«داعش» في الصين

أنور ماجد عشقي

دعيت للمرة الثانية للحديث في مؤتمر مشترك بين مركزين للدراسات أحدهما في الصين والثاني في تركيا حول العلاقات الصينية الإسلامية، مما دعاني إلى استمزاج رأي أحد الأصدقاء من الباحثين الصينيين في بكين حول موضوع «داعش»، فقال: بأن الصين قلقة من أمرين، «داعش» واحتمالات تسرب المجاهدين من منطقة شانكيانج الصينية، والثاني: الصراع الطائفي الذي قد ينعكس على المناطق الإسلامية في الصين، عندها أدركت بأن «داعش» لا يشكل خطرا على العرب وقلقا للغرب وحدهم، لهذا وبعد الإنذار الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين أخذ العالم ينظر إلى الإرهاب بشكل عام وإلى «داعش» بشكل خاص، بجدية دفعت إلى تشكيل تحالف دولي لمواجهة «داعش» وإيقاف تمدده ثم إلحاق الهزيمة به.
تمركزت خطة الحرب على «داعش» على عدة معطيات، أهمها: أن تقوم الدول أو الشعوب التي تتعرض للخطر بتحرير أراضيها والدفاع عن حدودها برا، وفي المقابل يتولى التحالف الدولي تقديم الإسناد بالنيران عن طريق الطائرات والصواريخ ومختلف الأسلحة لكسر مقاومة «داعش»
وبالفعل توقف تمدد «داعش»، لكن شبكة الإرهابيين المتغلغلة داخل بعض الدول لا تزال تمارس نشاطها. ففي العراق بدأت حكومة العبادي بتشكيل حكومة وحدة وطنية كي يفقد «داعش» الحاضنة التي اعتمدت عليها في احتلال الموصل وإعادة بناء الجيش والحرس الوطني بعيدا عن الطائفية السياسية التي سبق أن أطلقها المالكي.
أما في سوريا فقد وفر النظام الأسدي الملاذ الآمن لـ«داعش»، وقرر التحالف دعم المعارضة المعتدلة بالأسلحة وهذا سيؤدي إلى إضعاف «داعش» وإرغام النظام السوري على قبول قرارات «جنيف1».
تحرك «داعش» لاحتلال كوباني التي تعتبر من أهم المواقع الاستراتيجية في كردستان سوريا، لكن أحدا لا يعرف لماذا يحارب «داعش» الأكراد؟، ولماذا يريد الاستيلاء على كوباني؟ حافظ الأسد كان يدعم تدريب حزب العمل الكردستاني في كردستان تركيا، وكان الأسد يقدم لهم الرعاية داخل كردستان سوريا، وانتشر الحزب المعادي لتركيا في هذه المناطق، لكن تركيا هددت الأسد فأخرج رئيس الحزب عبدالله أوجلان فكان مصيره السجن في تركيا.
وأرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تنقذ كوباني عبر تركيا فأسقطت 26 طنا من الأسلحة جوا بواسطة طائرات C130 مع الذخائر والمساعدات الطبية للمقاتلين الأكراد. ورغم تأكيدات واشنطن لتركيا على أن هذه الأسلحة لن تشكل خطرا على الأمن القومي الأمريكي، إلا أن تركيا سارعت ووافقت على تسليح الأكراد، حيث أعلن وزير الخارجية التركي أن تركيا أخذت تسهل مرور مقاتلي البيشمركة من إقليم كردستان إلى كوباني على أن يكون المرور دون سلاح.
إن قوات التحالف وعلى رأسها الولايات المتحدة لا تزال تقصف خطوط الإمداد التي يبعث بها «داعش» إلى كوباني، كما تقوم بقصف التجمعات الإرهابية لكن كوباني لا تزال محاصرة من جهات ثلاث، الشرق، الغرب، والجنوب، أما الشمال فتوجد الحدود التركية.
وتؤكد بعض الأنباء، على أن المساعدات جاءت بموافقة تركيا التي فتحت خطوط الممرات لدخول قوات البيشمركة، وبالفعل تم عبور الأكراد الذين تصدوا لـ«داعش».
إن الحرب الفكرية على «داعش» تتطلب تخطيطا دوليا كما هو في الحرب العسكرية، وذلك بالتنسيق مع دول التحالف خاصة المملكة التي تألقت في هذه الحرب وشاركت ضمن قوات الحالف في ضرب «داعش».

* رئيس مركز الشرق الأوسط
للدراسات الاستراتيجية والقانونية