تجربة القاسمي تعيد الاعتبار لـ «الأسطورة» المحلية

الشاعر عندما يكون مرآة للمجتمع ...

قراءة: حسين الجفال

ترى ما سر ارتباط هذه القصيدة بالمكان ، كأنك أمام نسق شعري حلق في زوايا الجغرافيا فأوجد صلة عجيبة وغريبة وجميلة وبين المكان والعاطفة ، مثل هذه القصيدة ، تلك القصائد التي انسابت من شعراء ما قبل الاسلام ، منحازة للمكان ، دون مجافية  للخيال ، الذي يحتضن حروفها.
  متناقضات مرتبطة بالجوانب الأخلاقية في سمو عاطفي جميل فالخلع هنا يواكبه الغسل عنوان الطهارة ، والصوت عنوان آخر للجمال.   المكان يحضر بكل تفاصيله ، فالقمم توأمها البرد ، كما تحضر الاساطير كل بما يتوافق مع زمانه ، حيث تسلل الجن بالليل ... وهكذا.   لكنها قصيدة مشبعة بالألم أيضا ، ألم لازم كل قصائدنا منذ الأزل وكأننا ننعى أطلالا اندثرت ، ورغم جمال حروفها إلا انها أنسابت تبكي تلك الشاوية التي لم يعلمنا عن رحيلها المفاجئ سوى الحمامة التي عشعشت في نزلها  هكذا هو شعرنا دائما ، يصنف نفسه وبصدق باعتباره بطل اللانهايات ... بطل ترى ذاكرته معلقة على شجرالسدرة بكل ألم وكآبة. بطل ينبئك دائما بخفوت البريق ، والغيمة الكئيبة، والرحيل المفاجئ ، غموض العينين الساحرتين .   كل شئ بالنهاية يبؤونا بالرحيل!!! حتى القدرة التي نحتاجها ، لا ترد إلى في حالة إرادة سلبية ينحصر أداؤها في كسر بقايا الجسد أو تمزيق أوصاله وسط طقوسية الحزن المعتادة. في تجربة زهران القاسمي اختلاف كبير عن اقرانه ، فقد غابت النوارس والسنونوات ، غابت شجرة الزيتون ، وحضر خلاف ذلك الشاوي والمغيب ، كأسطورة حية في مجتمع الشاعر ، لذا اجده عاش بيئته ولم يتغرب شأن الآخرين !! زهران القاسمي شاعر نجح ان يكون مرآة مجتمعه بكل مافيه من عتمة وضوء واختط طريقا صعبا لكنه ابهى وانجع لعناق الحياة بصدق. ديوانه الصادر عن دار الانتشار العربي في عام 2006 والذي يضم بين طياته 29 قصيدة في 154 صفحة تجعل من القارئ يعيش جمالية المكان والأساطير ويصافح تجربة تستحق عناء المرور.