الدويلة تحكم الدولة

عام الشغور الرئاسي اللبناني

الدويلة تحكم الدولة

زياد عيتاني (بيروت)

«ذكرى مرور عام على الفراغ الرئاسي هو أشبه بذكرى النكبة والأوجب حاليا أن نذهب إلى انتخاب رئيس وترتيب المسؤوليات لاحقا والتي تنقسم إلى مسؤوليات طائفية ومذهبية، فنظامنا السياسي يحتاج لإعادة نظر بثغرات دستورية تقودنا وتوقعنا بفراغ رئاسي في كل ولاية وليس مؤتمر تأسيسي».
بهذه الكلمات علق وزير الداخلية الأسبق زياد بارود على فشل مجلس النواب اللبناني لمدة عام كامل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ثلاث وعشرون جلسة دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري لانتخاب رئيس جديد للبنان، إلا أن السيناريو واحد، والحبكة الدرامية واحدة، كمسلسل مكسيكي رتيب حيث يحصر نواب 14 آذار ويتغيب نواب حزب الله والتيارات الحليفة له فيسقط النصاب الدستوري وتطير الجلسة تلو الجلسة ويمدد الفراغ حتى وصل هذا الفراغ ليطفئ شمعته الأولى.
من المسؤول؟ تساؤل مشروع لا تتردد قوى 14 آذار بتحديده، إنه حزب الله بدعمه لمرشح واحد هو العماد ميشال عون حيث يطرح معادلة غير قابلة للنقاش «أنا أو لا أحد»، فيما حزب الله وحلفاؤه يقولون إن 14 آذار هي المسؤولة لأنها لا ترضى بعون رئيسا لها. وما بين الرأيين قصة إبريق الزيت تتكرر، هي حصلت مع الرئيس الأسبق إميل لحود فكان النظام السوري هو القابض على القرار وتكررت مع الرئيس السابق ميشال سليمان فكان احتلال بيروت من قبل حزب الله ثم اتفاق الدوحة، هنا كلمة السر. إلا أن اليوم المعادلة غير قائمة فلا حزب الله بسلاحه وبصريخ أمينه العام قادر على فرض مرشحه ولا قوى 14 آذار بتمثيلها الشعبي الواسع قادرة على تحييد السلاح من المعادلات السياسية.
الطرفان قادران وغير قادرين، قادران على تعطيل الانتخاب كل وفق رؤيته، وغير قادرين على انتخاب رئيس وفقا لأهوائهم.
عام وقصر بعبدا فارغ والخاسر الأكبر لبنان وبعده المسيحيون، فهذا الموقع هو الموقع المسيحي الأول في لبنان وخسارة المسيحيين تتمظهر في أن هناك من يحاول السطو على موقع الرئاسة بمفهومها القيادي للدولة، فيقول الوزير بطرس حرب وهو أحد المرشحين للرئاسة: «إن من يستمع إلى أمين عام حزب الله حسن نصر الله وهو يطمئن اللبنانيين ويتصرف وكأنه حاكم لبنان، هذا يجعلنا نشعر بمخاطر أمنية كبرى». لبنان من دون رئيس وحكومة متنازعة ومجلس نواب معطل ومن دون سيادة حدودية ولا سيادة داخلية حيث السلاح ليس حكرا بيد الدولة.. إنها دولة الفراغ أو ربما زمن حكم الدويلة للدولة.