استهداف نجران

بدر بن سعود

لا أعتقد أن استهداف الحوثيين لمدارس ومستشفى في منطقة نجران السعودية جاء بصورة اعتباطية، وإن كانت الضربات نفسها غير دقيقة ولم تحقق فتحا استراتيجيا بالمفهوم العسكري، وأتذكر تصريحات رسمية في فترة سابقة تحدثت عن تحضير الحوثي لعمل عسكري على مقربة من الحدود، والمحاولة لم تكن منزوعة الدسم السياسي لأسباب كثيرة، لعل أكثرها وضوحا مسألة التوقيت الذي تزامن مع انعقاد لقاء دول الخليج التشاوري يوم الثلاثاء 5 مايو، والذي كان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ضيفا عليه، والاجتماع ــ كما هو معروف ــ يأتي ضمن تحضيرات دول مجلس التعاون لـ«كامب ديفيد» المقرر في الشهر الحالي، والدعوة وجهت لدول الخليج من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والمتوقع أن تعرض أمريكا في اجتماعها الخليجي نتائج مفاوضات النووي مع إيران، وهذا الموضوع حضر بشكل مختصر في لقاء الخليج بقصر الدرعية في الرياض، ويظهر أن موقف التجمع الخليجي الثابت من الملف لم يوافق الهوى الإيراني، فقامت بتحريك أتباعها في استعراض فاشل لقدراتها الكرتونية.
حتى نفهم التحرك الحوثي/ الإيراني باتجاه نجران السعودية، لا بد أن نعرف أن تشاوري الرياض ناقش جملة من الأمور المهمة لأهل اليمن، وعلى رأسها مبادرة المملكة لإنشاء مركز إغاثي وإنساني لمساندة اليمنيين في أزمتهم مع الحوثي وعصابته، بجانب الإجراء الاستثنائي لتعديل أوضاع من يقيم من اليمنيين بطريقة غير نظامية، وتجديد المطالبة بمؤتمر يضم الأطراف اليمنية، ويعقد في الرياض تحت مظلة مجلس التعاون، والموضوعات السابقة تستفز إيران؛ لأنها لا تعطي وزنا لرغبتها في التوسع، وفي فرض إرادتها السياسية على دول المنطقة، ويمكن تفسير خروج حسن نصرالله في محطة «المنار» التابعة لحـزب الله اللبناني ضمن الإطار نفسه، خصوصا أنه جاء بعد صيام عن الكلام التلفزيوني استمر لـ18 يوما.
في تصوري، لا أحد يختلف بأن عدوانية الحوثي ضد المملكة أصبحت مكشوفة تماما، وأنها أكدت وبصراحة مطلقة رفضه القرار الأممي رقم (2216)، وبالتالي يجب على الأمم المتحدة أن ترفع سقف عقوباتها، وتبارك تحالفا دوليا كاملا يواجه الحوثيين ومن يقف معهم بالقوة العسكرية اللازمة، وتورط إيران يظهر في تسليح الحوثيين المستخدم في العملية، فهو يشبه ما لم يطابق أسلحة حزب الله في مواجهاته المختلفة، فكلاهما يستخدم قذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا المصنوعة في روسيا، وترسانة إيران العسكرية روسية في معظمها، وما زال الروس مرتبطين بعقود معها، وآخر ما تم الإفراج عنه صفقة صواريخ «سام 300» رغم الحظر الدولي المفروض على إيران، والكاتيوشا تطلق من مسافة يمكن أن تصل إلى 22 كيلو مترا، والحوثيون لديهم الهاون عيار 82، ومداه المؤثر 4 كيلو وخمسمائة متر، والسلاحان بالتأكيد يقبلان التحسينات لزيادة مسافات التأثير، وبزيادة تصل إلى 70 كيلومترا في الكاتيوشا، والحوثيون يطورون أسلحتهم بأساليب بدائية جدا، ولكنها تأتي فعالة في بعض الأحيان.
قالت الأخبار المنشورة ــ زيادة على المذكور ــ بأن رجال الجيش والأمن نجحوا في إجهاض أكثر من عملية حوثية على الحدود، وأنهم أوقعوا خسائر فادحة في صفوف هذه المليشيا المضطـــربة في فكرها وسلـوكها، ومنذ الهجوم يتــواصل قصف عنيف لقوات التحالف على الحوثييـن، وذلك لتأديبهم وإعطائهم درسا موجعا، والثابت أنهم سيدفعون ثمنا مرتفعا، ولن تذهب تضحيات شهداء الجيش الثلاثة بدون قصاص، وعزلة الحوثيين تكبر بتحالف العالم ضدهم، وآخرهم السنغال، فقد تعهدت بإرسال 2100 مقاتل تحت إمرة التحالف بقيادة المملكة.