انتهاء عاصفة الحزم

عزيزة المانع

بعض المندفعين بعواطفهم كانوا منذ انطلاق عاصفة الحزم يتحدثون عنها باستمتاع وكأنهم يتشفون من غرماء لهم، في منطق يتدثر بشيء من القبلية والطائفية، وتنعكس فيه صورة من صور الفكر الجاهلي البغيض. فكانت نظرتهم لعاصفة الحزم بعيدة عن صورتها الواقعية وأهدافها الحقيقية التي كانت تسعى إلى بلوغها؛ لذلك لما أعلن خبر انتهاء دور عاصفة الحزم، كان وقع ذلك مفاجئا لهم، ومخيبا لأحلامهم.
هم يرون أن الحرب كانت تسير من نصر إلى نصر وتحقق أهدافها بنجاح، فلم تتوقف؟ لم لا تستمر حتى القضاء الكامل على الحوثيين وعلي صالح وعودة الرئيس هادي!
لكن المملكة لم تخض الحرب حبا في القتل انتقاما وتشفيا، وإنما كانت تخوضها اضطرارا لحماية حدودها في المقام الأول، ولمعاونة اليمنيين أنفسهم على وقف المد الحوثي المسنود بقوى أجنبية من أن يتمكن من السيطرة على اليمن.
الحرب ــ في حد ذاتها ــ ليست غاية، ولا تخاض إلا كرها للضرورة، ومتى انتهت تلك الضرورة يضحي التوقف عنها هو القرار الصحيح.
وحسب تصريحات العميد الركن أحمد عسيري، الناطق الرسمي لعاصفة الحزم، فإن عاصفة الحزم أدت المهمة التي أطلقت من أجلها كاملة بنجاح، وحققت ما كان مطلوبا منها تحقيقه، وهو تجريد الحوثيين من السلاح والذخيرة، وفرض حظر جوي وبحري يحول بينهم وبين تلقي أي إمدادات عسكرية. لذلك لم يعد هناك حاجة للاستمرار في القتال، والمصلحة تقتضي أن تتحول القوة الآن نحو تحقيق أهداف مختلفة، أهمها تأمين الأمن والاستقرار في اليمن، وتأمين إيصال إمدادات الإغاثة والمساعدات الإنسانية لليمنيين، مع استمرار تأمين الحدود وفرض الحظر جوا وبحرا؛ للحيلولة دون تسلل أي إمدادات بالذخيرة والسلاح للميليشيات الحوثية.
ما يتوقعه المطلعون على بواطن الأمور أن المملكة، التي أعلنت مرارا أنها تفتح أبوابها للمحادثات السلمية مع جميع الأطراف، وأنها تجنح للسلم متى كان هناك اتفاق على ذلك، قد تكون اتخذت قرار وقف العاصفة إثر محادثات سياسية تمهد لتسليم الحوثيين وصالح أسلحتهم ومغادرة اليمن، ومن ثم عودة الشرعية المتمثلة في عودة الرئيس هادي إلى بلاده. وأنها رأت إعطاء الحوثيين وصالح فرصة للحل السلمي حقنا للدماء، أما إن لم يتحقق ذلك، فإن العودة للحرب ممكنة، ولكل حادث حديث.