دم علي البزال !

تركي الدخيل

ما إن أعلن الزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، استعداده للذهاب إلى عرسال والتفاوض مع الخاطفين من أجل إنقاذهم قبل الإجهاز عليهم إلا واستبشر البعض، غير أن ساعاتٍ فقط فصلت بين تعهد جنبلاط وبين إعدام الجندي المخطوف علي البزال، والذي اهتزت لمقتله لبنان من أقصاه إلى أقصاه، وهذا الإجرام من «جبهة النصرة» يوضح أنها تريد إطلاق سراح زوجة البغدادي السابقة وزوجة الشيشاني، واللتين ألقت القبض عليهما القوات اللبنانية في عملية نوعية قبل أسابيع.
لقد فشلت كل الجهود من أجل إنقاذ الأرواح البريئة، وبان أن يد الغدر أقوى، ولغة الدم أكثر هيمنة وقوة في لبنان، كما هو حال جيرانه في العراق وسورية، ولعل على المسؤولين اللبنانيين الذين استقبلوا نوري المالكي مؤخرا الاتعاظ بتجربته الخطيرة التي كانت طائفية بامتياز.
دم علي البزال هو إعلان عن تهمش الجسم السياسي اللبناني الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، إذ صارت التنظيمات الانفصالية والجماعات الدموية أكثر قوة من المؤسسات، وذلك بفعل أساليب التعطيل والاحتقار العملي للمؤسسات القانونية والنيابية والسياسية، وهذا جعل من البيئة حاضنة لاجتذاب مغناطيسي لكل أصناف العنف والإرهاب والدم.
علمنا التاريخ أن كل صعود لقوة المؤسسات يعني تضاؤل لقوة الجماعات العنيفة، وهذا يصح كثيرا على لبنان الذي سيكمل العام من دون رئيس للجمهورية، كما كان من قبل قد أغلق مجلس النواب، وعاش لأشهر طويلة بحكومات تصريف الأعمال.
رحيل علي البزال كارثة بكل المقاييس، والعبء على الساسة الذين لم يحسنوا إدارة الأزمة، ولعل التصاعد العنيف في الشوارع وقطع الطرقات مؤخرا ليس إلا انعكاسا أوليا لهذا الفشل، وأتمنى أن لا يكون هناك منزلقات ميدانية أخرى.