قرار النقل محسوم.
الواضح من كل ما يحدث ضد الشيخ الدكتور آل الشيخ أنه قام بإجراءات موجعة ومؤثرة، وقد تسبب هذا في الإضرار بمصالح فئات كانت مستفيدة قبل قدومه، ولعل الإنجاز الأكبر في عهده هو تسريحه لكل المتعاونين مع رجال الهيئة الميدانيين، وقد تبين فيما بعد أن هذه الفئة ــ تحديدا ــ لعبت دورا مهما في تشويهvsss صور الهيئة ومعها شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعمل الميداني لرجال الحسبة النظاميين تطور إلى الأحسن، وتراجعت التجاوزات بشكل لافت، لولا أن بعض الميدانيين المتشددين في الغالب وبمساعدة ودعم لوجستي من الحرس القديم في الهيئة، يريدون الرجوع بها إلى الوراء، فمن كان يتصور أن تتهم الهيئة رجال الأعمال، وعلى لسان رئيسها، وتقول بعدم جديتهم في تأنيث محال اللوازم النسائية، أو أن تصرح برغبتها في زيادة أعداد المحتسبات إذا توفرت الشواغر الوظيفية المناسبة، أو أن تحضر بهدوء وثقة وانسجام تام في النسخة الأخيرة من معرض الرياض الدولي للكتاب، وفي مهرجان الجنادرية 29.
المجتمع السعودي يتحرك إلى الأمام، ولا يمكن أن يقبل بأصوات الظلام وأصحاب الوساوس والبارانويا، ولا بد من وقفة تأييد لرئيس الهيئات تقديرا لإنجازاته الواضحة، وصموده المتواصل في وجه عاصفة التنطع والفساد داخل جهازه، ولو لم يكن آل الشيـخ ناجحا ومختلفـا في رؤيته الإدارية لمـا وقف في وجهه الميداني متشنجا وبدون احترام لمكان العبادة وإن كان في مقر رئاسة الهيئات، وقد حصلت الهيئة هذا العام على شهادة «الآيزو» في جودة وتميز خدماتها ونظمها الإدارية، والمطلوب أن تكون صديقة للناس، كما هو حالها في قضايا ابتزاز الرجال للنساء أو العكس، وأن تؤدي أعمالها باحترافية وتتعلم من اجتهاداتها غير الموفقة، أو ما حدث في الأيام الماضية، عند محاولة ضبطها لمبتز مسلح خارج «بانوراما مول» في الرياض، وهيئة الأمر بالمعروف تفكر في متابعة دورياتها الميدانية عن طريق الكاميرات التلفزيونية، والفكرة ما زالت قيد الدراسة، ولكنها ملهمة ومطلوبة ومفيدة جدا في عملية التوثيق والمحاسبة، وربما كان مهما أن تدرس الهيئة إنتاج برنامج تلفزيوني أسبوعي من نوع «كوبز» الأمريكي بالمشاركة مع الدوريات الأمنية.
هيئة الأمر بالمعروف تحتاج لمن يساعدها على نفسها، ولمن ينقل صورتها الجميلة والمعبرة عن سماحة الإسلام واعتداله، ولمن يكشف أدوارها النبيلة بدون مبالغة أو تجن، وكل الدعوات الصادقة لرئيسها بالتوفيق.