أعضاء المجلس .. وخطاب الملك

محمد السديري

الخطاب الملكي الذي ألقاه يوم الثلاثاء الماضي، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ــ سلمه الله وشفاه، الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ــ رعاه الله، وذلك للأمة السعودية، كان مختصرا ومركزا، جامعا وشاملا، واضحا وشفافا، ملخصا لأهم الأحداث وأهم الرؤى المستقبلية والنهج الذي تسير عليه المملكة في مواجهة كافة المخاطر المحيطة بها سياسيا واقتصاديا. فقد تركزت في ثلاثة محاور مهمة هي: الوحدة الوطنية وما يحدث بالدول المجاورة من قلاقل ومحن ودور الإرهاب فيها لإعاقة تنميتها، وعن ما يحدث في سوق البترول العالمي من تطورات طارئة وتفصيل عوامل انخفاض سعره وكيفية التعامل معه سابقا ومستقبلا، وعن مواصلة التنمية المحلية وتأكيده ــ يحفظه الله ــ عليها برغم كل العوامل الاقتصادية التي لن تؤثر على نهج المملكة التنموي.
إن ما لفت انتباهي في الخطاب الملكي تأكيده ــ أيده الله ــ على أهمية أعضاء مجلس الشورى، حيث قال «إن التطور الحقيقي هو الذي يتم وفق موازنة تراعي متطلبات الإصلاح، والقرارات الرشيدة يتم أخذها بعيدا عن العواطف وتصب في مصلحة الوطن ومسؤوليتكم كبيرة أمام المواطن فيما يعرض عليكم من موضوعات وأنا على يقين بأنكم أهل لهذه المسؤولية».
إن العبارة الأخيرة هي الأهم لي، حيث أكد ــ سلمه الله ــ على المؤكد بأن الدور على أصحاب السعادة أعضاء المجلس كبيرة جدا والمأمول منهم أكبر، وأن مهمتهم ليست تشريفية، بل تكليفية، فهم رافد مهم في مسيرة المملكة الإصلاحية والتنموية، فتمحيصهم للأنظمة والعمل على تطويرها وتعديل القائم منها وغير المجدي في الفترة الحالية أمر مهم جدا، وهو ما سيسهم بشكل كبير في دفع عجل التنمية في هذا الوطن.
فجلساتهم في المجلس واجتماعاتهم مع تنفيذي الوطن ليست للبحث عن الذات، وليست لتصفية الحسابات الشخصية، وليست للمجاملات غير المجدية، وأنا على يقين أنهم أسمى من ذلك؛ لأنهم صفوة الصفوة فكريا وإداريا، فقد تم اختيارهم من بين العديد من الكفاءات، ولم تدخل المجاملات في اختيارهم أو المحسوبيات؛ لذلك طلب القائد مبرر، وهو مطلبنا أبناء هذا الوطن الغالي. إننا نريد منهم الفعل لا ردة الفعل، نريد منهم العمل واستباق الأحداث، نريد منهم المزيد من الاقتراحات والدفع بتنظيمات وتطوير القائم للدفع بمسيرة التنمية الزاهرة الشاملة في كافة الأصعدة.
نريد منهم البحث في ظاهرة الإرهاب، وماهية مشاكل بعض أبنائها المغرر بهم للانضمام إلى تنظيمات مشبوهة، نريد منهم النظر إلى مشكلة المخدرات والوقوف على أسبابها ومسبباتها وطرق علاجها، نريد منهم حل مشكلة السعودة ولماذا قطارها متوقف وما هي طرق علاجها ولماذا لم ننجح في توظيف أبنائنا وبناتنا في القطاع الخاص؟ نريد منهم الجلوس مع رجال المال لمعرفة الأسباب الحقيقية، ونريد حلولا تقدم تنظيمات تدفع بقطار السعودة وتساعد الجهات التنفيذية الأخرى في تطبيق هذه التنظيمات، ونريد منهم النظر في مشكلة الحوادث ولماذا هي في ازدياد؟ لقد حصدت أرواح زهرة شباب هذا الوطن، نريد منهم دورا أكبر، ونريد منهم خطة عمل يلتزم بها الجميع لحفظ الأرواح. وغيرها من الأمور المهمة والتي تسهم ولا تعيق مسار التنمية.
أيها السادة أعضاء المجلس الكرام، حينما يقول لكم الملك إن مجلسكم يجسد في تشكيله وحدة الوطن، وفي أعماله المشاركة في صنع القرار، فأنتم من قادة الرأي الذين يعتمد عليهم الوطن في صياغة حاضره ومستقبله، وهذا يلقي عليكم مسؤولية كبرى في مواجهة التحديات التي تتعرض لها بلادكم وفي الدفع بمسار التنمية الوطنية في أبعادها المختلفة لتحقيق تطلعات المواطن. فهل استوعبتم هذه العبارات وهذه المطالبات من قائدنا!! أنه يمنحكم خطة عمل ويطلب منكم دورا أكبر، وأكثر فاعلية وأكثر إسهاما. ودمتم سالمين.