نريد المتسبب هنا أمامنا
الخميس / 27 / جمادى الآخرة / 1436 هـ الخميس 16 أبريل 2015 19:41
أحمد عجب
يقال بأن قاضي المحكمة بمدينة سوما التركية، اضطر لتعليق أولى جلسات محاكمة المسؤولين عن كارثة المنجم التي راح ضحيتها ثلاثمائة عامل، بعد أن طالبه بذلك أهالي القتلى ومحاميهم الذين أعربوا عن غضبهم واحتجاجهم على عدم مثول جميع المتهمين في قاعة المحكمة، خصوصا المسؤولين الثمانية البارزين في الشركة المستثمرة للمنجم والمعتقلين في سجن أزمير والذين كان منتظرا أن يشاركوا في الجلسة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، وقد صرخ مئات من أهالي الضحايا داخل القاعة بصوت واحد «نريد القتلة هنا أمامنا » كما شهدت القاعة مشادات كلامية وصراخا وعويلا، وهاجم بعضهم رئيس المحكمة هاتفين أمامه « نريد العدالة».
حيال وفاء الأهالي لضحاياهم ومتابعتهم الحثيثة لقضيتهم، لم يجد القاضي أمامه إلا تنفيذ نص النظام دون النظر للمكانة المرموقة أو الوضع الاجتماعي للمشتبه بهم، لهذا قرر التأجيل على أن يتم جلب جميع المتهمين في الجلسة المقبلة للمثول أمام المحكمة، لكن أهالي الضحايا لم يكتفوا بذلك، بل طالبوا أيضا بمحاكمة الطرف الحكومي المتورط في الموضوع، وعلى رأسه وزير الطاقة الذي يقال بأنه أعاد افتتاح المنجم عام 2013م على الرغم من وجود شهادات فنية اعتبرته ليس آمنا ولا جاهزا ولكنه أصر على رأيه !!
ربما لم يحدث لدينا قضايا من هذا النوع، فيما يتعلق بكوارث المناجم تحديدا، ولكن قضايا أخرى من مثل التعرض لصعقة كهربائية بسبب وجود كيبل مكشوف نتيجة إهمال أكثر من جهة، أو سقوط الضحية في حفرة صرف صحي تركت هكذا في الشارع العام دون غطاء، أو حتى تلك الأخطاء الطبية الجسيمة التي يتعرض لها المرضى بين الفينة والأخرى وتؤدي في الغالب إلى الوفاة أو العجز الكلي، كل واحدة من هذه الكوارث يقف وراءها من تراخوا أو أهملوا في أداء واجباتهم الجوهرية وكان لزاما محاسبتهم بكل حزم.
ما يحدث في الغالب وللأسف الشديد، أن أهالي الضحية يدفنون قضيته ويوارونها الثرى ساعة تشييعه، لديهم قناعة راسخة بأن أي محكمة في الدنيا مهما بلغت عدالتها لن تعيده إلى الحياة مرة أخرى (فما هي الفائدة إذن من محاكمة المتسببين ؟!)، الشيء الوحيد الذي يسعون وراءه بكل قوة هو محاولة الحصول عبر المطالبة في الحق الخاص على تعويض مجزٍ يمكنه جبر الضرر المعنوي والمادي الذي أصابهم، أما متابعة القضية في الحق العام أو الحضور لقاعة الجلسات العلنية وتتبع مجريات القضية، فهذا الأمر لا يعنيهم كثيرا، ولكل منهم همومه ومشاغله في الحياة، أما الضحية، فربنا يرحمه وسيقتص له قاضي القضاة يوم القيامة.
هذا المفهوم الخاطئ وهذه القناعة المغلوطة لدى عامة الناس، لا بد لها من أن تتبدل، خاصة أننا نعيش عهدا جديدا تتجلى فيه مبادئ العدالة والحزم بكل أشكالها وصورها، وإذا كان مقطع مشادة كلامية أدى لنصرة المواطن المغلوب على أمره وإعفاء المسؤول الذي استتر خلف حصانته، فإن تتبع الأهالي لقضايا ضحاياهم في الحق العام وحضور جلساتها والمطالبة بتطبيق نص القانون سوف يؤدي بكل تأكيد لمثول المسؤولين عن الأخطاء أمام عدالة المحكمة لتتم مساءلتهم ومعاقبتهم بما يستحقون متى ثبتت إدانتهم..
حيال وفاء الأهالي لضحاياهم ومتابعتهم الحثيثة لقضيتهم، لم يجد القاضي أمامه إلا تنفيذ نص النظام دون النظر للمكانة المرموقة أو الوضع الاجتماعي للمشتبه بهم، لهذا قرر التأجيل على أن يتم جلب جميع المتهمين في الجلسة المقبلة للمثول أمام المحكمة، لكن أهالي الضحايا لم يكتفوا بذلك، بل طالبوا أيضا بمحاكمة الطرف الحكومي المتورط في الموضوع، وعلى رأسه وزير الطاقة الذي يقال بأنه أعاد افتتاح المنجم عام 2013م على الرغم من وجود شهادات فنية اعتبرته ليس آمنا ولا جاهزا ولكنه أصر على رأيه !!
ربما لم يحدث لدينا قضايا من هذا النوع، فيما يتعلق بكوارث المناجم تحديدا، ولكن قضايا أخرى من مثل التعرض لصعقة كهربائية بسبب وجود كيبل مكشوف نتيجة إهمال أكثر من جهة، أو سقوط الضحية في حفرة صرف صحي تركت هكذا في الشارع العام دون غطاء، أو حتى تلك الأخطاء الطبية الجسيمة التي يتعرض لها المرضى بين الفينة والأخرى وتؤدي في الغالب إلى الوفاة أو العجز الكلي، كل واحدة من هذه الكوارث يقف وراءها من تراخوا أو أهملوا في أداء واجباتهم الجوهرية وكان لزاما محاسبتهم بكل حزم.
ما يحدث في الغالب وللأسف الشديد، أن أهالي الضحية يدفنون قضيته ويوارونها الثرى ساعة تشييعه، لديهم قناعة راسخة بأن أي محكمة في الدنيا مهما بلغت عدالتها لن تعيده إلى الحياة مرة أخرى (فما هي الفائدة إذن من محاكمة المتسببين ؟!)، الشيء الوحيد الذي يسعون وراءه بكل قوة هو محاولة الحصول عبر المطالبة في الحق الخاص على تعويض مجزٍ يمكنه جبر الضرر المعنوي والمادي الذي أصابهم، أما متابعة القضية في الحق العام أو الحضور لقاعة الجلسات العلنية وتتبع مجريات القضية، فهذا الأمر لا يعنيهم كثيرا، ولكل منهم همومه ومشاغله في الحياة، أما الضحية، فربنا يرحمه وسيقتص له قاضي القضاة يوم القيامة.
هذا المفهوم الخاطئ وهذه القناعة المغلوطة لدى عامة الناس، لا بد لها من أن تتبدل، خاصة أننا نعيش عهدا جديدا تتجلى فيه مبادئ العدالة والحزم بكل أشكالها وصورها، وإذا كان مقطع مشادة كلامية أدى لنصرة المواطن المغلوب على أمره وإعفاء المسؤول الذي استتر خلف حصانته، فإن تتبع الأهالي لقضايا ضحاياهم في الحق العام وحضور جلساتها والمطالبة بتطبيق نص القانون سوف يؤدي بكل تأكيد لمثول المسؤولين عن الأخطاء أمام عدالة المحكمة لتتم مساءلتهم ومعاقبتهم بما يستحقون متى ثبتت إدانتهم..