صناعة «الوعي الزائف»

احمد عائل فقيهي

كيف يمكن الحكم على مجتمع كونه يقرأ أو لا يقرأ وهل القراءة هي ناتج تراكم معرفي واجتماعي أم مجرد عامل نهوض مرتبط باللحظة الراهنة، وهل اقتناء الكتب مؤشر لقراءة الشخص لهذه الكتب أم هي مجرد واجهة و«زي»، ثم هل القوة الشرائية كما نراها في معارض الكتب وتحديدا في معرض الكتاب الذي يقام سنويا في العاصمة الرياض والذي انتهت نشاطاته وفعالياته منذ عدة أيام دليل على قوة قرائية في مقابل القوة الشرائية.
كل هذه الأسئلة وغيرها يمكن طرحها والإجابة عليها من وجهة نظر شخصية قد لا تكون صائبة وراجحة البتة وبالتالي وقوعها فيما هو شخصي لا وفق رؤية عميقة ودراسة تأخذ بكل المسببات التي تقول بأن هذا المجتمع مجتمع يقرأ أو لا يقرأ.
هناك اليوم سطوة لثقافة الصورة وقنوات التواصل الاجتماعي والفضائيات الحاملة لكل ما هو مضيء ورديء بل إن الرديء يطغى على المضيء في المعرفة ثم الانشغال برسائل الجوال والإغراق في العابر من المعرفة والثقافة الهشة مقابل هذا الإقبال الكبير على معارض الكتب ومنها معرض الكتاب في الرياض وهو ما يجعلنا لا نطلق أحكاما مطلقة وقد تكون مجحفة على المجتمع كونه يقرأ أو لا يقرأ ونوعية ما يقرأ.
لا شك أن الثقافة الهشة تنتج عقلية هشة مرتبطة بالسماع والذي نراه متداولا في المجالس عبر إنتاج المعرفة اليومية دون تدقيقها والتأكد منها والثقافة العميقة تنتج بالضرورة عقلية عميقة.
والثقافة الهشة تلك التي يعيش أصحابها على قراءة العابر والهامشي ومشاهدة الفضائيات الساعات الطويلة بحثا عن التافه والسقيم في هذه الفضائيات فثمة برامج ثقافية وفكرية وسياسية في هذه الفضائيات تقدم المفيد والمثير أما الثقافة الأكثر هشاشة وسطحية فهي التي يعيش أصحابها على الجلوس طويلا لمشاهدتها بحثا عن السيئ والرديء وفي المواقع و«الفيس بوك» و«تويتر».
الوعي الزائف هو ناتج الثقافة السماعية أو ثقافة الأذن كما عبر عن ذلك الباحث عبدالسلام بن عبدالعالي وثقافة الأذن قائمة على السماع وليس على تلقي العقل للمعرفة وليس استقبال الأذن لها وهناك فرق كبير بين أن تسمع فقط وبين أن تعي وتدقق في المعلومة ومدى خطئها من صحتها وصوابها ذلك أن العقل وحده هو القادر على الفرز والتمحيص والتدقيق.
ما أكثر من يسمع ويعيش على السماع.. دون أن يبحث ويدقق من أجل أن يعرف إذ أن البحث عن المعرفة هو مفتاح الوعي الحقيقي لا الوعي الزائف.


a_faqehi@hotmail.com