لا تعزير بأعمال الطاعات

مدونة التفتيش ترصد 491 ملاحظة

لا تعزير بأعمال الطاعات

عبدالله الداني (جدة)

كشفت أول مدونة للتفتيش القضائي، على عدم الحكم بالتعزير بأعمال القرب والطاعات، والواجب أن تكون أعمال القرب والطاعات مسقطة للعقوبة أو مخففة لها، كأن يحكم على المدعى عليه بالسجن أو الجلد، وفي حال حفظ شيء من القرآن تسقط العقوبة أو بعضها، وعللت ذلك بأن أعمال القرب والطاعات لا يصح أن تكون عقوبة، وإنما يصح جعلها مسقطة للعقوبة أو مخففة لها.

وبينت المدونة الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء، وحصلت «عكاظ» على نسخة منها، أن هناك اكتفاء بالاستناد في الحكم بحد المسكر على محضر الاستشمام دون سماع شهادة معدي المحضر، مبينة أن الصواب في ذلك سماع شهادة معدي المحضر، معللة ذلك بالاحتياط في إقامة الحد، فضلا عن ما ورد في نظام الإجراءات الجزائية، مشيرة إلى عدم إثبات الإدانة قبل إيقاع العقوبة الجزائية، موضحة أن الصواب إثبات الإدانة قبل إيقاع العقوبة الجزائية، وفقاً لنظام الإجراءات الجزائية.

ولاحظت، أنه عند عدم توافر دليل على إدانة المدعى عليه في القضايا الجزائية يعبر بعبارة «ثبت لدي براءة المدعى عليه»، بينما الصواب أن يعبر بعبارة «حكمت بعدم إدانة المدعى عليه أو لم يثبت لدي إدانة المدعى عليه» معللة ذلك بأن إثبات البراءة يقتضي علما بباطن الأمر وقيام دليل عليه، وهو ما يتعذر وجوده. وبينت أن الصواب في حالة إثبات الإدانة أو توجه التهمة في الأحكام الجزائية تفصيل ماثبت إدانة المدعى عليه به من دعوى المدعي العام أو ما توجهت به التهمة وعدم الإجمال في ذلك، وذلك لأهمية الدقة في إثبات الإدانة أو توجه التهمة اللذين يتأسس عليهما الحكم.

ونصت المدونة على ذكر أسماء كل المحكوم عليهم في القضايا التي يتعدد فيها المدعى عليهم لإيضاح الحكم وإمكان تنفيذه وعدم التباسه، وذكرت أنه لاينطق بالحكم في القضايا الجزائية إلا بحضور أطراف القضية ومنهم المدعي العام، وضرورة ألا يحكم في القضية الجزائية إلا بحضور المحكوم عليه.

كما أن المدعي في الدعوى الجزائية مخير بين إقامتها لدى المحكمة التي يقع في مشمول اختصصها المكاني محل وقوع الجريمة أو التي يقيم المدعى عليه في نطاق اختصاصها المكاني، وأنه لاوجه لصرف النظر عن دعوى المدعي إذا اختار أحدهما ذلك، فيما تنقضي الدعوى الجزائية العامة بوفاة المتهم دون الحاجة إلى الحكم بصرف النظر، مشيرة إلى أن إثبات التنازل عن المطالبة بالقصاص تابعاً لضبط قضية المطالبة بالقصاص إذا كان إثبات التنازل في المحكمة التي نظرت القضية ذاتها.

وأكدت المدونة على ضرورة تحقيق التناسب بين الحكم والجزاء المحكوم به، ومناسبة الحكم الجزائي لنوع الجناية وظروفها وحال الجاني وتكرار فعل الجناية منه وأثر الجناية وظهورها في الناس، سعيا للتكافؤ بين الأحكام والجنايات وظروفها وأحوالها في القلة والكثرة. ونصت المدونة على ضرورة أن يكون عند صدور حكم جديد على مدعى عليه مسجون بحكم سابق، أن ينص في الحكم الجديد «أن بداية السجن فيه يكون من انتهاء تنفيذ عقوبة السجن في الحكم الأول»، منعا لتداخل العقوبتين ودفعاً للإشكالات عند تتنفيذ الحكم. وشددت المدونة في إحدى الملاحظات على ضرورة النص على تفريق حكم الجلد ومدده ومقدار كل مدة وما بين الدفعة والتي تليها إذا كان الجلد المحكوم به مفرقاً، وضرورة التفريق بين جلد الحد والتعزير بتحديد مدة كافية بينهما عند التنفيذ إذا اشتمل الحكم على جلد حد وتعزير، مع عدم التفريق بينهما، فضلاً عن ضرورة النص في حال وجود جلد حد في الحكم وبيان نوع الحد لبيان الحكم ولكون الحكم غير مشمول بالعفو ولدفع الإشكال عند تطبيق تعليمات العفو.

وأكدت المدونة على إدانة المدعى عليه الذي ثبتت حيازته نوعاً من أنواع المخدرات وُجد في سيارته أو جيب ثوبه، وعدم الاكتفاء بتوجيه التهمة فقط، لأن الشخص المكلف مسؤول عما تحت يده مالم يأت بدليل ينفي مسؤوليته عنها.

وأشارت إلى أن من ضمن الملاحظات التسبيب بعبارة «العقد شريعة المتعاقدين» لأنه يفهم منها إجازة كل عقد تعاقد عليه المتعاقدان مما هو حلال أو حرام، والصحيح أن يُستدل بما ورد في الكتاب والسنة، مبينة

عدم استحقاق المدعي لثمن عقار مباع، كون ملكيته لم توثق بصك، والصواب عدم صحة الحكم بعدم الاستحقاق لأنه ليس من شرط صحة تملك العقار توثيقه بصك، فضلاً عما نصت عليه التعليمات على النظر في العقار الذي ليس عليه حجة استحكام والفصل فيه مع النص في صك الحكم على أن الحكم لايقوم مقام حجة الاستحكام ولايستند عليه في أي إفراغ.

لا بيع آجل للذهب

وأوضحت الحكم ببطلان عقد بيع ذهب ثمنه مؤجل أو مقسط لأنه عقد باطل وهو ربا نسيئة ولا يصح بيع الذهب بالنقد إلا حالاً يداً بيد، لافتة إلى عدم إحالة طرفي النزاع في قضايا المطالبة بالحضانة إلى قسم الخبراء في المحكمة لمعرفة الأحق بها، وإنما يقرر القاضي ذلك بعد تحققه من صلاح طرفي النزاع.

وأكدت عدم صحة الاكتفاء بالاستناد إلى مجرد العقد والكمبيالة، باعتبار ذلك قرينة على صحة الدعوى عند تخلف المدعى عليه عن الحضور، وفي حال اعتبار تلك الأوراق قرينة مقوية لجانب المدعي فيتم تحليف المدعي اليمين طبق دعواه.

ولاحظت عدم صحة التصديق على التنازل عن جنايات الفواحش، كأن يتنازل الأب عن من فعل الفاحشة بابنه أو تنازل الزوج عن من تحرش بزوجته، لأنه إقرار بالرضا بالعار والسوء.

وأشارت إلى أنه عند ضم صكوك العقارات المتجاورة يهمش القاضي بإلغاء صكوك هذه العقارات الأصلية بعد إصداره صك الضم، والصواب التهميش على صكوك العقارات المضمومة بموجب صك الضم وعدم التهميش عليها بالإلغاء، وعللت ذلك بأن صك الضم يستند إلى صكوك العقارات الأصلية ولا مسوغ لإلغائها، لافتة إلى عدم إحضار والدة القاصرين سناً عند إقامة ولي عليهم غيرها لأخذ موافقتها على ذلك في حال وجودها وأهليتها، والصواب إحضارها وأخذ موافقتها أو إيراد ما يدل على موافقتها على شهادة الشاهدين، وعللت ذلك بجبر خاطر الأم واحتياطاً لمصلحة القاصرين ودفعاً للخلاف في المستقبل. ولاحظت المدونة التأخر في الإجابة على ملحوظات محكمة الاستئناف وخصوصاً قضايا السجناء، مطالبة بالإسراع في ذلك، ورأت أن من الملاحظات عدم مناقشة دعوى الإكراه على الاعتراف مع من يدعي ذلك، والصحيح أن يُناقش المدعي، وعللت بأن البينة تطلب من مدعي الإكراه على الإقرار، وأن ترك ذلك يعد نقصاً في أصول التقاضي. ومن الملاحظات الكتابة إلى جهة الاختصاص لإعادة التحقيق بناء على طلب أحد أطراف القضية دون تدوين أسباب ذلك، وبينت أن الصواب تدوين أسباب ذلك واقتناع الدائرة القضائية بها منعاً لتعطيل القضية. ورأت المدونة أهمية تسبيب الأحكام تسبيباً واضحاً وتسلسلها، وعدم الاكتفاء بالعموميات وإنما الالتزام بضوابط التسبيب، ولاحظت سماع شهادة الشاهد من غير حضور المشهود عليه دون بيان سبب ذلك، والصواب حضوره وعند سماعها حال غيابه يبين سبب ذلك.

ورأت عدم سماع الدعوى المتضمنة بعبارات «أطلب شرع الله» أو «حكم الله وحكم رسوله»، وعللت ذلك بأن القاضي لايدري هل يصيب في حكمه حكم الله أو لا، فهو يجتهد في الحكم وقد يوافق شرع الله أو لايوافقه، ولاحظت الاكتفاء بتعريف المرأة من قبل خصمها والصواب أن يكون ذلك من غير خصمها منعا للتواطؤ.

وكان المجلس الأعلى للقضاء قد أصدر المدونة والتي استغرقت وقتاً طويلاً في إعدادها من قبل خبراء، وذلك بجمع الملحوظات المعتمدة من تقارير المفتشين القضائيين في جولات التفتيش الدورية خلال الأعوام من 1431 إلى 1434هـ سعياً لترشيد العمل القضائي في المحاكم والرقي بمستواه واختصار مساحة الاختلاف في إجراءات المحاكم، وضمت المدونة، 491 ملاحظة مع إيضاح الموقف الصائب المنبغي اتخاذه تجاهها وتعليل ذلك.