سياسة كيري ميري

خلف الحربي

يقول الناس في الأمثال الشعبية إن فلانا (ما عنده كيري ميري) أي أنه رجل لا يتساهل في الأمور التي ينبغي أخذها على محمل الجد، وهذا التعبير لا ينطبق فقط على الرجال بل على الدول أيضا، فحين كانت الولايات المتحدة تفرض سطوتها على العالم في عهود آل بوش ومن سبقهم كانت الناس تقول (أمريكا ما عندها كيري ميري) ولكن حين حكمها الرجل قليل الحيلة الشيخ أوباما عين وزيرا للخارجية اسمه (كيري) ليشاركه لعبة الأقوال التي لا يتبعها أفعال فأصبح عند أمريكا (كيري ميري).
كيري هذا صرح قبل أيام بضرورة التفاوض مع جزار دمشق بشار الأسد الرجل الذي أباد مئات الآلاف من الأبرياء وتسبب في تشريد الملايين من السوريين، وبالطبع تلقف الأسد هذا التصريح باعتباره استسلاما صريحا من القوة العظمى في العالم أمام جرائمه المرعبة التي هزت العالم من أقصاه إلى أقصاه ليقصف السوريين بغاز الكلور بعد أن أيقن بأن وزير خارجية أمريكا لا يقل ضعفا عن رئيسها أبو حسين الذي فرح بجائزة نوبل للسلام وترك العالم يشتعل حروبا.
واليوم يظهر علينا كيري بتصريحات يحذر فيها الأسد بعد التقارير التي تتحدث عن استخدام الكلور في مشهد كوميدي أول من سيضحك عليه بشار الأسد الذي اكتشف منذ عدة سنوات بأن الإدارة الأمريكية الحالية ليست أكثر من فرقة مسرحية لا تخيف أحدا، فقد جرب تهديدات أوباما بتوجيه ضربات عسكرية لنظام الأسد بعد استخدامه الأسلحة الكيماوية في المرات السابقة والتي انتهت إلى مفاوضات بطيخية منحت الديكتاتور شرعية البقاء ريثما يتخلص من أسلحته الكيماوية على أقل من مهله، ولعل أكبر دليل على أن الأسد كان يهزأ بالأمريكان ومفاوضاتهم المتعلقة بالتخلص من كامل مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية أنه استخدمها قبل عدة أيام في أدلب.
ليس الأسد وحده من اكتشف الضعف الأمريكي في عصر أوباما، الروس قبله أدركوا هذا الأمر وفعلوا ما يحلو لهم فعله في أوكرانيا دون أن يعيروا تحذيرات الرئيس الأمريكي أدنى اهتمام يذكر، والإيرانيون كذلك وجدوا أن الإدارة الأمريكية الحالية هوايتها المفاوضات فمضوا في هذه اللعبة السهلة دون أن يتوقفوا عن المضي قدما في برنامجهم النووي، فأمريكا اليوم لازالت تملك حاملات الطائرات والصواريخ الذكية والجيش القوي ولكن يقودها رجال يخشون المواجهة للدفاع عن مصالحهم ومصالح حلفائهم والنظام الدولي القائم على القطب الواحد الذي صنعه أسلافهم الأقوياء، إنها أشبه ما تكون بعملاق له قلب أرنب كل حياته (كيري ميري).