وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ

أسامة خياط

إن عظم المصيبة، وشدة النازلة، وثقل الفاجعة، وجسامة البلاء؛ ليخفف وقعه على النفس، ويسهل احتماله على القلب: استعصام أهل الإيمان، واستمساك أهل التوحيد، بما أمر الله به من الصبر الجميل، الذي وعد الله تعالى عليه بأجمل موعود، فقال عز اسمه: (وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).
إنها صلوات من ربنا ورحمة، ووصف تزكية لا عدل له: (وأولئك هم المهتدون). وكفى بصلوات ربنا ــ سبحانه ــ يفيضها على الصابرين على ما أصابهم، وحسبك برحمته ــ عز وجل ــ رباطا على القلب، وتثبيتا للفؤاد، وعزاء وتسلية للنفس. وإن المصيبة بفقد ذوي الفضل والمكانة والريادة والقيادة لهي من أعظم المصائب، وأشد الرزايا إيلاما للقلب، وإثارة للأشجان، وإهاجة للأحزان. وإن ما منيت به هذه البلاد المباركة، بلاد الحرمين الشريفين ــ حفظها الله وأعزها بالإسلام، وما مني به المسلمون قاطبة في كل أرجاء الأرض، من وفاة ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ــ رحمه الله ــ لهي الرزية كل الرزية؛ فقد كان له ــ رحمه الله ــ من المناقب والفضائل، والخصال وجلائل الأعمال ما يضيق المقام عن حصره، ولا يتسع لذكره، فضلا عن بسطه والإفاضة فيه، ولو لم يكن له ــ رحمه الله ــ إلا المشروعان الإسلاميان العظيمان: توسعة المسجد الحرام، وتوسعة المسجد النبوي الشريف، لكفى بهما فضلا كبيرا وأجرا عظيما ــ إن شاء الله ــ وسوف يذكره المسلمون على الدوام بهذين المشروعين الرائدين الرائعين، وسوف يذكرونه ــ أيضا ــ بما قدم لدينه ولشعبه ولوطنه ولأمنه، وما كان له من أيادٍ بيضاء في كل ميادين الخير والبر والمعروف. وإن خير ما اختم به كلمتي: هذا الحديث النبوي الشريف، الذي أخرجه الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه بسنده عن أم سلمة ــ رضي الله عنها ــ أنها قالت: دخل رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ على أبي سلمة، وقد شق بصره ــ أي شخص لحضور الموت ــ فأغمضه ثم قال: «إن الروح إذا قبض، تبعه البصر»، فضج ناس من أهله، فقال ــ صلى الله عليه وسلم: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون»، ثم قال ــ عليه الصلاة والسلام: «اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه».
فاللهم اغفر لعبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه. آمين. وعظم الله الأجر وأحسن العزاء لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، ولكافة أفراد الأسرة المالكة، ولجميع أفراد الشعب السعودي، وأبناء الأمة الإسلامية قاطبة في كل الديار والأمصار، و(إن القلب ليحزن، والعين لتدمع، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا لفراقك يا عبدالله بن عبدالعزيز لمحزونون)، (إنا لله وإنا إليه راجعون).
هذا، ونبايع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، على السمع والطاعة، في العسر واليسر، والمنشط والمكره، على ما أمر الله ورسوله ــ صلى الله عليه وسلم. ونبايع صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، على ذلك أيضا.
والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.