مستقبل وطن

محمد المختار الفال

ارتبط عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ في أذهان المواطنين والمهتمين بشؤون المملكة، بالحيوية والتجديد واتخاذ القرارات المفاجئة والمصيرية، ففي أقل من أربع وعشرين ساعة لتوليه مقاليد الحكم اتخذ قرارات جوهرية دفعت بجيل أحفاد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ــ طيب الله ثراه ــ إلى الواجهة، مع كوكبة من الشباب الوزراء الآتين من حقول معرفية وعملية مختلفة.. وكانت تلك القرارات مفاجئة للكثيرين؛ لأنها اتسمت بالجرأة ووضوح الرؤية، الأمر الذي جعلها موضع اهتمام الداخل والخارج، وأعطت رسالة واضحة ودلالة عميقة على أن القيادة تفتح الأبواب لشباب هذا الوطن في شتى المجالات للمشاركة في نهضة وصناعة مستقبله..
وكانت المفاجأة الأخرى، الصاعقة، القرار التاريخي لإطلاق «عاصفة الحزم» من أجل إنقاذ شعب شقيق من فوضى الاحتراب الداخلي وحماية شرعيته وإيقاف مشروع إخضاع اليمن لهيمنة فئة قليلة رهنت إرادتها لمصالح دولة إقليمية تدفعها أطماع التوسع لتجاوز قواعد العلاقات الدولية ومتطلبات حسن الجوار ومراعاة مصالح المنطقة المشتركة.
وكان التخطيط والتنفيذ لعاصفة الحزم برهانا عمليا على قدرة الشباب في قيادة الأعمال الكبرى، فقد شهدت المنطقة تحركا سياسيا وعسكريا وإعلاميا نشطا رسم ملامحه الملك القائد، وأشرف على تنفيذه وأدار الأحداث المرتبطة به الأميران محمد بن نايف ومحمد بن سلمان بحيوية الشباب ومهارة التجربة.
وقبل أن تمضي مئة يوم، على توليه قيادة البلاد، تأتي قرارات الملك سلمان بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ فجر أمس لتؤكد المضي على طريق تمكين هذا الجيل من القادة الأمراء، وتجديد الدماء برجال الدولة الناجحين من المواطنين، ولتنقل البلاد إلى مرحلة جديدة ترسم ملامح المستقبل وتعمق مشروع إسناد المسؤوليات الكبرى للشباب الذين أثبتوا أهليتهم للمشاركة الفعلية في حاضر هذه البلاد وصناعة مستقبلها.
ويسجل لهذه الرؤية الصائبة أنها اتسعت للجميع بشمولية وحكمة تقدر المخلصين العاملين من أبناء الوطن، فلم تقتصر على شباب الأسرة الحاكمة، بل شملت المؤهلين من أبناء الشعب السعودي، فهذه أول مرة تستند فيها حقيبة وزارة سيادية لأحد من خارج الأسرة، مما يؤكد ــ عمليا ــ مفهوم المساواة بين جميع أبناء البلاد في خدمة أهدافها؛ لأنهم موضع ثقة القيادة واعتزاز الوطن بإنجازاتهم.. وأن المعيار في التقدم إلى الواجهة هو الأهلية والتجارب التي تؤكد تلك القدرات.
وقد اتسمت المراسم الملكية الصادرة بالحرص على الاستفادة من أصحاب الخبرات واستثمار تجاربهم في المسيرة المتجددة، لكن اختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وليا للعهد، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد، يؤكد أن الوطن يدخل مرحلة جديدة مبنية على رؤية القيادة وتقديرها لدور الشباب المؤهلين في المرحلة المقبلة، لتبقى بلادنا رائدة ومحورية في مجالها العربي وعمقها الإسلامي وحضورها العالمي..
إنها إرادة تؤمن بتقديم الشباب لقيادة هذا الوطن الكبير في حاضره الزاهر، ومستقبله الواعد بالكثير من الإنجازات لأهله.