الوفاء لتكريم أهل العطاء

عبدالعزيز بن عثمان بن صقر

اعتدنا في المملكة العربية السعودية على تكريم الرجال المخلصين الجادين والمجتهدين في خدمة دينهم ومليكهم وبلادهم وأمتهم. حيث نهجت العديد من الجهات الحكومية على تكريم كبار المسؤولين فيها وخصت من يكونون على رأس المسؤولية بتقدير وتكريم مميز من خلال إطلاق أسمائهم على مراكز أو أكاديميات متخصصة تتبع تلك الجهات مثل (أكاديمية نايف للأمن الوطني) التابعة لوزارة الداخلية، و(أكاديمية تركي الفيصل للاستخبارات) التابعة لرئاسة الاستخبارات العامة، وغير ذلك.
من هذا المنطلق أعتقد أن ما قدمه صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية يستحق أن نتوقف أمامه كثيرا، حيث قدم سموه الكثير خلال مسيرة حافلة بالعطاء الوطني امتدت إلى 45 عاما، تبوأ خلالها مقاليد العديد من الوظائف والمهام، منذ أن تولى موقع نائب محافظ بترومين لشؤون التخطيط عام 1970م، ثم وكيلا لوزارة البترول والثروة المعدنية عام 1971م، ثم في عام 1975م، صدر المرسوم الملكي الكريم بتعيينه وزيرا للخارجية، ومنذ ذلك الوقت وسموه يعطي الكثير والنبيل وهو على رأس الدبلوماسية السعودية فهو عاصر الأحداث الجسام التي مرت بها المنطقة، وقاد الدبلوماسية السعودية في ظروف صعبة وأوضاع إقليمية معقدة لمدة 40 عاما، ونجح في إدارة ملفات صعبة، ونجحت معه الدبلوماسية السعودية في اجتياز محطات تاريخية مهمة، وساعده في تحقيق ذلك مقومات شخصية ومواهب يتحلى بها، إضافة إلى مكانة المملكة وقوتها على الساحة الإقليمية والدولية والإسلامية، فسموه امتلك ناصية الدبلوماسية بثقافة وعلم وتجربة، فهو يتحدث سبع لغات هي «الإنجليزية - الفرنسية - الإيطالية - الألمانية - الإسبانية - العبرية والعربية» وسموه قارئ من طراز فريد فهو غزير الثقافة وواسع الاطلاع، وقد شهد له الكثير من الزعماء وزراء الخارجية العرب والأجانب، فهو خير من يجسد رؤية المملكة بهدوء، وروية، واتزان، لذلك نجحت الدبلوماسية السعودية في اجتياز أكثر المنحنيات التاريخية الصعبة، ما أرسى دعائم الاستقرار في منطقة الخليج وبقية المنطقة العربية رغم ما شهدته هذه المنطقة من أحداث خطيرة جدا خلال السنوات الأربعين الأخيرة.
ومن باب الاعتراف بالجميل، وتكريم أبناء الوطن المخلصين الأوفياء الذين حملوا رايته الخفاقة وساهموا في مسيرة البناء والتنمية وإرساء دعائم الاستقرار والتنمية، من الضروري تكريم سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل بإطلاق اسم سموه على معهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية ليكون «معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية» وذلك تكريما لأحد الرجال الذين أخلصوا وما زالوا يخلصون لدينهم ومليكهم ووطنهم من أجل رفعة بلادنا الحبيبة بين الأمم، خاصة أن شيمة أبناء المملكة العطاء والوفاء معا.