رحيل «غراس» عامل منجم الفحم الذي كتب بحبات اللؤلؤ
الاثنين / 24 / جمادى الآخرة / 1436 هـ الاثنين 13 أبريل 2015 19:24
• علي الرباعي (الباحة)
يتمتع الروائي الألماني غونتر غراس المولود عام 1927، في مدينة دانتسيغ الحرة المعروفة حاليا بـ(غدانسك)، لأب ألماني وأم ألمانية من أصول بولندية، بانتماءات إنسانية وميل نحو قضايا العرب العادلة، ومنذ بداية التحولات في ألمانيا الديمقراطية تلقى دراسته الابتدائية والثانوية في غدانسك، وفي عام 1944 تطوع للعمل في سلاح الغواصات الألماني، ثم ألحق بوحدات قتالية أخرى خلال الحرب العالمية الثانية، حيث وقع في أسر القوات الأميركية التي احتجزته في معسكر للأسرى ثم أطلقته عام 1946، أي بعد عام من انتهاء الحرب، وعمل غراس بعد الحرب في منجم فحم في ألمانيا الغربية ثم مزارعا بعد تعذر عودته إلى مدينته التي باتت خاضعة للبولنديين والسوفيات، درس فن النحت في مدينة دوسلدورف الألمانية لمدة سنتين (1947-1948)، وأتم دراسته الجامعية في مجمع الفنون في دوسلدورف وجامعة برلين (1946-1956) وأكمل دراسته العليا في جامعة برلين للفنون لغاية عام 1956، وعمل نحاتا ومصمما ومؤلفا، ثم تولى بين عامي 1983 و1986 رئاسة أكاديمية برلين للفنون، ويعد غراس الذي انتقد سياسات إسرائيل النووية، وروايته (الطبل الصفيح) نالت شهرة عالمية كبيرة بعد نشرها عام 1959، وترجم هذا العمل الأدبي إلى لغات عالمية كثيرة من بينها العربية، وهي جزء من ثلاثيته المعروفة بـ(ثلاثية دانتسيغ)، وتضم أيضا روايتي (القط والفأر) (1961) و(سنوات الكلاب) (1963). ومن رواياته المشهورة أيضا (مئويتي) (1999) و(مشية السرطان) (2002) وكتب مسرحيتين، أولاهما (الطهاة الأشرار) (1956) و(الفيضان) (1957)، وأصدر أربع مجموعات شعرية في أعوام 1956 و1960 و1967 و1971، وحصل غراس على جائزة نوبل للآداب عام 1999 لدوره في إثراء الأدب العالمي، خصوصا في ثلاثيته الشهيرة (ثلاثية دانتسيغ)، إضافة إلى جوائز محلية، منها جائزة كارل فون أوسيتسكي عام 1967 وجائزة الأدب من مجمع بافاريا للعلوم والفنون عام 1994، وفي عام 2005 حصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة برلين، وكان غراس من القلائل الذين تحفظوا على فكرة الوحدة الألمانية القادمة وكان يميل إلى توحيد فيدرالي، وسجل رفضه على طريقة احتلال الغرب للشرق وتغير العملة، مطالبا بالتريث والتدرج في خطوات الوحدة والاعتراف بناس ألمانيا الديمقراطية ومساعدتهم للحفاظ على تقاليدهم وهوياتهم التي ترسخت منذ ولادة جيل تأسيس ألمانيا الشرقية، تعرض في أبريل 2012 إلى موجة انتقادات بعد نشره لقصيدة نثرية بعنوان (ما ينبغي أن يقال)، وأثار كتابه (حقل واسع) ضجة في الصحافة والإعلام وفي صفوف المثقفين والأدباء وتعرض لنقد وتعريض سياسي، فيما حدد في كتابه (مذكرات حلزون) معاناة ألمانيا ووقوفه إلى جانب شعبية الأدب ومطالبته بنزول الأدباء من أبراجهم وأن يخرجوا من عقدة الذنب والمذنب، دعا إلى العودة إلى اتفاق اوسلو، والانسحاب من المناطق الفلسطينية المحتلة وإخلاء المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية التي بنيت في تلك المناطق إذا كان هناك من يريد السلام، ومن مقولاته «أن تكتب يعني أن تناضل ضد انقضاء الزمن، كون عبء الماضي هو من الثقل وبلوغ الأثر ما يجعل تناسيه والتنصل من تبعاته وآثاره من قبيل الاستغراق في نوبات من الانفعالات الزائفة والجنوح إلى الطيش». أصر على طرح قضية الكاتب اليمني الشاب وجدي الأهدل الهارب من بلاده على خلفية منع كتابه (قوارب جبلية) والحكم عليه بسببه والتثبت من قرار الرئيس اليمني بإعادة الكاتب الشاب إلى بلده من دون أن يتعرض للسجن أو المحاكمة، وظل يكرر الحديث في المسألة في جلسات الحوار وفي اللقاءات الخاصة، لأن مهنة الأدب كما قال «شديدة الخطورة ولا تحتمل المماراة والنفاق، وعلى من لا يستطيع قول كلمة الحق أن يختار مهنة أخرى، وليعمل حلاقا مثلا»، ويصف الناقد المغربي سعيد بوكرامي رحيل غراس بالخسارة، كونه ناصر قضايا العرب والمبدعين ووقف إلى جانب الإنسان وانتقد المعامل النووية التي تهدد حياة وسلامة الإنسان، فيما قال الناقد محمد العباس على صفحته بالفيس بوك «وداعا غراس.. الرقصات الأخيرة هكذا دائما».