الوزراء الجدد .. رسالة واضحة !!

محمد السديري

جاءت قرارات خادم الحرمين الشريفين التي تنص على إعفاء عدد من الوزراء وتعيين آخرين لتؤكد لنا الفكر التجديدي الذي يحمله هذا الملك، وحرصه على رفد الوطن بطاقات متقدة تحمل روح الشباب وحماسه وعطاءه؛ لتساهم في خدمة وطنها وأمتها حاملة لنا آمالا متحفزة وأمنيات بأن القادم يحمل الكثير من الإنجازات.
لم يكن هذا التغيير إلا إدراكا من القيادة الحكيمة بأن شريحة الشباب هم عماد المملكة وأداة تطورها؛ لما يحملونه من الحماس والجدية والمقدرة والكفاءة، فكان لا بد من إتاحة الفرصة لهم لتولي مناصب هامة ومؤثرة؛ حتى يساهموا في دفع عجلة التنمية التي تشهدها المملكة، وحرصا على توفير أقصى درجات الخدمة للمواطنين من ملك لا يقبل لشعبه إلا أعلى مستويات الخدمة والرفاهية، لقد جاءت هذه التغييرات نتيجة للتحديات والمشاكل والعقبات التي تواجه بعض القطاعات.
لقد جاء هذا التغيير بدفع مجموعة ممن يحملون روح الحيوية والاحترافية والتفاعل مع المجتمع للتخلص من الرتابة والبيروقراطية التي تعاني منها بعض الوزارات، وإتاحه الفرصة للطاقات الشابة والواعدة بالتدخل الحيوي والفعال، أو ما يعرف بالتدخل السريع لتحقيق إنجازات مختلفة تتفق مع الرؤية الثاقبة والمستقبلية لملك هذه البلاد وحرصه المستمر والدؤوب على رفاهية المواطن وعزة الوطن.
لقد تشرف ثمانية وزراء جدد بالثقة الملكية الكريمة التي تجعلهم أمام مسؤوليات وآمال 27 مليون مواطن يطمحون بوطن أجمل ورفاهية أوسع، يقدمون خدمات متميزة بجودة عالية تراعي مصالح المواطنين أولا، وترتقى بالخدمات المقدمة لهم لتسهيل كل الصعوبات وتذليل العقبات.
أجزم بأن جميع أصحاب المعالي الوزراء الذين وقع عليهم الاختيار الملكي لديهم خططهم وأولوياتهم ورؤاهم الواضحة، ولن نقول لهم ماذا نريد، بل هم أتوا يعلمون ماذا يرد الملك وشعبه، أتوا بفكر تطويري ورؤى واضحة سيكون لها أثر إيجابي على التنمية في المملكة للسنوات القادمة.
لا شك أن النظر إلى التفاصيل الصغيرة والاعتماد على المركزية لن يحل الإشكاليات المتراكمة، ما لم يبادر الوزراء الجدد في اختراق أسوار العمل الميداني من خلال الزيارات المفاجئة والرقابة المستمرة ووضع برامج تنموية وتطويرية سريعة والاستماع لشكاوى المواطنين والتواصل معهم إلكترونيا من خلال قنوات التواصل الاجتماعي والعمل بروح الفريق الواحد والاستعانة بأصحاب الخبرة والتجربة وصانعي النجاح محليا ودوليا.
وغني عن القول أن النجاح لا يرتبط بشخص قدر ارتباطه بفريق عمل متجانس، ومن الخطأ أننا اعتدنا ــ بقصد أو بحسن نية ــ أن يبدأ مسؤولونا من الصفر ناسفين خطط من سبقوهم بدعوى التغيير نحو الأفضل، مع العلم أن هناك خططا جيدة تسير عليها الوزارات ورؤى تنموية صائبة ينبغي البناء عليها، فضلا عن كفاءات وطاقم إداري من الضرورة بمكان الاستفادة منهم، فالناجح من يصنع قاربا يعبر به النهر، لا من يبني حوائط حول نفسه تحميه من الفيضان، وهنا لا بد من المواءمة مع رؤى من سبقوكم بدلا من حمل معاول لهدم مشاريعهم، وفريق اليوم القادم لتسنم زمام المبادرة أعلم عن بعضهم أنه شغوف بالنجاح والإبداع والعمل الدؤوب، ويعمل من حيث ما انتهى إليه من سبقهم.
المطالب كثيرة والمهام جسيمة، وكلنا أمل بأن هذه الكوكبة الشابة ستكون عند مستوى التطلعات والآمال المعقودة عليها في تحقيق إصلاحات حقيقية توفر حياة كريمة هانئة لشعبنا، والانطلاق إلى آفاق رحبة تتألق لنفتخر بماضينا وحاضرنا، ودفع مسيرة التقدم والنماء، وتحقيق كل ما فيه نهضة ورفعة المملكة ومصلحة المواطنين والمقيمين على ارضها.
إن استبشارنا بهذه الكوكبة من الوزراء الجدد لا يلغي تقديرنا لأولئك الذين سبقوهم في مناصبهم ممن عملوا جاهدين ومجتهدين في تحقيق النجاح في مواقع مسؤولياتهم، وسيظل العائد الحقيقي الذي يلمسه المواطن هو مقياس النجاح، وسيظل خير الوطن وتطوره هو من يدعونا إلى سباق متتابع.
ختاما، شكرا للأوائل على ما قدموه مهما كان، وشكرا لكل من بذل وأعطى، ومن أصحاب المعالي الجدد نترقب أعمالا وإنجازات وأفعالا نلمسها، لا أقوالا وفلاشات وتصاريح إعلامية، فاصنعوا الخير لوطنكم، وابدأوا من حيث انتهى الآخرون، واعملوا ما لم يستطعه الأوائل من أسلافكم، ونذكركم بأن الطموح أكبر وآمالنا بحجم هذا الوطن، ولنا في من مضى أسوة حسنة، حيث أثبتوا أن النجاح ممكن إذا ما اقترن بالإخلاص وحب الوطن، فلا تخذلوا قيادتكم التي أولتكم ثقتها، ولا تخيبوا آمال أبناء هذا الوطن، وفقكم الله وأعانكم لما فيه خير هذه البلاد. ودمتم سالمين.