المنشار ورِجل المِرْفَع؟!

محمد أحمد الحساني

إذا عين موظف في منصب إداري أو مالي أو فني ونحوها من الوظائف العامة فإنه في حياته العملية سيكون أحد أربعة، فهناك الموظف المخلص الذي يعقد العزم على الإخلاص في عمله والنجاح في تأدية مسؤولياته وواجباته لأنه يريد تحليل ما يأخذه من أجر شهري والاستفادة من علمه الذي تعلمه وحصل به على الوظيفة وخدمة من وظف من أجل خدمتهم فيكون وجود مثل هذا الموظف أيا كان موقعه ومستواه الوظيفي خيرا وبركة ونفعا للبلاد والعباد. وهناك من يكون هدفه مزدوجا وهو النجاح في عمله وتحقيق مكاسب مادية لنفسه سواء كانت مشروعة أم غير مشروعة فهو يرى أن من حقه استغلال وظيفته في جلب المنافع الخاصة لنفسه لذلك تجده يؤمن بنظرية «ادهن السير حتى يسير»، وهو يجيد اختيار من يستفيد منهم ويتجنب من يخشى أن يجعلوه أحاديث بين الناس إن هو حاول مساومتهم على معاملة من معاملاتهم فيكون ذلك الموظف ناجحا أمام الرأي العام مستفيدا من موقعه الوظيفي أمام من يرون أن تمرير معاملاتهم يحتاج إلى وجود موظف «فهلوي» يلعب بالبيضة والحجر وينهي المعاملات ويفك عقدها ويسمي نفسه حلال العقد. وهناك من يدخل الوظيفة وهمه الأول والأخير أن يستفيد منها ومن وجاهتها ماديا ومعنويا ولا شيء غير ذلك فيكون مثل المنشار الحديدي يأكل وهو طالع ويأكل وهو نازل أما العمل والمعاملات التي تحول إليه فإنه لا يأبه بها ويجعلها في مؤخرة اهتماماته فيكون عالة على وظيفته وإدارته، ومع ذلك قد تجده يتحدث عن الإخلاص والخوف من الله واللقمة الحلال والأمانة والمسؤولية فهو من الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، والله يعلم إنهم لكاذبون. أما النوع الرابع فإنه ينطبق عليه المثل الشعبي القائل «فلان زي رجل المرفع لا يضر ولا ينفع» ، فهو يدخل الوظيفة ويمكث فيها عشرات السنين ويداوم يوميا وقد لا يغيب أو يتأخر في دوامه الصباحي ولكنه إذا روجع في معاملة تثاءب في وجه مراجعه وأشار إلى المكتب المجاور وواصل بنهم تكملة ساندويتش الطعمية وشرب السنتوب فإن سئل عنه مديره وعن عمله قال: هكذا وجدته منذ تسلمي مسؤولية هذه الإدارة وبلغني أن له ثلاثين سنة في الوظيفة وهو على هذه الحال فقلت لنفسي: فرج الله قريب!..