التهريب أو الموت طريقة «الحوثي» لإجبار اليمنيين على التسلل

استعانوا بأفارقة مدربين يتسلم قائدهم 35 ألف ريال عن كل حملة

التهريب أو الموت طريقة «الحوثي» لإجبار اليمنيين على التسلل

عبدالرحمن الختارش (الشريط الحدودي)

الموافقة على التهريب او الموت، بهذه الطريقة تجبر ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح العديد من المواطنين اليمنيين على التسلل لداخل الاراضي السعودية لتهريب الاسلحة والمواد المخدرة وغيرها من الممنوعات.
«عكاظ» ترصد اليوم اعترافات مهربين ومتسللين فروا من ميليشيات الحوثي، قبض عليهم في كمين من قبل أفراد المجاهدين وهم قادمون بطريقة غير مشروعة نحو الحدود السعودية من اليمن وعلى وجه التحديد جبال صعدة معقل الميليشيات الحوثية التي استعانت بمرتزقة أفارقة وآخرين يمنيين، دفعوا بهم للتسلل داخل الحدود السعودية، لتهريب ما يكمن من الأسلحة والذخيرة والمواد المخدرة، ليجد هؤلاء المتسللون أنفسهم أمام خيارات صعبة إما الرضوخ والموافقة أو الموت، ولا ينجو منهم إلا من يستطيع الفرار إلى الداخل اليمني أو نحو حدود الاراضي السعودية.
بعد القبض على مجموعة من المتسللين، تمكنا من الحديث معهم، ليرووا لنا قصصهم في «طريق الموت» كما يحلو لهم تسميته، ليتضح حجم المعاناة التي يعاني منها البعض منهم وخصوصا من وقع في قبضة تلك الميليشيات.


أحمد يحيى (40 عاما) متسلل يمني، قبض عليه في كمين أعده (المجاهدين) قال: منذ عدة اعوام وأنا أعمل في تجارة الفل، وأعبر الى الاراضي السعودية عن طريق حرض اليمنية ومن ثم الى القرى الحدودية، فالحياة داخل اليمن صعبة جدا وأنا لا أهرب المخدرات او الاسلحة وكل ما افعله هو بيع الفل لتجار السعودية ومن ثم أعود للأراضي اليمنية.
وأضاف: قبل أسبوع كنت في منفذ حرض اليمني ونظرا للأوضاع المتردية هناك، وجدت نفسي مجبرا أكثر أن أحمل الفل من مزرعتي الصغيرة لأبيعه داخل الاراضي السعودية، ولكن تفاجأت هذه المرة بمجموعة من أعوان الحوثي يطلبون مني دس بعض الاسلحة لأنقلها الى داخل الاراضي السعودية مع الفل الذي سأبيعه مقابل مبلغ مالي لم يحددوه، ولم يكشفوا لي ما هي نوعية تلك الاسلحة، فرفضت ان استجيب لطلبهم، ومع رفضي وإصراري على عدم الرضوخ لمطالبهم، قاموا بعصب عيني واقتيادي الى موقع مجهول رغم توسلاتي لهم بأن يتركوني أعيش مع ابنائي، إلا أنهم لم يستجيبوا لي، وبعد وصولنا اكتشفت انني في محافظة صعدة اليمنية والجميع يعلم أنها معقل الميليشيات الحوثية، وهناك هددوني بالقتل ووصفوني بالخائن وهددوا بقتل ابنائي، وبعد مضي أربعة أيام تمكنت من الفرار وكنت أسيرا ولا اعلم الى أين أذهب كل ما كنت افكر فيه هو الابتعاد قدر الامكان عنهم، وفي منتصف الليل صادفت ثلاثة أشخاص من جنسية افريقية أخبروني أنهم في طريقهم للأراضي السعودية عبر طرق جبلية وعرة، حتى وصلنا الى هنا وتم القبض علينا من قبل الامن السعودي، ولكن لا اشعر بالخوف الآن فهنا ارحم من التعامل الذي كنت القاه عند ميليشيات الحوثي.

مصادرة واختطاف
ويروي عثمان (33 عاما) من الجنسية الافريقية قصته قائلا: لا أنكر انني اعمل في تهريب القات وأرفض تهريب أي شيء آخر، ولكن فوجئت انا ومجموعة من اصدقائي بطلب ميليشيات الحوثي منا، تهريب الحشيش المخدر واسلحة مقابل 500 دولار باتجاه الحدود السعودية والتجسس على المواقع الامنية في الحدود، فرفضنا عرضهم لأننا نعلم أن عواقب التهريب وخيمة، فهددونا بالسلاح وصادروا كميات القات التي كانت بحوزتنا، وقادونا الى منازل عديدة طوال أربعة ايام، وكانوا يهددون بقتلنا، حتى أنهم قتلوا رجلا لا نعرفه خارج الغرفة التي كنا مكبلين فيها، وبعد اربعة أيام ضربت طائرات التحالف المنطقة التي كنا محتجزين فيها ففر كل من يتبع لميليشيات الحوثي وقتل من قتل منهم فاستطعنا الفرار نحو الاراضي السعودية ولم نكن نفكر في شيء غير انهم لا يعثرون علينا مرة اخرى.

استغلال
ويؤكد عدنان محمد (44 عاما) أنه كان أحد المختطفين من ميليشيات الحوثي قائلا: كل ما تفعله الميليشيات هي محاولات لزعزعة الأمن داخل السعودية بأي طريقة من خلال استخدام عدد من المرتزقة الأفارقة، الذين يدخلون إلى الأراضي اليمنية، فتستغل أوضاعهم المالية الصعبة بإغرائهم ببعض المال، على أن يكون الهدف والمهمة المطلوبة منهم التسلل للحدود السعودية، وتهريب ما يمكن تهريبه من أسلحة أو مواد مخدرة.
واشار الى أن الحوثيين وأنصار صالح يتبعون تكتيكا آخر يتثمل في إرغام اليمنيين المتمسكين بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي على النزوح باتجاه الحدود السعودية، هربا من عملية الإرهاب التي يجيدها الانقلابيون الحوثيون وميليشياتهم تجاه السكان اليمنيين الأبرياء، وهو ما يجعل القوات العسكرية السعودية على الحدود تواجه المزيد من المتسللين والمهربين.

تطور أمني
أبو أحمد يمني الجنسية يقول: الأعداد التي تخرج من اليمن باتجاه الحدود السعودية كبيرة ولكن حرس الحدود السعودي تطور كثيرا في الآونة الأخيرة وبات تجاوز الحدود أمرا في غاية الصعوبة ويتطلب منا السير على الأقدام عبر الجبال والأودية مسافات طويلة للوصول إلى الأراضي السعودية ومن ثم الالتقاء مع بعض من يقومون بنقلنا بسياراتهم عبر طرق غير معروفة وبعيدة عن المدن والقرى وما يجبرنا على ذلك هو الفقر والحرب الدائرة في اليمن واستغلال ميليشيات الحوثي لكل من حولهم ما يدفعنا الى الهرب والنجاة من الموت.
وأضاف: قدمت للسعودية بهدف كسب الرزق ولأنني عرفت بصمتي في الجوازات السعودية سابقا فلن أتمكن من دخول البلاد بطريقة شرعية وليس أمامي خيار غير العمل في الخفاء والدخول عبر التسلل، وعلى شاكلتي كثير ممن يدخلون عبر الحدود مشيا على الأقدام ويكتفون بالوصول إلى المحافظات السعودية الحدودية لعدم تمكننا من المواصلة عبر التهريب إلى مدن أخرى لغلاء أسعار المهربين في الآونة الأخيرة وخطورة المغامرة في السفر إلى مدن أخرى بعيدة وأصبح الجميع يعلم ان جميع القوات الامنية في السعودية قوية جدا ولا يمكن تجاوزها بسهولة.

حوافز للتهريب
رئيس الفرقة الخامسة للمجاهدين في محافظة الحرث جابر المالكي، أوضح أن عملية التهريب والتسلل تتم عن طريق أفارقة مدربين بشكل كامل، وينقسمون إلى قسمين الأول يقوم بمسح الطريق ويعد قائدهم ويكون دائما يحمل سلاحا رشاشا لحماية المهربين، مشيرا إلى أن عملية تسللهم تكون بشكل متقن حيث تتم غالبا في المساء وتحت جنح الظلام متخفين بين الأشجار والأودية ويسلكون طرقا وعرة بل إنهم مدربون على التهريب واتباع خطوات قائدهم بالتوقف أو الجلوس والاختباء عند مشاهدته لأحد الكمائن التي يضعها أفراد المجاهدين دون التحدث فيما بينهم فمجرد أن يقوم القائد بالجلوس يقوم المهربون الذين خلفه بالجلوس أو الاختفاء دون أن يصدر منه أي أوامر وذلك حتى لا ينكشف أمرهم ويقبض عليهم، مؤكدا أن المهربين هم من يبادرون بإطلاق النار على فرق المجاهدين عند اكتشافهم ورصدهم وأن طريقة إطلاقهم النار تؤكد أنهم مدربون بشكل جيد ومتمرسون في استخدام الأسلحة.
وأشار المالكي الى أنهم في المركز في سباق يومي لمن يتمكن من القبض على أكبر عدد من المتسللين ويحبط أكبر كمية من المهربات.وقال: من خلال اعترافات المهربين أكدوا أن قائدهم الذي يقوم بمسح الطريق يستلم ما يقارب 35 ألف ريال، بينما المهربين والذين يحملون المهربات من الحشيش يستلمون في كل حملة 5 الاف ريال، مشيرا إلى أن من يقف وراء هذه العمليات من التهريب هي الميليشيات الحوثية والتي تقوم باختيار الأفارقة وتدريبهم في عمليات التهريب وتقديم الحوافز المالية لهم، بل وتقوم بدعمهم عند إيصالهم 100 بلاطة حشيش بمكافأتهم بـ100 بلاطة حشيش أخرى.