في مواجهة حكومة نتنياهو الجديدة

د. مازن صافي

يبدو أن الاهتمام بمن يفوز برئاسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، كان أكبر من إعلان تشكيل أسمائها، ولربما «كارثة» إعادة فوز نتنياهو، جعلت من الأمر تحصيل حاصل واستمرارا للسياسة اليمينية المتنكرة لكافة الحقوق الفلسطينية، والتي تدير ظهرها لكل المساعي الدولية، حتى أن نتنياهو نفسه خذل باراك أوباما وأحرجه في فرض نفسه في خطاب «دغدغة» مشاعر اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وكسب أصواته.
وهكذا تبدو الصورة قاتمة جدا، والصور القادمة التي تظهر وجوه حملة الحقائب الوزارية، ستكشف عن السياسة الإسرائيلية في كثير من الملفات الساخنة، وفي المقدمة ملف الاستيطان، وهذا هو الشرط الفلسطيني الذي أعلن حين تم بدء مفاوضات التسعة أشهر الأخيرة، وهو نفس السبب الذي أدى لتحطم الآمال والعودة للمربع صفر الذي أظهر موتا حقيقيا لأوسلو، وقبل اندلاع الانتفاضة السياسية والدبلوماسية في المنطقة، والتي انتقلت إلى الملعب الدولي، ولوحظ أن إعلان موت ما تبقى من أوسلو لم يعلن بعد، وإن كانت المؤشرات ملموسة، وليست بعيدة.
ألف صورة قادمة من إسرائيل لن تجد بينها صورة واحدة تفتح شهية الأمل، فكل الصور مكررة ومعتمة ومختومة بشعار الاحتلال والتنكر للحقوق، والإمعان في مواصلة الاستيطان والتهويد والتلويح بالعدوان، ما يعني بقاء الأوضاع المأساوية على ما هي عليه، وقد تندلع حرب في غزة أي وقت، وأعمال ساخنة في الضفة الغربية، فطالما لم تتوقف أعمال المستوطنين والعربدة والسلب والقتل والحرق وقطع الطرق، فإن مستوى الشعور بالظلم والخذلان والاضطهاد وسوداوية المستقبل سوف يرتفع تباعا حد الانفجار.
على المستوى الشعبي، لم يعد هناك اهتمام بما يدور في الجانب الإسرائيلي وفي ألوان الحكومة الاحتلالية القادمة، في سنوات سابقة كان الاهتمام اكبر والاستعداد لتبعات ذلك واضحة، ولكن يبدو أن الأوضاع الداخلية الفلسطينية وتداعيات الانقسام والتدمير جراء العدوان المتتالي وارتفاع منسوب البطالة والفقر، أثر على أولويات التفكير للفلسطينيين، ومن الأهمية أن يكون هناك مستوى مرتفع يوضح المتغيرات المحتملة والقادمة وتأثيرها على قضيتنا الفلسطينية، والبدائل التي يتم توفرها سواء على المستوى القيادي أو الجماهيري، فيجب ألا نمر مرور الكرام على العلاقة الأمريكية الإيرانية والتي تتبلور سريعا وسيكون لها تأثيرها المباشر وغير المباشر، وهنا يجب أن نتصارح وأن نعيد معالجة المشهد الداخلي، فبقاء الأمور كما هي مؤشر سلبي، يلتقطه العالم بخبث ودهاء لكي يتنصل من مسؤولياته.
إنهاء تداعيات الانقسام، تمكين حكومة التوافق من القيام بمهامها وبرامجها ومنحها الوقت الكافي، البدء الفعلي في إعادة الإعمار وتنمية الموارد البشرية، تقليص نسب البطالة والفقر المخيفة، فتح مشاريع تنموية للأسر الفلسطينية عوضا عن اعتمادها على «التغذية المباشرة»، كلها عوامل مهمة وإيجابية لتخفيف ومعالجة التوتر والاحتقان الفلسطيني، وتمنح الجميع قوة وإرادة واستقلالية تبدو ضرورية في مواجهة حكومة نتنياهو والتحديات المحلية والإقليمية والدولية المتصاعدة.