المفاوضات وقطاع غزة!
الأحد / 21 / رجب / 1436 هـ الاحد 10 مايو 2015 19:46
أكرم عطا الله *
من يعتقد أن ما يسمى بـ«دولة غزة» ستعلن بمصافحة تاريخية بين إسماعيل هنية قائد حماس ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، فهو لا يعرف كيف تدار السياسة الإسرائيلية، وكيف تعمل دولة إسرائيل عندما تقود مشاريعها، ويجهل الدهاء الإسرائيلي، ولا يقرأ الواقع السياسي للصراع الدائر وأدواته بين جهتين، الأولى تجند عقولها ومراكز دراساتها وتخطط وتنفذ بهدوء، والأخرى تملك إرادة ولكنها غير قادرة على استثمارها، والحرب الأخيرة كانت نموذجا، حيث الإنجاز لم يكن يتناسب مع الأداء على الأرض.
إسرائيل لا تقول ذلك، ولم تعلن حتى اللحظة أنها تدير مفاوضات غير مباشرة مع حماس على نمط دردشات وبدايات جس نبض، لكن الحقيقة أن هناك وفودا تتزاحم في الطريق بين غزة وتل أبيب، وأن الهواتف الساخنة لم تتوقف عن الرنين في الكثير من العواصم والمدن، وليس أقلها أنقرة والدوحة وعواصم أخرى أكثر أهمية، ورام الله أيضا في وسط الحدث لأن كل الوفود التي تزور غزة تسلم نتائجها هناك.
في رام الله شعور مزدوج تجاه المفاوضات الجارية، فمن جهة تعتبرها قيادة السلطة الوسيلة الوحيدة لعقلنة حركة حماس، واستدراجها نحو برنامج قريب من برنامج حركة فتح، حيث المفاوضات هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق إنجازات حياتية وسياسية وسيادية وليس الكفاح المسلح، وهي من جهة أخرى غاضبة؛ لأن حماس تأخذ مكانها ومكانتها في المفاوضات التي لن تكون نتيجتها في صالح السلطة الفلسطينية، بل ستنتهي بتمكين حركة حماس في غزة للأبد، وهذا ينتهي بفصل غزة ككيان مستقل، وليس الاسم مهما هنا، دولة غزة أو غيرها، فإذا كان ما يجري هو عملية تطبيع لحركة حماس لصالح البرنامج السياسي للسلطة، فإن النتيجة هي بالقطع ليست في صالح السلطة وبرنامجها.
لكن ما يجب أن نراه بوضوح، أن الرأي العام، خصوصا في غزة، وبعد أن وصلت الأزمة الإنسانية إلى حدها الأقصى، وبعد حالة الموت السريري التي يعيشها، وربما أن ذلك جزء من تهيئة الإسرائيلي للظروف لفصل غزة بحصار وثلاثة حروب، أصبح أيضا يتوق للخلاص الإنساني غير مبال تجاه الوطني، ليس منزعجا مما يجري بل مؤيدا له.
الخطر كبير وما يطل في الأفق ينذر بتأبيد الانقسام وضياع الهدف الجمعي للفلسطينيين بإقامة الدولة على حدود 67، وفق ما جاء في وثيقة الوفاق. ينبغي معرفة ما الذي تريده حماس بالضبط إذا كانت القصة تتعلق بالموظفين، ويجب معالجة الأمر وإجراء الانتخابات ووقف المفاوضات، إلا على تبادل الأسرى، وبهذا يقطع الطريق على المخطط الإسرائيلي، وحتى لا نكون جميعنا شهودا على تكريس الانفصال.
* باحث فلسطيني
إسرائيل لا تقول ذلك، ولم تعلن حتى اللحظة أنها تدير مفاوضات غير مباشرة مع حماس على نمط دردشات وبدايات جس نبض، لكن الحقيقة أن هناك وفودا تتزاحم في الطريق بين غزة وتل أبيب، وأن الهواتف الساخنة لم تتوقف عن الرنين في الكثير من العواصم والمدن، وليس أقلها أنقرة والدوحة وعواصم أخرى أكثر أهمية، ورام الله أيضا في وسط الحدث لأن كل الوفود التي تزور غزة تسلم نتائجها هناك.
في رام الله شعور مزدوج تجاه المفاوضات الجارية، فمن جهة تعتبرها قيادة السلطة الوسيلة الوحيدة لعقلنة حركة حماس، واستدراجها نحو برنامج قريب من برنامج حركة فتح، حيث المفاوضات هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق إنجازات حياتية وسياسية وسيادية وليس الكفاح المسلح، وهي من جهة أخرى غاضبة؛ لأن حماس تأخذ مكانها ومكانتها في المفاوضات التي لن تكون نتيجتها في صالح السلطة الفلسطينية، بل ستنتهي بتمكين حركة حماس في غزة للأبد، وهذا ينتهي بفصل غزة ككيان مستقل، وليس الاسم مهما هنا، دولة غزة أو غيرها، فإذا كان ما يجري هو عملية تطبيع لحركة حماس لصالح البرنامج السياسي للسلطة، فإن النتيجة هي بالقطع ليست في صالح السلطة وبرنامجها.
لكن ما يجب أن نراه بوضوح، أن الرأي العام، خصوصا في غزة، وبعد أن وصلت الأزمة الإنسانية إلى حدها الأقصى، وبعد حالة الموت السريري التي يعيشها، وربما أن ذلك جزء من تهيئة الإسرائيلي للظروف لفصل غزة بحصار وثلاثة حروب، أصبح أيضا يتوق للخلاص الإنساني غير مبال تجاه الوطني، ليس منزعجا مما يجري بل مؤيدا له.
الخطر كبير وما يطل في الأفق ينذر بتأبيد الانقسام وضياع الهدف الجمعي للفلسطينيين بإقامة الدولة على حدود 67، وفق ما جاء في وثيقة الوفاق. ينبغي معرفة ما الذي تريده حماس بالضبط إذا كانت القصة تتعلق بالموظفين، ويجب معالجة الأمر وإجراء الانتخابات ووقف المفاوضات، إلا على تبادل الأسرى، وبهذا يقطع الطريق على المخطط الإسرائيلي، وحتى لا نكون جميعنا شهودا على تكريس الانفصال.
* باحث فلسطيني