القرار الأممي ضد الحوثي

بدر بن سعود

وافق مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار الخليجي، وأصبح اعتبارا من يوم الثلاثاء 14 أبريل قرارا أمميا نافذا، والمطلوب أن تلتزم به جماعة الحوثي وحلفاؤها في داخل وخارج اليمن، وقد تم تكليف الأمين العام للأمم المتحدة بمتابعة تنفيذ القرار لعشرة أيام تبدأ من تاريخ صدوره، ومن ثم كتابة تقرير شامل يقيم درجة التزام الأطراف المعنية بمحتواه، وهذا هو اليوم الثالث وما زالت هناك فرصة لسبعة أيام قادمة، وإلا فإن المتمردين في اليمن موعودون بحزمة عقوبات جديدة، وبإجراءات إضافية لا يطيقونها، والعمليات العسكرية لعاصفة الحزم مستمرة بالتأكيد، ولن تتوقف ضربات التحالف العربي حتى تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل يوليو 2014، وإلى أن يستقر الرئيس عبدربه في القصر الرئاسي بالعاصمة اليمنية.
روسيا تحفظت على القرار، ولكنها لم تستخدم حق «الفيتو» لتعطيله، ونجح السفير عبدالله المعلمي في ضبط الانفعالات الروسية وتحييدها في الملف اليمني، والمشروع قدمته الأردن رئيسة المجلس عن الشهر الحالي والعضو العربي الوحيد فيه، وشاركتها في التقديم فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، وبحسب المشروع الخليجي الذي تحول إلى قرار أممي ملزم تحت البند السابع وحمل الرقم (2216)، فالحوثي مطالب بوقف سلوكياته العنيفة، وسحب قواته من كل المناطق الخاضعة لسيطرته بما فيها صنعاء، بجانب تسليم الأسلحة المسروقة من المؤسسات الأمنية والعسكرية، وعدم الاستمرار في تقمص شخصية الحكومة الشرعية وممارسة أعمالها بدون تفويض، إضافة إلى الإفراج عن وزير الدفاع اليمني وبقية السجناء السياسيين والأشخاص قيد الإقامة الجبرية والمحتجزين بصورة تعسفية، والعمل على تسريح الأطفال المجندين والكف عن استخدامهم في العمليات العسكرية، وقد وصل عدد الضحايا من صغار المحاربين ــ إن جاز التعبير ــ وبنهاية اليوم العشرين للعمليات، إلى 75 طفلا تقريبا والرقم مرشح للزيادة، واستغلال الأطفال في النزاعات المسلحة مرفوض تماما في الشريعة الإسلامية وفي المعاهدات الدولية، وهو تصرف اعتادت عليه إيران في حرب الثمان سنوات مع العراق، فقد كانت تضعهم في الخطوط الأمامية، والغرض إرباك الخصوم والتشويش عليهم واستغلال عاطفة البالغين الطبيعية أمام الطفل، وهؤلاء كانوا كما الحوثيين الصغار يعتقدون بأنهم في حرب مقدسة ضد المخالفين لهم في الطائفة، وقد استطاعت إيران إقناع قادة الحوثيين، ومعظمهم تعليمه محدود ولا يتجاوز الكتاتيب في أحسن الأحوال، بأن تمكينهم في اليمن سيفتح الطريق لظهور صاحب الزمان أو الإمام الغائب ــ مثلما يسمونه ــ في إيران.
ورطة الإيرانيين كبيرة على المستوى الطائفي؛ لأن التمكين لم يحدث ولا بد من تخريجة تفسر هذا الخذلان العقائدي غير المفهوم، وسياسيا لم تنفع تحالفات الدولة الفارسية وتوسلاتها في تغيير مجريات الأمور على الأرض، وأرجح أنها ستترك يمن الحوثيين يواجه مصيره وحيدا، ولا أتوقع مغامرات بحرية أو جوية أو برية من الجانب الإيراني أو غيره، رغم أن أدوارها السياسية منذ سقوط بغداد في سنة 2003 تستحق تكريما غربيا خاصا، وأعتقد والخطأ وارد، أن رجال السياسة في المملكة ودول الخليج وفي عموم الدول العربية، يفكرون في توليفة مشابهة لعاصفة الحزم تعيد إنتاج نفسها في ثلاث عواصم عربية، وتنتصر لعزة الإسلام وكرامة العرب.
مجلس الأمن وجه دعوة إلى أطراف النزاع اليمني بضرورة استئناف المفاوضات مجددا، وأن يكون ذلك من على طاولة مجلس التعاون في الرياض، وطالب في مداولاته بإيقاف حمام الدم والعيارات النارية وقذائف الهاون والمناوشات الحدودية، وبالاعتراف بشرعية الرئيس هادي وحكومته، إلا أنه لم يشر إلى العمليات العسكرية لقوات التحالف العربي ولم يطلب إيقافها، ما يعني أنه يقبل بها ما لم تتغير الأوضاع في اليمن، علاوة على أنه لم يتكلم بشكل مباشر وصريح عن نزع سلاح الحوثيين، باستثناء ما نص عليه القرار من إعادة الأسلحة المسروقة، أو هكذا فهمت، ويفترض في عاصفة الحزم أن لا تهمل القاعدة واستغلالها لما يحدث، وأن تجهض احتمالات تمددها لمناطق واسعة، أو دخولها إلى جيران اليمن، أما بالضربات الجوية ومراقبة الحدود أو بدعم اللجان الشعبية والسلطات المحلية لوجستيا واستخباريا في أماكن وجودها؛ لأن الحوثي في طور الاحتضار ولن يعمر طويلا.