احتفظ بها، مع الشكر

مشعل السديري

إنني أحب المغامرة، ولكن ليس إلى الحد الذي وصل له المغامر الألماني الذي اسمه: (نيبيرغ)، الذي قطع الأدغال والمحيطات بمفرده، وواجه على حد قوله: الأفاعي بيديه العاريتين، ونجا من 25 محاولة اعتداء وسرقة.
ولكن هدفه من تلك المغامرات هو هدف إنساني نبيل، فلديه إلى الآن مشروعان أو ثـلاثة من المشاريـع الكبيرة، أهمها: مكافحة ختان الفتيات التي يعتبرها أسوأ حرب عرفها التاريخ ضد النساء.
لا شك أنني أتعاطف معه جدا في هذه الناحية، فكله عندي إلا (الختان)، ولكن بالنسبة لي (فالعين بصيرة، واليد قصيرة)، وكان الله في عونه على جهاده المبروك هذا.
وللمعلومية فهذا المغامر الألماني يبلغ الآن الثمانين من عمره، وهو شبه أصنج ويضع سماعة في أذنيه، وركبته صناعية، ووسيلته الوحيدة بالتنقل في اليابسة دراجة هوائية.
وسبق له أن قطع المحيط وحده على طوف خشبي، ويقول: إنه تمرن على الملاحة والطب وعلى فن الهـروب.
صحيح أنني مغامر، ولكن للأسف لا أحسن الملاحة والطب، أحسن فقط (فن الهـروب)، وهذا هو الفن الوحيد الذي أتحدى به الجميع، وأستطيع أن أأخذ عليه بجدارة الميدالية الذهبية في (المونديال).
***
جاء في الأخبار أن عناصر من الشرطة في كندا أوقفوا شابا تسبب بحادث سير فيما كان يقود سيارته وهو سكران، لكنه سرعان ما غافلهم وهم مترجلون منها، وركبها ولاذ بالفرار.
وهذا الموقف لا يبتعد عن موقف صديق لي بالطائف في أوائل السبعينات، وكانت هوايتنا في تلك الأيام هي التمشيات في العصرينيات بالسيارات، إما إلى (الردف)، أو (المثناة)، أو (غدير البنات)، وانطلق صاحبنا ليلحق بنا، ويبدو أنه خالف فأوقفه رجل الشرطة وركب معه ليذهب به للقسم، غير أن أخانا في الله بدلا من أن يذهب معه للقسم انطلق به إلى طريق (الحوية) حيث كنا، وكلما زجره الشرطي زاد بالسرعة، وكلما شتمه رفع صوت الأغاني للآخر، وليس له من كلمة للشرطي إلا أن يقول له: إذا أردت أن تنزل افتح الباب وانزل، فاستسلم المسكين، وما درينا إلا وهو يتوقف عندنا، ارتبكنا في البداية ونحن نشاهد الشرطي معه.
ولكن الأمور انتهت بسلام، بعد أن هدينا على الشرطي، وصببنا له الشاهي، واكتشفنا أنه يحب (المحل) حبا جما، ولم نرجعه إلى مكانه إلا والمؤذن يقول: الله أكبر لصلاة العشاء، ولا أدري إلى الآن ماذا حل به مع رئيسه؟!.
***
أعجبني تصرف رجل ألماني عندما (طمحت) عنه زوجته ــ أي تركته ــ
فما كان منه إلا أن يكتب إعلانا في إحدى الصحف يقول فيه:
لقد تركتني زوجتي الصالحة الأمينة، وإنني أرجو من الشخص الكريم الذي يجدها أن يحتفظ بها، مع الشكر.